إيجارات المساكن تثقل كاهل العائلات الجزائرية

10 اغسطس 2017
يحلمون بسكن لائق (Getty)
+ الخط -



سنوات مضت وما زالت تتسلح بالصبر في انتظار مفتاح شقة الفرج، "فالسكن في الجزائر يعلّم الصبر"، كما تقول سيدة لرفيقتها وهما تنتظران دورهما لاستخراج وثيقة من الحالة المدنية من أجل إكمال وثائق ملفهما.

قصص كثيرة جاءت على لسانهما، وغيرها يرويها جزائريون أتعبهم الانتظار وأثقلت كاهلهم مصاريف الكراء في انتظار مفتاح شقة "الحياة"، كما وصفها العم السعيد، لـ"العربي الجديد".

يقول السعيد إنه وضع ما يفوق عشرين ملفا على مستوى البلدية من أجل الظفر بشقة أو الحصول على قرض من البنك يشترط أن تتجاوز الأجرة 300 يورو حتى يمكنه الاستفادة منه لدفع أقساط بيت عن طريق "الوعد بالبيع"، وهو الشرط الذي لا يستوفيه المتحدث "أنا مجرد موظف في مؤسسة حكومية، كما أن الانتظار كلفني سنوات من إيجار بيت لم يعد قادرا على احتواء جميع أفراد أسرتي المكونة من أربعة أشخاص".

السعيد ليس وحده من يشتكي من عجزه عن تأمين مصاريف الشقة "الحلم"، بالنظر للأجرة التي يذهب نصفها في الإيجار، بل يبقى ذلك هاجس الكثير من الجزائريين ذوي الدخل المحدود والمتوسط.

الإيجار يعني "رمي المال من النافذة "، تقول سمية لـ"العربي الجديد"، ففي نهاية كل سنة تدفع هي وزوجها مبلغا يتجاوز الـ1400 يورو لصاحب السكن، وبعد مرور عشر سنوات يصبح المبلغ هو قيمة بناء مسكن، تضيف المتحدثة، وهي تتحسر على تلك المبالغ التي تدفعها على إيجار سكن، بل إنها جربت كل الطرق لتحصل على سكن أو تقلص من المصاريف التي تدفعها على أمور إضافية حتى تتكمن من دفع المبلغ كاملا لصاحب البيت الذي لا ينتظر.


وفي الوقت الذي يشتكي فيه جزائريون من مصاريف الإيجار المرتفعة، يعقد الكثيرون أملا كبيرا في الحصول على سكن بصيغة البيع بالإيجار (عدل)، وهي الصيغة التي استفاد منها الآلاف في الجزائر، لكن بعد مضي عشر سنوات أو أكثر على وضع الملفات، وهو ما يعني أن المستفيدين والمحظوظين كانوا قد وزعوا أموالهم قبل تلك الفترة على سكن بالأجرة السنوية، بينما وصل أغلبهم حد اليأس من الحصول على السكن الذي عكفت الحكومة الجزائرية عليه  في إطار خطتها للقضاء على أزمة السكن العشوائية، مثلما وقع مع العشرات بل المئات من العائلات التي تنتظر اليوم الذي يتم فيه نشر أسماء المستفيدين من السكن في قوائم غالبا ما تنشرها مصلحة السكن على مستوى البلديات.

"هي رحلة الشتاء والصيف"، كما يقول نور الدين (47 سنة)، الذي انتظر 20 سنة كاملة حتى يرى أسرته تحصل على سكن يليق بمعيشة البشر، إذ وصف حالته ووضع أسرته التي كانت تقطن بعمارات "ديار الشمس"، بحي المدنية بقلب العاصمة الجزائرية، بالمزرية، حيث تسكن المئات من الأسر في تلك العمارات القديمة التي يعود بناؤها للفترة الاستعمارية، وهي عبارة عن غرفة ومطبخ فقط.

يقول لـ"العربي الجديد": "عليكم أن تتخيلوا حالتي أنا الذي بلغت هذا العمر ولم أتزوج بعد، اليوم حصلنا على سكن بأربع غرف، على الأقل سأستمتع بالنوم في الليل والعمل نهارا، لأننا في السابق كنا ننام بالدور، ومن حظنا أننا كنا نتضامن في ما بيننا".

هي حكايات كثيرة تلتف حول هدف واحد هو الحصول على سكن لائق لتبدأ رحلة البحث عن تحقيق طموح، كما يقول الهواري (23 سنة): "لا أرى في الأفق سوى العمل وفي أي مكان، فالمهم بالنسبة لي أن لا أكرر تجربة والدي مع إيجار بيت غير قار، حتى لا ينطبق علي ما وقع: من عاش مقهورا ومات وهو ينتظر الحصول على مفتاح شقة".