قال المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، اليوم الأحد، إن الأجهزة الأمنية الإيرانية حددت العناصر المتورطين في انفجار منشأة نطنز النووية، التي وقعت يوم الثاني من يوليو/تموز الماضي، من دون أن يكشف عما إذا كانت هؤلاء المتورطون قد اعتقلوا.
وفي الوقت ذاته، كشف كمالوندي أن حجم إنتاج بلاده من اليورانيوم المخصب أصبح يعادل الكمية التي كانت قبل التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015.
وأشار كمالوندي في حديثه للتلفزيون الإيراني إلى أن الأجهزة على علم بأسباب وقوع الانفجار والطريقة التي نفذت بها "العملية التخريبية"، موضحا أن التحقيقات بشأن هذا الانفجار مستمرة، رافضا الكشف عن المزيد من التفاصيل عندما سأله المذيع عما إذا كانت عناصر إيرانية تقف وراء الانفجار وفق سيناريو أجنبي.
وكان كمالوندي قد كشف لأول مرة خلال الشهر الماضي أن الانفجار الذي وقع في منشأة "نطنز" كان نتيجة "عملية تخريبية".
ومن جهة أخرى، كشف المتحدث الإيراني اليوم عن "عدد كبير من الهجمات السيبرانية التخريبية في المواقع الصناعية" الإيرانية، في معرض رده على سؤال بشأن احتمالية قيام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تجسس في إيران.
وقال في هذا الصدد: "تعرضنا لهجمات إلكترونية وعدد كبير من الهجمات التخريبية في مراكز صناعية، ونحن لدينا معرض عن هذه الهجمات. لكن لا يمكن نسبها كلها إلى المفتشين، وهناك احتمال لتورطهم".
"تعرضنا لهجمات إلكترونية وعدد كبير من الهجمات التخريبية في مراكز صناعية"
ويأتي حديث كمالوندي عن تحديد العناصر المتورطين في انفجار "نطنز"، فيما كشف المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين إسماعيلي، يوم الـ11 من أغسطس/آب الماضي، أن الأمن الإيراني قبض خلال الأيام الأخيرة على "5 جواسيس في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وهيئة الطاقة الذرية والصناعات وشركات إنتاج القطع المستخدمة في مجال الطاقة".
وفي اليوم نفسه، أعلنت وزارة الأمن الإيرانية ضبط خمس فرق تجسسية، قالت إنها كانت على علاقة باستخبارات أجنبية، مشيرة إلى أن "ضباط استخبارات أجنبية كانوا بصدد التجسس على مشاريع نووية وسياسية واقتصادية وعسكرية وبنيوية".
وأثار اعتقال الجواسيس في "الطاقة الذرية" الإيرانية والصناعات وشركات إنتاج القطع المستخدمة في مجال الطاقة" تكهنات بأن هؤلاء قد يكونون على صلة بواقعة الانفجار في "نطنز".
إلى ذلك، راجت خلال الشهر نفسه أنباء على شبكات التواصل الاجتماعي، نقلا عن قناة "الحرس الإلكتروني" على منصة "تليغرام"، أن صاحب شركة مقاولات عملت منذ سنوات مع مفاعل "نطنز" يقف خلف تفجير صالة تجميع أجهزة الطرد المركزي.
وذكرت القناة أن صاحب الشركة، الذي يدعى إرشاد كريمي، تمكن من خلال فريقه من تفجير صالة أجهزة الطرد المركزي حديثة الإنشاء، وهو ما "ألحق خسارة كبيرة بالصناعة النووية الإيرانية".
وتقول مواقع إيرانية إن كريمي كان مقاول بناء مختبر المفاعل، وشركته عملت في مجال تخصيب اليورانيوم. إلا أن السلطات الإيرانية لم تعلق رسميا على هذه الأنباء نفيا أو إثباتا.
وشهد مفاعل "نطنز" النووي، وهو أهم منشأة لتخصيب اليورانيوم في إيران، فجر الثاني من يوليو، انفجارا في إحدى صالاته لتجميع أجهزة الطرد المركزي المتطورة خلّف "خسائر كبيرة"، بحسب الطاقة الذرية الإيرانية، وسط تلميحات إسرائيلية وتقارير غربية عن ضلوع الاحتلال الإسرائيلي في الحادث.
وذكر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بعيد الحادث أن السلطات الأمنية الإيرانية وصلت إلى سبب وقوع الحادث، لكنه لم يكشف عنه لـ"اعتبارات أمنية"، إلا أن طهران لم تستبعد وقوف جهة أجنبية وراءه، لتهدد بـ"رد حاسم ومهم في حال ثبت تورط أي دولة أو كيان في حادث نطنز".
زيادة إنتاج اليورانيوم
وعلى صعيد متصل بالبرنامج النووي الإيراني، أكد المتحدث باسم الطاقة الذرية الإيرانية، اليوم الأحد، في حديث مع وكالة "إيسنا" الإيرانية، أن "الزمان يجري لمصلحة الأنشطة النووية" الإيرانية، كاشفا أن حجم الإنتاج الحالي لليورانيوم المخصب في إيران يعادل الحجم ذاته قبل التوقيع على الاتفاق النووي يوم الرابع عشر من يوليو/تموز 2015.
وأضاف أن بلاده تمتلك في الوقت الراهن "أكثر من 3 أطنان من اليورانيوم المخصب"، لافتا إلى إنتاجها "شهريا بين 250 إلى 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب".
وفي السياق، كشف عن تحقيقات لتطوير أجهزة الطرد المركزي الأكثر تقدما لتخصيب اليورانيوم، مشيرا إلى أن "أجهزة الجيل السادس والثامن والتاسع تخضع حاليا لمرحلة الاختبار لتحسين قدراتها وتطويرها".
كما أشار إلى زيادة إنتاج الكعكة الصفراء، وهي مسحوق يورانيوم مركز يستخدم وقودا للمفاعلات النووية، بعد إيقاف إيران القيود "العملياتية" المفروضة على برنامجها النووي خلال العامين الأخيرين ردا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، مضيفا: "كنا ننتج سنويا خلال تنفيذ الاتفاق 4 أطنان من الكعكة الصفراء، لكن اليوم ننتج 10 أطنان".
ترحيب بتقارير "الطاقة الذرية"
وفي جانب آخر من حديثه، أعلن كمالوندي ترحيب طهران بالتقارير التي أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي الإيراني، يوم الجمعة الماضي، رغم انتقاده لتسريب هذه التقارير إلى وسائل الإعلام، حيث قال إن "الإبقاء على سرية هذه التقارير هو جزء من اتفاق الدول الأعضاء مع الوكالة التي عليها أن تبدي حساسية تجاه الموضوع لتعهدها الأخلاقي والقانوني وتبحث عن حل لمنع تكراره".
وفي معرض رده عما إذا كانت إيران راضية عن المسار الذي تسلكه الوكالة الدولية لتنفيذ اتفاقها الأخير مع البلاد، قال المتحدث الإيراني: "حتى الآن هذا المسار وما تضمنته تقارير الوكالة أيضا جاء وفق توقعاتنا".
وخلال زيارة المدير العام الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي إلى إيران، أواخر الشهر الماضي، وهي الأولى له، توصلت إيران والوكالة الدولية إلى اتفاق سمح بتفتيش موقعين مشتبه بهما من قبل مفتشي الوكالة، بعد توتر بين الطرفين بهذا الشأن استمر طويلا وتصاعد خلال الأشهر الأخيرة.
إلى ذلك، وزعت الوكالة الدولية، في اجتماعها المنعقد يوم الجمعة الماضي، تقريرين حديثين على الدول الأعضاء بشأن البرنامج النووي الإيراني، كشف التقرير الأول عن قيام مفتشي الوكالة بزيارة أحد موقعين يشتبه بممارسة أنشطة نووية غير معلنة فيهما، مشيرا إلى أن المفتشين أخذوا عینات بیئیة من الموقع، في إشارة إلى عینات تھدف إلى الكشف عن آثار لمواد نوویة محتملة.
وأضاف التقریر أن مفتشي الوكالة سیزورون الموقع الآخر "في وقت لاحق في سبتمبر 2020، في موعد تم الاتفاق عليه بالفعل مع إیران لأخذ عینات بیئیة".
أما التقرير الثاني فيؤكد أن مخزون إیران من الیورانیوم منخفض التخصیب زاد 534 كیلوغراما في الربع الأخیر، لیصل إلى 2105.4 كیلوغرامات، ما يظهر أن مخزون إيران من اليورانيوم قد ازداد عشرة أضعاف الحد المسموح به في الاتفاق النووي، والبالغ 202.8 كيلوغرام.