واستهل اليوم الثاني للمؤتمر، أمس الأربعاء، أعماله بجلسة حول احتمالات الصدام العسكري بين إيران وإسرائيل، غداة قصف إسرائيل لموقع إيراني في الكسوة، جنوبي دمشق، مساء الثلاثاء، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه استهدف صواريخ كانت إيران نصبتها في الموقع ووجهتها لضرب إسرائيل ضمن الرد الإيراني المرتقب على قصف الطيران الحربي للاحتلال لقاعدة تيفور في إبريل/ نيسان الماضي.
لكن الجلسة التي شارك فيها على نحو بارز المسؤول الأميركي السابق في إدارة جورج بوش الابن، إليوت أبرامز، إلى جانب عاموس جلعاد والباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي سيم شاين، وهي نائبة وكيلة وزارة الشؤون الاستخباراتية سابقاً، عرّجت أيضاً على احتمالات الوصول إلى تسوية سياسية وحل سلمي لإشكالية، إذا شئنا التعبير، الوجود العسكري الإيراني في سورية.
والتقط أبرامز الخيط من حيث توقفت شاين، قائلاً إن الحل لا بد أن يكون سياسياً، ولكنه سيعكس، أو هكذا يفترض فيه، أن يعكس ميزان القوى على الأرض في سورية وارتباط ذلك بموازين القوى الإقليمية في المنطقة، خصوصاً أن إيران تعكف في العقد الأخير على بسط هيمنتها ولا تجد في مواجهتها حالياً سوى السعودية وإسرائيل.
وبحسب أبرامز، فإنه في سياق التوصل لمثل هذه التسوية ينبغي التساؤل هل هناك سياسة أميركية جديدة تقول بوجوب صد الهيمنة الإيرانية في المنطقة أم لا، وما هي حدود سياسة ترامب، وإلى أي حد يشمل هذا الحل مسألة بقاء النظام، ومن على رأسه، أي بشار الأسد. ولفت أبرامز إلى أن بقاء الأسد الشخص ليس حيوياً لروسيا لكنه حيوي لكل من إيران وحزب الله، وبالتالي فإن تحقيق غاية رحيل الأسد لن تتم بالمفاوضات بل بصدّ إيران على الأرض.
ووفقاً لأبرامز، فإن الأسد لم يعد صاحب الكلمة بل هو دمية تحركها إيران وحزب الله، مع ذلك فإن بقاءه على رأس النظام يمكن أن يكون ورقة في يد إسرائيل تلوح بها ويمكنها أن تهدد دائماً بإسقاطه وهذا ليس في صالح المصالح الإيرانية.
مقابل هذه الرؤيا التي قدمها كل من أبرامز وشاين، أصرّ رئيس مؤتمر هرتسليا عاموس جلعاد على أنه بما أن إيران مصممة على البقاء في سورية مقابل تمسك إسرائيل برفض هذا الوجود، فإن ذلك يعني أن الطرفين يسيران على مسار يفضي إلى صدام عسكري بينهما.
وكرر جلعاد مقولته إن الخروج الأميركي من سورية يتيح المجال أمام إيران وروسيا للتغلغل لتعبئة الفراغ، معتبراً أن حرب الولايات المتحدة ضد داعش على الأرض السورية تخدم إيران استراتيجياً وتعزز من قدرتها على التحكم بسورية.
وأجمع المشاركون في الجلسة على أن الرهان على تغيير النظام الإيراني من الخارج، في سياق تعزيز العقوبات الأميركية على إيران، هو رهان خاسر، لأن مثل هذا الأمر لن يتحقق. وبرأي شاين، فإن مثل هذه المحاولات ستزيد من اللحمة الداخلية في إيران بالرغم من وجود معارضة للنظام الإيراني الحالي، لأن الشعب الإيراني فخور ويملك عزة وكرامة تجعله يرفض سيناريوهات إسقاط النظام من الخارج.
وفي السياق، اعتبر المنسق السابق للرقابة على سلاح الدمار الشامل في البيت الأبيض، غاري سيمور، أن مثل هذه الرهانات لن يكون لها أمل، مشيراً إلى أن الإيرانيين كانوا قبل الاتفاق وسيكونون الآن أيضاً حذرين جداً في كل ما يتعلق بمشروعهم النووي، وهم لن يسارعوا إلى العودة لنشاطهم السابق حتى لا يعطوا ذريعة لا لرئيس الولايات المتحدة ولا لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ليتم استخدامها ضدهم. واعتبر أن سلاح المقاطعة ضد إيران لن يؤدي إلى إسقاط النظام أو تغييره.
ووفقاً لسيمور، فإن الخاسر من قرار ترامب هو جناح الرئيس الإيراني حسن روحاني، مقابل تعزيز قوة المتشددين في إيران بما في ذلك الحرس الثوري.
أما أبرامز، فاعتبر أن استخدام سلاح العقوبات لن يؤدي إلى نتائج أو يجعل إيران ترضخ لهذه العقوبات، فحتى لو دخلت في دائرة مفاوضات جديدة لكن هذه العملية لن تنجح. وبحسبه، فقد ينهار النظام خلال عام، وقد يبقى لعشرين عاماً أخرى.