إيران: لا خطوات أوروبية بعد وسننفد المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتنا النووية

31 يوليو 2019
ظريف: سننفد المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتنا (Getty)
+ الخط -
لم تمضِ سويعات على الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون بنظيره الإيراني، حسن روحاني، مساء أمس الثلاثاء، والذي استغرق ساعة وأربعين دقيقة، بحسب رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية، محمود واعظي، حتى أعلنت طهران مجدداً أنها لم تلمس بعد "أي خطوة عملية من أوروبا لتنفيذ تعهداتها تجاه الاتفاق النووي"، مهدّدة في الوقت نفسه، بالانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها النووية في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل.

تهديد "حازم"

وفي السياق، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تصريحات لوسائل الإعلام الإيرانية، اليوم الأربعاء، بعد اجتماع للحكومة، أوردها التلفزيون الإيراني، إنّ الدول الأوروبية "لم تنفذ حتى الآن تعهدات قطعتها على نفسها خلال مايو/أيار 2018"، أي بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، مضيفاً أن القناة "إنستكس" المالية التي دشنتها أوروبا في الثالث من الشهر الجاري، "خطوة تمهيدية لتنفيذ التعهدات الأوروبية، وهي أيضاً لم تقم بأي عملية مالية".

وشدّد ظريف على أنّه "في حال تفعيل القناة ينبغي أن يتم إدخال عوائد النفط إليها"، داعياً في المقابل إلى "أن لا تكون إنستكس أداة لتنفيذ التعليمات الأميركية، بحيث تصدر أميركا أوامر حول طبيعة عملها".

من جهة ثانية، أشار ظريف خلال حديثه إلى اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي المنعقد، الأحد الماضي، في فيينا على مستوى المديرين السياسيين للدول المشاركة في الاتفاق، قائلاً إنّ "نتيجة الاجتماع هي تأكيد أعضاء الاتفاق النووي على تعهداتهم، لذلك لنرى كيف سينفذونها".

غير أن وزير الخارجية الإيراني، شدد في الوقت ذاته، على أنه "في ظل الظروف الراهنة ومادامت الخطوات اللازمة لم تُنفذ، ستنفذ الجمهورية الإسلامية حتماً المرحلة الثالثة لتقليص تعهداتها النووية".

ورأى أنّ "ما قامت به أوروبا حتى اللحظة لا يتناسب أبداً مع تعهداتها وتوقعاتها أيضاً"، مشيراً إلى أن هذه التعهدات "التي قطعتها أوروبا على نفسها وأعلنتها، هي في مجالات بيع نفط إيران، ونقلها وعودة عوائدها إلى داخل إيران".

وأضاف ظريف أن بلاده "تكتفي حالياً بتنفيذ هذا المقدار من التعهدات وتتجاوز موضوع تطبيق بقية تعهداتها مثل الاستثمار في إيران".

وجاء تهديد ظريف "الحازم" بتنفيذ بلاده مرحلة جديدة من وقف تعهدات نووية، قطعتها طهران على نفسها بموجب الاتفاق النووي، عام 2015، بعد أن أجرى ماكرون، مساء الثلاثاء، اتصالاً هو الثالث من نوعه مع روحاني خلال أقل من شهر، والرابع خلال الشهرين الأخيرين، في إطار جهود تبذلها فرنسا بحثاً عن حلول لإنقاذ الاتفاق النووي.


روحاني لماكرون: أوروبا ضيعت فرصاً كثيرة

وانتقد الرئيس الإيراني خلال الاتصال، السياسات الأوروبية تجاه الاتفاق النووي، قائلاً إن "أوروبا ضيعت فرصاً كثيرة للعمل بتعهداتها والتعاون مع إيران"، مشيراً إلى أن "إقامة علاقات اقتصادية طبيعية في المجالين النفطي والمصرفي هي الخطوة الأولى لأوروبا لتنفيذ تعهداتها المتوقعة من إيران".

وأضاف روحاني أن "الهدف من الاتفاق النووي كان إقامة علاقات اقتصادية طبيعية مع بقية الدول"، لافتاً إلى أنه بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ "وعلى الرغم من التزام إيران بكامل تعهداتها إلا أنها لم تحصل إلا على جزء زهيد من منافعها الاقتصادية".

ومضى قائلاً إنه "بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، لم نلمس أي خطوة جادة من أوروبا، بل إن شركات أوروبية انسحبت من إيران، امتثالاً للعقوبات الأميركية الأحادية".

وقدم الرئيس الإيراني هذه السردية ليؤكد أنه "لم يعد مقبولاً للشعب الإيراني أن تنفذ طهران كامل تعهداتها، بينما الطرف الآخر لا يلتزم بأدنى تعهداته."

ودعا روحاني أوروبا إلى "تأسيس خط ائتمان" للتجارة مع إيران، معتبراً أن ذلك "يمكن أن يشكل مقدمة هامة" لتنفيذ الدول الأوروبية "تعهداتها تجاه الاتفاق النووي".

وأكد في الوقت نفسه، أنّه "كلما يمضي الوقت أكثر فأكثر وتنفذ إيران خطواتها المقبلة لتقليص تعهداتها النووية، كلما يصعب أكثر العودة إلى الوراء للطرفين".

لكنه أشار إلى أن "الخطوات التي اتخذتها إيران حتى هذه المرحلة، تكون على نحو يمكن أن تعود عنها سريعاً في حال تم تأمين منافعها الاقتصادية من قبل أوروبا".


فرنسا تبحث عن حلول

وبدوره، قال الرئيس الفرنسي خلال اتصاله الهاتفي مع روحاني إن "فرنسا ستبذل كامل جهدها في سبيل تأمين منافع إيران من الاتفاق النووي وإقامة علاقات اقتصادية طبيعية لها مع بقية الدول"، وفقاً لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية.

ووصف ماكرون العقوبات الأميركية على إيران بأنها "أحادية وغير مقبولة"، مضيفاً أن "أوروبا وعلى الرغم من هذه العقوبات تبحث عن حلول لإقامة علاقات اقتصادية مع إيران، منها تأسيس خط ائتمان".

ودعا ماكرون إلى بذل جهود "لتجاوز هذه الظروف"، مشيراً إلى أن علاقات بلاده مع إيران "مبنية على ثقة متبادلة".

كما أكد على "ضرورة "المزيد من التعاون والتسريع في إيجاد الحلول المناسبة والعادلة لخفض التوترات في المنطقة والتوصل إلى نتيجة إيجابية".

وفي الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في الثامن من مايو الماضي، أعلنت إيران عن قرارات "مرحلية" لتخفيض تعهداتها النووية، ونفذت إلى الآن مرحلتين منها، أوقفت فيهما تعهدات طاولت إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة وكذلك رفع مستوى تخصيب اليورانيوم، مع منح مهل مدة كل منها ستين يوماً.

وفي السابع من الشهر الجاري، وأثناء تدشين المرحلة الثانية، منحت مهلة الستين يوماً الثانية، قبل الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثالثة في انتهاء المهلة بالسابع من سبتمبر/أيلول المقبل. ولم تكشف طهران عن الخطوات التي ستتخذها خلال هذه المرحلة، وسط تهديدات في الآونة الأخيرة، بأنها قد ترفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 20 في المائة.