منذ اليوم الثاني للإضراب، قررت أم علي اهليل (62 عاما) أن تشارك المعتصمين في خيمة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين، التي نُصبت في ساحة كنيسة المهد، وسط مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة.
رغم حالتها الصحية الصعبة والأمراض التي تعاني منها، ستواظب أم الأسير علي أبو اهليل، من بلدة الدوحة وسط بيت لحم، على الاعتصام في الخيمة بشكل يومي حتى يرضخ الاحتلال لمطلب نجلها المضرب عن الطعام ورفاقه الأسرى في السجون، وانتصارهم على السجّان.
أمضى علي 14 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من أصل 22 مؤبدا. ورغم اعتقاله فتى يافعا في التاسعة عشرة من عمره بتهمة المشاركة في عمليات مقاومة ضد الاحتلال، وسنوات حكمه الطويلة، إلا أن أمل الإفراج عنه ورؤيته لا يغيب عن أمه التي تخشى أن تفارق الحياة من دون أن تراه.
تصلي أم علي صلاة الظهر في خيمة صغيرة بجانب خيمة الاعتصام الرئيسية، وعقب انتهائها ترفع يديها إلى السماء وتردد دعوات بأن يقف الله معها ومع ابنها المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال، ولبقية السجناء، وأن تتحقق مطالبهم التي تراها مشروعة ومنطقية وتكفلها جميع قوانين العالم الإنسانية.
"خايفه أموت قبل ما أشوفه"، تقول هذه الكلمات لـ"العربي الجديد" ويظهر عليها الخوف والقلق، تُقلقها تلك العبارة، وتتمسك بالحياة أكثر، وتتمنى خلال حديثها أن يحقق الله لها مطلبها ويفرج عن ابنها علي ويمقضي ما تبقى لها من العمر معها.
تصف الأم المسنّة مطالب الأسرى الفلسطينيين بالمنطقية والعادلة، وتقول: "في السابق كنا نزوره جميعا مرتين في الشهر، وفي السنوات الأخيرة قلّت الزيارات ورفضنا أمنيا، وزرته في العام الماضي أربع مرات فقط".
لم تر أم علي ابنها منذ ثلاثة أشهر، وتحلم به كثيرا. ورغم قلقها عليه، إلا أنها تؤمن بعناده وقوة شخصيته، التي ستجعله يهزم السجان ويصر على مطالبه مع بقية الأسرى حتى تحقيقها. ورغم 14 عاما من بُعده عنها، تُصر هي الأخرى على مواصلة مسيرها في التضامن معه حتى يُفرج عنه.
40 دقيقة هي المدة التي مرّت عليها كلمح البصر حين زارته في المرة الأخيرة. الزجاج يعزل الصوت، وصوت الهاتف الذي تسمع صوته عبره مشوش جدا، "لم أفهم ماذا كان يقول"، وتتمسك بمطلب قيادة الإضراب في السجون أن تزيد المدة إلى ساعة ونصف، وأن يكون اللقاء وجها لوجه، وألا يُحرم أبناؤها الأحد عشر من رؤية شقيقهم.
ومع دخول الإضراب يومه السابع، يمر الليل على أم علي بصعوبة، تارة تبكي فيه، وتارة تصلي وتواظب على الدعاء، وتتمسك بالأمل في أن تراه عبر صفقة من هنا أو هناك، "الأمل بالله لا ينقطع".
وجّهت أم علي رسالة إلى أصحاب القرار، والمسؤولين الفلسطينيين، وقادة الفصائل الفلسطينية، وحتى دول العالم والمجتمع الدولي، بأن يكونوا وسيلة ضغط على سلطات الاحتلال للاستجابة لمطالب الأسرى كافة، والعمل على إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى أحضان أمهاتهم.
في كل ليلة، تبقى أم علي في انتظار عودة ابنها الأصغر إلى المنزل. هذه هي الأمنية التي تتمنى من الله أن يحققها لها قبل وفاتها، وتلك الأم تريد أن تفرح بنجلها وتزوّجه وترى أحفادها قبل الممات.