وتنشط في المرحلة الحالية الجهود لإيجاد خطة بديلة لمسودة اتفاق "بريكست" الذي وقعت عليه الدول الأوروبية يوم الأحد الماضي، ويتوقع أن يرفضه البرلمان البريطاني. وبينما يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، الخيار البديل لاتفاق "بريكست"، برزت احتمالات أخرى، أبرزها التوجه إلى الشارع البريطاني في استفتاء جديد.
في هذه الأثناء، تنظر المحكمة الأوروبية في قدرة بريطانيا قانونياً على تمديد المادة 50، التي خرجت بريطانيا بموجبها من الاتحاد الأوروبي، والتي تحدد أيضاً موعد "بريكست".
النموذج النرويجي
وفي سياق البحث عن بدائل في حال فشل خطة ماي في البرلمان البريطاني، تقدم عدد من الوزراء البريطانيين أمس الإثنين بخطة بديلة مبنية على النموذج النرويجي، حيث تبقى بريطانيا عضواً في السوق المشتركة والاتحاد الجمركي الأوروبيين.
ويسعى عدد من الوزراء المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي، مثل ليدنغتون وفيليب هاموند وآمبر رود، لإقناع رئيسة الوزراء بتبنّي هذه الخطة كخطةٍ بديلة، عوضاً عن سيناريو عدم الاتفاق المطروح حالياً كبديلٍ لخطة ماي، في حال رفضها من البرلمان البريطاني.
وتتقاطع هذه الخطة المقترحة مع مطالب حزب العمال البريطاني، وخاصة لجهة البقاء في اتحاد جمركي دائم مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يمكنها من الحصول على دعم مجلس العموم.
وكانت حملة سياسية تدعو لتبني بريطانيا النموذج النرويجي قد نالت المزيد من الدعم خلال الأيام الماضية، عندما لمح الحزب القومي الإسكتلندي والحزب الاتحادي الديمقراطي إلى احتمال دعمهما لهذا الخيار. ويُذكر أن كلاً من إسكتلندا وإيرلندا الشمالية قد صوتتا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016.
حكومة ماي: رفض إعادة التفاوض
وقال ليدنغتون، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية، إن منتقدي خطة "بريكست" في صفوف حزب المحافظين أو في المعارضة، مخطئون، معتبراً أنه "لا مغزى من إرسال المفاوضين مجدداً، عندما يقول الطرف الآخر بوضوح إن هذه هي الصفقة المطروحة، وإن هذا هو الخيار المتاح". وأكد أنه لا يرى أن تمديد المادة 50 "سيقودنا إلى أيّ نتيجة. لقد كان الاتحاد الأوروبي واضحاً جداً في موقفه".
وجاءت تصريحات ليدنغتون أيضاً، في وقت انتقد فيه وزير الدفاع البريطاني السابق مايكل فالون، وهو من الموالين لماي، اتفاق "بريكست"، مطالباً بتأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حتى التوصل إلى اتفاق أفضل "يحمي التجارة السلسة مع الاتحاد الأوروبي، ويسمح لبريطانيا بإبرام اتفاقيات تجارية مع أطراف ثالثة".
كما قال فالون إن طلب الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل أن تحسم الحكومة البريطانية أمرها حيال شكل "بريكست" الذي تريد، "كان خاطئاً"، مضيفاً أن "هذه الصفقة ليست جيدة، ونحتاج لصفقة أفضل، وإن أمكن لنرسل المفاوضين إلى بروكسل لشهرين أو ثلاثة، أو تأجيل موعد الخروج من الاتحاد لشهرين أو ثلاثة"، معرباً عن اعتقاده أن القيام بمثل هذه الخطوة "يصب في مصلحة البلاد على المدى الطويل".
ورأى فالون أنه كان "خطأ من البداية أن نفتتح المفاوضات قبل أن تمتلك الحكومة موقفاً متفقاً عليه كلياً حول ما نريد".
كذلك، فقد جاءت تصريحات ليدنغتون رداً على ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من أن صفقة بريكست الحالية "تفيد الاتحاد الأوروبي، وستكون ضارة لأي اتفاق تجاري بين بريطانيا والولايات المتحدة".
ورداً على ذلك، قال ليدنغتون "لقد قال الرئيس ترامب دائماً أنه سيضع أميركا أولاً. أتوقع من رئيسة الوزراء البريطانية أن تضع المصالح البريطانية أولاً، ولكنها ستكون مفاوضات صعبة".
إلا أن فالون رفض التقليل من أهمية تصريحات ترامب معتبراً أنه "ليس مجدياً التجاهل والقول إنه بإمكاننا التوصل لاتفاق مع أميركا. إنه رئيس الولايات المتحدة، وإذا قال إنها ستكون صعبة، فإنها ستكون كذلك".
وفي الوقت ذاته، تبحث محكمة العدل الأوروبية في قدرة بريطانيا على تمديد موعد "بريكست" من جانب واحد، من خلال تمديد المادة 50، التي باشرت بريطانيا عملية خروجها من الاتحاد الأوروبي بموجبها.
وكان عدد من النواب البريطانيين والأوروبيين قد تقدموا بطلب لبحث قدرة لندن على وقف "بريكست" من دون العودة إلى دول الاتحاد، بينما كان المجلس الأوروبي قد نفى استطاعة بريطانيا القيام بمثل هذه الخطوة، مؤكداً على ضرورة أن توافق دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع عليها.