اتفاق إيراني أميركي أم إعلان حرب؟
أخيراً، تم توقيع الاتفاق بين إيران و"شيطانها الأكبر" الأميركي المحاط بـ "صبيانه الأوروبيين" لتأهيلها عضواً جديداً في النادي النووي الدولي، وسط غضب بعض العرب وعجز آخرين، وتلهّي بعضهم برهاب الإسلام السياسي، وانشغال آخرين بمعاركهم الداخلية ضد شعوبهم، وترحيب بعض أخير بانتصار سيدهم الإيراني، وقد طلقتهم العروبة وأحيانا الإسلام بالثلاث. لكن، ما يجمع كل هؤلاء هو عهد "الشرف... والسلطة" الذي قطعوه "لصديقهم الأكبر" الأميركي، وصبيانه الأوروبيين، بعدم اقتراب بلادهم من النادي النووي.
ويبدو أن عهد الشرف "العربي - التركي" هذا لم يكف الرئيس باراك أوباما صاحب الرسائل السرية إلى ولي الفقيه، فقد أخذ على نفسه عهد "شرف" لحظة تولى الرئاسة الأميركية بترسيخ حلف جديد بينه وبين إيران يأخذ في الاعتبار مصالحهم الاقتصادية والسياسية في المنطقة، والمتمثلة في بسط نفوذهم "المذهبي" المباشر على بعض العرب، وبسط نفوذ الرعب على بعض آخر، ليقوم الصديق الأكبر بدور الحامي، لابتزازهم اقتصاديا وسياسيا في بالوعة الرهاب والعجز الذاتي.
ربما أجل الاتفاق النووي القنبلة النووية الإيرانية، لكنه أعطى طهران ثمارها الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية، قبل أن ترى النور، فقد كانت وستظل لاحقا، فترة طويلة، ورقة ابتزاز رابحة في كل الملفات والحروب. ومن دون الخوض في كل تفاصيل الاتفاق، تكفي الخطوط العريضة لبيان أنه اتفاق رابح لإيران، بدأ برفع حظر السلاح (ولو بعد حين)، مرورا بتخصيب اليورانيوم وبيعه وبيع تقنياته، وصولاً إلى الأهم المتمثل في رفع العقوبات الاقتصادية عن المؤسسات والأشخاص، تمهيدا لإعادة تأهيلهم دوليا، والأهم الإقرار بمطامعهم ومقارباتهم وسياستهم المدمرة في المنطقة، وتأمين التمويل لها.
بعيدا عن "الأسطورة" السخيفة عن رغبة أوباما في إنهاء ولايته باتفاق يقلّم مخالب إيران النووية، يمكن عمليا تفسير اللهفة الغربية (ولهفة أوباما شخصياً) لهذا الاتفاق في أمرين: أولهما أن أوباما وصبيانه الأوروبيين يقدّرون "البلطجة والإرهاب"، ويخضعون أو يتعاونون معها في حالات محددة، كما يحصل مع إيران وأذنابها في العراق علناً، بعد إهدائه لإيران بعد إسقاط صدام حسين، وكما يحصل، في محاولاتهم، لإعاقة عاصفة الحزم في اليمن، وكما يحصل في إطلاق يد إيران في لبنان. وأخيراً، كما يحصل في سورية بالسكوت والتشجيع الضمني لتدخل إيران وعشرات الآلاف من أدواتها، والتعاون مع حزب العمال الانفصالي الإرهابي الكردي، وإعاقة تسليح المعارضة لمنعها من إسقاط النظام عسكريا، ورفض إنشاء مناطق آمنة، لضمان استمرار قصف النظام للمدنيين "لإقناعهم بالحل السياسي" الحالي الذي يعيد، عملياً، إنتاج الحكم الطائفي في سورية، ولمنع قيام بنية إدارية بديلة في المناطق المحررة، ليبقى الخيار المطروح "داعش والقاعدة أو النظام الأسدي". وأخيراً، لمعاقبة السوريين لثورتهم على نظام طائفي أسدي خدماتي بامتياز، قدم خدماته القذرة، عقوداً، لكل زبون غربي أو إسرائيلي على حساب الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين والعرب والمسلمين، السنة خصوصا.
الأمر الثاني لتفسير لهفة أوباما للاتفاق النووي، وبشكل أدق "مقدمات النصر الإيراني الاستراتيجي"، فيكمن في أن الغرب، وأوباما شخصياً، يرون في ملالي إيران شركاء استراتيجيين في المنطقة، مثل إسرائيل بل أكثر، فسكوت الغرب عن سياسات هؤلاء لتفجير المنطقة مذهبياً، وتعاونهم في مفاصل عديدة، بشكل مباشر أو غير مباشر معهم، يعني تأييدهم لها. بمعنى آخر، هم يشاركون ضمناً ملالي إيران عداءهم المذهبي والطائفي "التاريخي" للعرب والأتراك، باعتبارهم يمثلون "الإسلام السني" في استمرار لصراع تاريخي غربي - إسلامي، استخدمت فيه الأقليات المذهبية والعرقية في المنطقة (بمن فيهم بعض الشيعة) حليفاً وأداةً غربية فيه.
ليس الاتفاق النووي الإيراني الغربي ونتائجه السبب في كل الكوارث التي حصلت، أو التي ستحصل، لكنه رأس لجبل جليدٍ يجري زرعه تحت سطح المنطقة بإصرار، منذ تولى أوباما الرئاسة الأميركية، جبل جليدٍ يراد أن تصطدم به كل إمكانية لنهوض سياسي أو اقتصادي "سني"، عربي أو تركي، جبل جليدٍ تمثل في سياسة أوباما لوضع أسس تحالف استراتيجي غربي أميركي مع إيران، يراعي مصالح الطرفين على حساب الأصدقاء التاريخيين للأميركيين في المنطقة، عربا وأتراكاً، حتى لو كان الثمن تفجير المنطقة، تحالف يستميت أوباما لترسيخه، ليصعب تعطيله بعد رحيله عن البيت الأبيض. أما الأوروبيون فمجرد "كومبارس"، عملاق اقتصادي وقزم سياسي تابع للأميركيين نتيجة انقسامهم وترددهم كعادتهم، فها هم الفرنسيون (ومن خلفهم الألمان) مثلا يتراجعون، في اليوم الأخير للمفاوضات، ونتيجة ضغوط أميركية، يتراجعون عن شروطهم المبدئية التي عطلت سابقا اتفاق "أوباما - خامنئي".
ستكون نتائج هذا الاتفاق الإيراني الغربي، المباشرة والسريعة، رفع العقوبات الاقتصادية وضخ المال في الآلة المذهبية الإيرانية، لإنقاذ حلفائها وتغذية حروبها لتفجير ما تبقى من المنطقة، وزيادة القتل والدمار والمعاناة للسوريين والعراقيين واليمنيين، والوصول بسرعة إلى تفجير حرب أهلية، باتت شبه حتمية في لبنان. أما النتائج الاستراتيجية للحلف "الأميركي الغربي الإيراني" الجديد فستكون إعادة رسم الحدود في المنطقة، وفقا لسياسات تطهير عرقي ومذهبي كارثية، سعيا إلى إخضاع سورية واليمن، بعد العراق ولبنان، للنفوذ الإيراني المباشر، ووضع دول الخليج العربي والأردن تحت الوصاية الأميركية الكاملة، لابتزازهم اقتصاديا وسياسياً تمهيدا لتقسيمٍ وفق المصالح الإيرانية، وأخيرا زعزعة استقرار تركيا، تمهيداً لإضعافها، أو تقسيمها مذهبيا وعرقيا. ولا ننسى ترسيخ قبضة الملالي على إيران، لأجلٍ طويل، على حساب أي تغيير سياسي ممكن فيها.
باختصار، الاتفاق النووي بين إيران والغرب يمكن تغيير عنوانه إلى "تمويل الحروب المذهبية لملالي إيران، وأدواتهم الطائفيين في المنطقة، لقتل المزيد من السوريين والعراقيين واليمنيين، وإعلان أولي عن قيام تحالف غربي إيراني، أعمق من مجرد اتفاق حول البرنامج النووي، يهدف إلى إضعاف تركيا وإخضاع عرب المنطقة لنفوذ ملالي إيران"، أما الرد العربي والتركي بعيدا عن اللطم والعويل، فقصة أخرى.
ربما أجل الاتفاق النووي القنبلة النووية الإيرانية، لكنه أعطى طهران ثمارها الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية، قبل أن ترى النور، فقد كانت وستظل لاحقا، فترة طويلة، ورقة ابتزاز رابحة في كل الملفات والحروب. ومن دون الخوض في كل تفاصيل الاتفاق، تكفي الخطوط العريضة لبيان أنه اتفاق رابح لإيران، بدأ برفع حظر السلاح (ولو بعد حين)، مرورا بتخصيب اليورانيوم وبيعه وبيع تقنياته، وصولاً إلى الأهم المتمثل في رفع العقوبات الاقتصادية عن المؤسسات والأشخاص، تمهيدا لإعادة تأهيلهم دوليا، والأهم الإقرار بمطامعهم ومقارباتهم وسياستهم المدمرة في المنطقة، وتأمين التمويل لها.
بعيدا عن "الأسطورة" السخيفة عن رغبة أوباما في إنهاء ولايته باتفاق يقلّم مخالب إيران النووية، يمكن عمليا تفسير اللهفة الغربية (ولهفة أوباما شخصياً) لهذا الاتفاق في أمرين: أولهما أن أوباما وصبيانه الأوروبيين يقدّرون "البلطجة والإرهاب"، ويخضعون أو يتعاونون معها في حالات محددة، كما يحصل مع إيران وأذنابها في العراق علناً، بعد إهدائه لإيران بعد إسقاط صدام حسين، وكما يحصل، في محاولاتهم، لإعاقة عاصفة الحزم في اليمن، وكما يحصل في إطلاق يد إيران في لبنان. وأخيراً، كما يحصل في سورية بالسكوت والتشجيع الضمني لتدخل إيران وعشرات الآلاف من أدواتها، والتعاون مع حزب العمال الانفصالي الإرهابي الكردي، وإعاقة تسليح المعارضة لمنعها من إسقاط النظام عسكريا، ورفض إنشاء مناطق آمنة، لضمان استمرار قصف النظام للمدنيين "لإقناعهم بالحل السياسي" الحالي الذي يعيد، عملياً، إنتاج الحكم الطائفي في سورية، ولمنع قيام بنية إدارية بديلة في المناطق المحررة، ليبقى الخيار المطروح "داعش والقاعدة أو النظام الأسدي". وأخيراً، لمعاقبة السوريين لثورتهم على نظام طائفي أسدي خدماتي بامتياز، قدم خدماته القذرة، عقوداً، لكل زبون غربي أو إسرائيلي على حساب الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين والعرب والمسلمين، السنة خصوصا.
الأمر الثاني لتفسير لهفة أوباما للاتفاق النووي، وبشكل أدق "مقدمات النصر الإيراني الاستراتيجي"، فيكمن في أن الغرب، وأوباما شخصياً، يرون في ملالي إيران شركاء استراتيجيين في المنطقة، مثل إسرائيل بل أكثر، فسكوت الغرب عن سياسات هؤلاء لتفجير المنطقة مذهبياً، وتعاونهم في مفاصل عديدة، بشكل مباشر أو غير مباشر معهم، يعني تأييدهم لها. بمعنى آخر، هم يشاركون ضمناً ملالي إيران عداءهم المذهبي والطائفي "التاريخي" للعرب والأتراك، باعتبارهم يمثلون "الإسلام السني" في استمرار لصراع تاريخي غربي - إسلامي، استخدمت فيه الأقليات المذهبية والعرقية في المنطقة (بمن فيهم بعض الشيعة) حليفاً وأداةً غربية فيه.
ليس الاتفاق النووي الإيراني الغربي ونتائجه السبب في كل الكوارث التي حصلت، أو التي ستحصل، لكنه رأس لجبل جليدٍ يجري زرعه تحت سطح المنطقة بإصرار، منذ تولى أوباما الرئاسة الأميركية، جبل جليدٍ يراد أن تصطدم به كل إمكانية لنهوض سياسي أو اقتصادي "سني"، عربي أو تركي، جبل جليدٍ تمثل في سياسة أوباما لوضع أسس تحالف استراتيجي غربي أميركي مع إيران، يراعي مصالح الطرفين على حساب الأصدقاء التاريخيين للأميركيين في المنطقة، عربا وأتراكاً، حتى لو كان الثمن تفجير المنطقة، تحالف يستميت أوباما لترسيخه، ليصعب تعطيله بعد رحيله عن البيت الأبيض. أما الأوروبيون فمجرد "كومبارس"، عملاق اقتصادي وقزم سياسي تابع للأميركيين نتيجة انقسامهم وترددهم كعادتهم، فها هم الفرنسيون (ومن خلفهم الألمان) مثلا يتراجعون، في اليوم الأخير للمفاوضات، ونتيجة ضغوط أميركية، يتراجعون عن شروطهم المبدئية التي عطلت سابقا اتفاق "أوباما - خامنئي".
ستكون نتائج هذا الاتفاق الإيراني الغربي، المباشرة والسريعة، رفع العقوبات الاقتصادية وضخ المال في الآلة المذهبية الإيرانية، لإنقاذ حلفائها وتغذية حروبها لتفجير ما تبقى من المنطقة، وزيادة القتل والدمار والمعاناة للسوريين والعراقيين واليمنيين، والوصول بسرعة إلى تفجير حرب أهلية، باتت شبه حتمية في لبنان. أما النتائج الاستراتيجية للحلف "الأميركي الغربي الإيراني" الجديد فستكون إعادة رسم الحدود في المنطقة، وفقا لسياسات تطهير عرقي ومذهبي كارثية، سعيا إلى إخضاع سورية واليمن، بعد العراق ولبنان، للنفوذ الإيراني المباشر، ووضع دول الخليج العربي والأردن تحت الوصاية الأميركية الكاملة، لابتزازهم اقتصاديا وسياسياً تمهيدا لتقسيمٍ وفق المصالح الإيرانية، وأخيرا زعزعة استقرار تركيا، تمهيداً لإضعافها، أو تقسيمها مذهبيا وعرقيا. ولا ننسى ترسيخ قبضة الملالي على إيران، لأجلٍ طويل، على حساب أي تغيير سياسي ممكن فيها.
باختصار، الاتفاق النووي بين إيران والغرب يمكن تغيير عنوانه إلى "تمويل الحروب المذهبية لملالي إيران، وأدواتهم الطائفيين في المنطقة، لقتل المزيد من السوريين والعراقيين واليمنيين، وإعلان أولي عن قيام تحالف غربي إيراني، أعمق من مجرد اتفاق حول البرنامج النووي، يهدف إلى إضعاف تركيا وإخضاع عرب المنطقة لنفوذ ملالي إيران"، أما الرد العربي والتركي بعيدا عن اللطم والعويل، فقصة أخرى.