يسير التنسيق الأمني والعسكري التركي والأميركي حيال ملفات المنطقة، وتحديداً في سورية، بخطى متسارعة. فبعد أن تم في وقت سابق من الشهر الماضي تكريم قائد القوات البرية التركية، الجنرال خلوصي أكار، في العاصمة الأميركية واشنطن، بمنحه وسام الاستحقاق من قبل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، توصلت كل من أنقرة وواشنطن، بعد تسعة أشهر من المفاوضات، إلى اتفاق ثنائي حول تدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة. التفاهم أكده المتحدث باسم الخارجية التركية، تانغو بيلغيج، بعد أن أوضح في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة أنقرة، أن توقيع الاتفاق سيجري في الولايات المتحدة قريباً.
ويزور وزير الدفاع التركي، عصمت يلماز، واشنطن، حيث يلتقي مجموعة من المسؤولين الأميركيين على هامش القمة التي ينظمها البيت الأبيض حول التطرف والعنف.
وبحسب بيلغيج، فإن الخطوات العملية على الأرض ستبدأ خلال أقل من شهر على توقيع الاتفاق، أي بما يتوافق مع المعلومات السابقة التي أكدت أنّ برنامج تدريب المعارضة السورية سيبدأ في مارس/آذار المقبل، من دون أن يدلي بمزيد من المعلومات حول التفاهمات الجديدة بين الطرفين.
في غضون ذلك، أكدت مصادر دبلوماسية وعسكرية تركية أن رئيس قسم العمليات في رئاسة الأركان التركية، الجنرال إردال أوزتورك، يمثل الجانب التركي في الاجتماعات التي بدأت أمس، وعلى مدى يومين، في السعودية، ومن الممكن أيضاً أن ينضم له رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال نجدت أوزيل.
وأوضحت مصادر دبلوماسية أن الاجتماعات التي ستعقد في مدينة جدة ستكون ذات أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا، ولا سيما أن "تدريب وتسليح قوات المعارضة المعتدلة السورية" سيكون أحد المواضيع المطروحة على الطاولة في مناقشة استراتيجية التحالف ضد "داعش". كما سيقرر أعضاء التحالف إمكانية استخدام القوة العسكرية البرية ضد التنظيم، لكن مع قيود على مشاركة القوات القتالية الأميركية.
وعلمت "العربي الجديد" أن الاجتماعات ستناقش أيضاً الدور التركي المحتمل لمساندة أي عمليات خاصة قد تجرى ضد التنظيم ضمن الأراضي السورية والعراقية، والتجهيزات والخطط العسكرية التي سيتم اتخاذها لاستعادة الموصل العراقية من سيطرة "داعش"، وأيضاً التدابير العسكرية التي يجب اتخاذها لمنع تدفق المزيد من المقاتلين الأجانب الأوروبيين وغيرهم إلى دول الجوار للانضمام إلى التنظيم.
وتمحورت الخلافات التركية الأميركية في وقتٍ سابق حول ثلاثة محاور أساسية: أوّلها الجهة التي ستحاربها هذه القوات المدرّبة. ففي الوقت الذي كانت تصرّ فيه الإدارة الأميركية على أن تكون قوات "داعش" الهدف الرئيسي، أرادت تركيا أنّ تضيف قوات النظام السوري إلى اللائحة، إذ أشار مصدر دبلوماسي تركي، رفض الكشف عن اسمه، إلى أن الطرفين المفاوضين توصلا في النهاية إلى معادلة فحواها "ترك هذا السؤال بدون إجابة خارج الاتفاقية".
وتعلّق الخلاف الثاني، وفق المصدر نفسه، حول "هوية أولئك الذين سيتمّ تدريبهم، إذ تصرّ الإدارة الأميركيّة على اختيار عدد من المقاتلين التي تراهم من الموثوقين، بحسب وجهة نظرها، فيما لا تزال أنقرة تحاول أن تدفع نحو تدريب جميع قوات الجيش السوري الحر وتسليحهم كجزء من الصفقة. وترى أنّهم قد كسبوا الكثير من الخبرة خلال 3 سنوات من القتال، ما يقلّل الوقت الذي سيحتاجونه للتدريب".
وشكّلت نوعيّة الأسلحة التي سيتم تقديمها مادة خلافية أخرى، إذ كانت الإدارة الأميركية تخشى أن يوجّه المقاتلون الذين ستقوم بتدريبهم السلاح إليها في وقت ما، في سيناريو شبيه بما حصل في أفغانستان. لذلك لم ترد واشنطن، وفق المصدر التركي، "تسليح قوات المعارضة السوريّة بأسلحة ثقيلة متطورة، قبل التأكد من قدراتهم القتالية وولائهم، خوفاً من سقوط هذه الأسلحة في يد داعش، كما حصل مع الجيش العراقي".
ومن المقرر أن يقام برنامج التدريب في ثلاث دول، بالإضافة إلى تركيا، حيث سيختار كل بلد المقاتلين السوريين، بما يتناسب مع أولوياته وعلاقاته. ويوضح المصدر التركي أنّ تركيا ستستضيف ما بين 1500 و2000 مقاتل سنوياً في البرنامج، الذي سيمتدّ لثلاث سنوات قابلة للتمديد، على أن تتولى التدريب مهمة مشتركة تركية أميركية، في وقت ستخضع فيه باقي المراكز في الدول الأخرى للتنسيق العام في الولايات المتحدة. ولا معلومات حتى الآن حول مصير منطقة حظر الطيران والمنطقة العازلة التي كانت أنقرة تصر على إقامتهما داخل الأراضي السورية.