اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني .. أي جديد؟

23 ابريل 2014

محادثات أميركية فلسطينية بشأن المفاوضات (أرشيفية)

+ الخط -
يعقد المجلس المركزي الفلسطيني، يومي السبت والأحد المقبلين، في رام الله، في ظروف سياسية صعبة تشهدها القضية الفلسطينية، نجمت عن تعثر المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، على الرغم من محاولاتٍ أميركيةٍ تضغط باتجاة إنجاز اتفاق، وإذ يحوز الاجتماع على اهتمامٍ واسعٍ في الإعلام، فإن من غير المتوقع أن ينتهي إلى "قراراتٍ تاريخية"، أو "مصيرية"، يجري ترويجها وبشكل لافت.
ليست هذه المرة الأولى التي تصطدم فيها المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بطريق مسدود، تصل إلى حد توقفها سنوات. فتجربة عام 2010، وتوقف المفاوضات ثلاث سنوات، بسبب استمرار الاستيطان والتعنت الإسرائيلي، يبدو أنها سيناريو سيتكرر، فقد استؤنفت المفاوضات، في يوليو/ تموز الماضي، استجابة لجهودٍ أميركيةٍ حثيثة، على أساس شروطٍ، هي أقل من المطالب الفلسطينية السابقة، حيث تم تخفيض السقف الفلسطيني من شرط توقف الاستيطان نهائياً إلى الاكتفاء بالمطالبة بالإفراج عن الأسرى القدامى (عددهم 104)، على الرغم من أنه استحقاق كان على حكومة الاحتلال تنفيذه، منذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ "أوسلو" في 1993.
كان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ومنذ توقف المفاوضات في عام 2010، يكرّر، ويؤكد، أن استئناف المفاوضات منوط بتوقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وبعد تدخل أميركي في 2013، استؤنفت المفاوضات المباشرة، وبشروط جديدة، مع أن الاستيطان مستمر، ويتنامى على حساب السكان الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية، ليستبدل ببند الإفراج عن الأسرى القدامى في سجون إسرائيل، شرط العودة إلى طاولة المفاوضات. وأساس المشكلة، الآن، في المفاوضات هو تعنت إسرائيل، وتجاهلها تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الجانب الفلسطيني، بالإفراج عن الدفعة الرابعة للأسرى القدامى. وحسب ما تروج وسائل الإعلام، فان المحاولات الأميركية لرأب الصدع فيها وصلت إلى حد اشتراط إسرائيل على السلطة الوطنية الفلسطينية التوقيع على اتفاق الإطار لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قبل الإفراج عن الدفعة الرابعة للأسرى، وتمديد مدة المفاوضات التي تنتهي، وفقاً للاتفاق، نهاية شهر إبريل/نيسان الجاري.
يكرر عباس في الإعلام، ويؤكد، في تصريحات كثيرة، أنه لا تمديد، ولو يوماً، من دون الإفراج عن بقية الأسرى القدامى. وهذا لا يتطابق مع تجربة أبو مازن السياسية السابقة في استئناف المفاوضات، ولا مع ما يتردد، في كواليس الصالونات السياسية، والنقاشات التي في مكاتب مسؤولي الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير وأعضاء اللجنة المركزية في حركة فتح، أن القرار الفلسطيني ليس لديه حيلة، وأن عباس، مهما حاول التهديد والوعيد، فإن الضغوط عليه أكبر منه.

الوسيلة الوحيدة للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو، اليمينية في تعنتها، هو حل السلطة الوطنية الفلسطينية. ويبدو أن لا أحد في إسرائيل يصدق إمكانية تنفيذ هذا القرار، فلا عباس ولا تركيبة المجلس المركزي الفلسطيني، ولا تركيبة مؤسسات منظمة التحرير، تتيح اتخاذ قرار تاريخي من هذا النوع. وإدراك إسرائيل ذلك يقود إلى مزيد من التعنت، وإلى مزيد من التنازلات الفلسطينية، لأنه، في السياق التاريخي لعملية المفاوضات المستمرة منذ نحو 25 عاماً، ثبت أنه بعد كل أزمة، وبعد كل انقطاع في المفاوضات، وفي كل بداية جديدة، كان سقف الحل ينخفض أكثر وأكثر. فالمطلب الأساسي، والذي يؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية، وواقعية الحل السلمي، يتعلق بوقف الاستيطان، مازال نفسه، منذ أيام الرئيس الراحل، ياسر عرفات، فيما لا يزال الاستيطان يبتلع مزيداً من الأراضي الفلسطينية. وفي ظل هذه الصورة القاتمة، فإن كل وحدة استيطانية تُبنى تشكل مسماراً آخر في نعش الحل السلمي.
سيعقد المجلس المركزي اجتماعه، وستركز وسائل الإعلام عليه، إلا أن بيانه الختامي لن يخرج عن التأكيد على الثوابت الفلسطينية، وهي إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وأن القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وشجب الاستيطان، والتشديد على الإفراج عن الدفعة الأخيرة للأسرى القدامى. وبذلك، سيكون الاجتماع حدثاً مهماً في الإعلام فقط، ولن تصدر عنه قرارات استراتيجية مهمة، تتعلق بالقضية الفلسطينية. وقد يبحث المجلس المركزي موضوعاً فلسطينياً داخلياً، وهو إجراء الانتخابات العامة، الرئاسية والتشريعية، والتي يجري الحديث عنها. ويبدو أن اجتماع السبت والأحد المقبلين لن يكون إلا غطاءً لتمديد المفاوضات العبثية، حتى نهاية العام الحالي، بتبريرٍ يقدمه الرئيس أبو مازن للشعب الفلسطيني.
 
4412F2FC-6F1B-433A-8247-F5C993F0BEED
تغريد سعادة

صحافية وكاتبة فلسطينية ومخرجة أفلام تسجيلية ووثائقية، مقيمة في رام الله