أصدر وزراء خارجية الدول العربية الأربع التي تشن حصاراً على قطر (مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين)، مساء اليوم الأربعاء، بياناً مشتركاً، عقب اجتماعهم المطول الذي عُقد في القاهرة واستمر نحو أربع ساعات، حول الموقف من الأزمة الخليجية.
وسيطر الارتباك والتباين بين مواقف دول الحصار، على وزراء الخارجية، خلال مؤتمرهم الصحافي، ففي الوقت الذي وصف فيه، وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الموقف التركي من الأزمة، بأنه على الحياد، وأنه يأمل في استمراره، وذلك رداً على سؤال بلهجة تحريضية، عن عقوبات متوقعة على دعم تركيا لدولة قطر، تدخل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بلهجة غاضبة، بأنه يجب التعامل بحدة مع كل من يدعم ما وصفه بـ"الإرهاب".
وظهر التباين الأكبر، في تعليق شكري على الرد القطري، إذ وصفه بأنه "سلبي في مجمله، ويفتقد للمضمون"؛ وهو ما اتفق عليه معه نظيره البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، بينما أنكر الجبير أن يكون الاجتماع الرباعي، والمؤتمر الصحافي، رداً من دول الحصار على الرد القطري على مطالبها.
وعلى الرغم من عدم تصنيف مملكة البحرين جماعة الإخوان المسلمين، فقد قال الوزير البحريني، إنه "يعتبر الإخوان منظمة إرهابية، وكل من يدعمها، أو يتعاطف معها، سيتم التعامل معه كإرهابي".
وفي السياق، قال دبلوماسي مصري، في تصريح خاص، لـ"العربي الجديد"، إن الاتصال الذي تم بين الرئيسين الأميركي، دونالد ترامب، والمصري، عبد الفتاح السيسي، أثناء انعقاد اجتماع دول الخارجية، لعب دوراً كبيراً في تهدئة اللغة التي خرج بها البيان، والمؤتمر الصحافي؛ مضيفاً: "ترامب طلب بلهجة واضحة إلى حد كبير، التعامل مع ما حدث، على أنه أزمة دبلوماسية، ولا يمكن حلها إلا بحوار سياسي، بين جميع أطرافها"، متابعاً: "ترامب طالب أيضاً بالحد من لغة التصعيد بين جميع الأطراف".
وكشف الدبلوماسي المصري عن حدوث اختلاف بين الوزراء الأربعة، خلال اجتماعهم، إذ حاول أحد الوزراء طرح فكرة التدخل العسكري، كأحد الحلول للأزمة، لكنه فوجئ برفض ثلاثي لمناقشة الفكرة، والتأكيد على أن الاجتماع بالدرجة الأولى يهم ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتصعيد سياسي، واقتصادي بالأساس، وممارسة ما يمكن من ضغوط في هذا الإطار.
الأمر نفسه تكرر بشكل أكثر وضوحاً، في تأكيد وزير خارجية البحرين على أن بلاده تعتبر جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية"، وأنه "سيتم محاكمة كل من يبدي تعاوناً، أو انتماء لها"، وفقا لهذه التهمة، وهو ما يتعارض بشكل واضح مع تصريحات سابقة له اعتبرت جمعية الإصلاح التي تمثل "إخوان البحرين"، إحدى أدوات حفاظ التوزان داخل المجتمع البحريني، في وقت رفضت فيه المنامة في مناسبات عدة، حظر أنشطة الجمعية المشاركة في البرلمان عبر جناحها السياسي جمعية المنبر الإسلامي.
يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه مصادر دبلوماسية مصرية، اطلعت على المشاورات التي جرت على مدار خمس ساعات، اليوم، أن الاتصال الذي أجراه ترامب مع السيسي، عصراً، كان من بين الأسباب الأساسية التي أدت لإطالة مدة الاجتماع، بعدما سببه من ارتباك.
وأوضحت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن ترامب دعا إلى عدم التصعيد بشكل يصعب تداركه لاحقاً، متابعة "أن ترامب نفسه لديه أزمة داخل إدارته، بسبب المشكلة الخليجية، في وقت ترفض فيه وزارتا الخارجية، والدفاع، الإجراءات التي يتبعها محور الحصار".
وكشفت المصادر أن الاجتماع المغلق شهد تبايناً واضحاً في التلميح لإجراءات عسكرية، أو شبه عسكرية، أو أي تلميحات تمس الداخل القطري، وهو ما كان يدفع تجاهه الوزيران، المصري والإماراتي، في حين عارضته السعودية والبحرين.
ودفع الجبير خلال الاجتماع باتجاه مزيد من التصعيد في الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية، بحسب المصادر، والتي أوضحت أن اللهجة اختلفت تماماً بعد تدخلات خارجية، في إشارة لاتصال الرئيس ترامب، والذي أدى في النهاية إلى بيان أسهب في استخدام مصطلحات دبلوماسية، من دون التطرق لأي تصعيد، وهو الأمر نفسه الذي عبّر عنه وزير الخارجية الإماراتي، والذي تجنب الإجابة عن تساؤل خلال المؤتمر الصحافي حول ما إذا كان هناك تحرك ضد الدوحة في مجلس الأمن، ليرواغ، من دون أن يرد بأي إجابة لها علاقة بالتساؤل.
وفيما يلي نص البيان الذي تلاه وزير الخارجية سامح شكري:
"اجتمع وزارء خارجية جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، في القاهرة في 5 يوليو 2017، للتشاور حول الجهود الجارية لوقف دعم دولة قطر للتطرف والإرهاب وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية والتهديدات المترتبة على السياسات القطرية للأمن القومي العربي وللسلم والأمن الدوليين.
وتم التأكيد على أن موقف الدول الأربع يقوم على أهمية الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق والقرارات الدولية والمبادئ المستقرة في مواثيق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي واتفاقيات مكافحة الإرهاب الدولي مع التشديد على المبادئ التالية:
1 - الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة.
2 - إيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف.
3 - الالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014 في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
4 - الالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت في الرياض في مايو 2017.
5 - الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الكيانات الخارجة عن القانون.
6 - مسؤولية كافة دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين".
وأكدت الدول الأربع أن: "دعم التطرف والإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ليس قضية تحتمل المساومات والتسويف، وأن المطالب التي قدمت لدولة قطر جاءت في إطار ضمان الالتزام بالمبادئ الستة الموضحة أعلاه، وحماية الأمن القومي العربي وحفاظ السلم والأمن الدوليين ومكافحة التطرف والإرهاب، وتوفير الظروف الملائمة للتوصل إلى تسوية سياسية لأزمات المنطقة، والتي لم يعد ممكناً التسامح مع الدور التخريبي الذي تقوم به دولة قطر فيها".
وشددت الدول على أن "التدابير المتخذة من قبلها جاءت نتيجة لمخالفة قطر لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ودعمها للتطرف والإرهاب، ما ترتب على ذلك تهديدات للأمن القومي العربي. وتقدمت الدول بجزيل الشكر لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على مساعيه وجهوده لحل الأزمة مع قطر، معربة عن أسفها للرد السلبي من قبل قطر، ما يظهر تهاوناً وعدم جدية، ما يعكس عدم استيعاب لحجم وخطورة الموقف".
وأعربت الدول الأربع عن تقديرها لـ"الموقف الحازم للرئيس الأميركي دونالد ترامب، للإنهاء الفوري لدعم الإرهاب والتطرف وعدم التسامح مع أي انتهاكات من أن طرف في هذا الشأن، كما تُعلن الدول متابعتها للموقف، وعقد الاجتماع المقبل في مدينة المنامة".