أفضى اجتماع رؤساء الأحزاب والمنظمات الوطنية الموقعة على "وثيقة قرطاج"، الذي دعا إليه، اليوم السبت، الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، إلى تداول مجموعة من المقترحات لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي تمرّ به تونس.
وفيما سجل الاجتماع الثاني لمساندي "وثيقة قرطاج" غياب رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد وكذلك الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، شهد في المقابل انضمام "منظمة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية" إلى نادي الموقعين، وانسحب "الحزب الجمهوري" و"حزب آفاق تونس" بشكل رسمي، ما يعكس تآكل الحزام الحزبي لحكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن هذا الاتفاق وتعزز دعم المجتمع الأهلي لها.
وقال السبسي إن مراجعة "وثيقة قرطاج" وتحديثها أمر ممكن، مشدداً على أن الوثيقة شيء والحكومة شيء آخر، لكنها مطالبة باحترام اتفاقاتها، كما اعتبر أن "اجتماع المنظمات والأحزاب على اختلاف تعبيراتها إنجاز تونسي فريد ينبغي البناء عليه"، مشدداً على ضرورة الاستمرار في الحوار مع الجميع لتحقيق ما تبقى من مؤسسات دستورية وإصلاحات اقتصادية.
وأكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، في تصريح، أن "الاجتماع تناول الاقتراحات للخروج من الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد"، مبيناً أنها "تتعلق بالترفيع في الأجر الأدنى إلى جانب الزيادة في المنح الاجتماعية للأسر الضعيفة ومراجعة التغطية الاجتماعية والصحية لهذه الأسر. وعلى الدولة أن تنصت للشباب بالإضافة إلى إيجاد حلول بديلة لتشغيل العاطلين عن العمل والمراجعة الجزئية للأسعار، وسيجري الإعلان عن هذه الحزمة من الإجراءات في الساعات المقبلة".
وبيّن الطبوبي أن الاجتماع تناول ضرورة إيجاد موارد مالية جديدة لتمويل الحلول الاجتماعية المقترحة التي سيتم تضمينها في قانون المالية التكميلي لسنة 2018، ولفت إلى أن اتحاد الشغل سيعقد خلال شهر فبراير/ شباط منتدى اجتماعياً واقتصادياً لدراسة المشكلات وتقديم الحلول.
من جانب آخر، أكد رئيس حزب "حركة النهضة" راشد الغنوشي، أنه من المرتقب اعتماد "التنفيس الجزئي" في الأسعار وهو إجراء قد تتخذه الحكومة، ولفت إلى أن اجتماع "وثيقة قرطاج" تناول أسباب الاحتجاجات الأخيرة، وندد بعمليات التخريب والنهب.
وفي الاتهامات الموجهة إلى الجبهة الشعبية بتأجيج الاحتجاجات التي شهدتها تونس مؤخراً، قال الغنوشي "إن الجبهة دعت إلى هذه الاحتجاجات ولم تسيطر عليها ولفت إلى أنها تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية، ولكن حزب النهضة دافع عنها خلال الاجتماع"، مشيراً إلى أن "تحديد المسؤولية القانونية هي مهمة الجهات الأمنية والقضائية".
وذكر الغنوشي بأن "حزب النهضة" تقاسم مع "الجبهة الشعبية" الذي يعد من أحزاب الثورة سنوات السجون وجمعتهما محطات من النضال المشترك من بينها تحالف 78 أكتوبر/ تشرين الأول 2005.
ويجتمع مساندو "وثيقة قرطاج" للمرة الثانية منذ بدء عام 2018، في غياب لافت لرئيس الحكومة، بعد أسبوع من الغليان في الشارع والاحتجاجات الليلية بسبب رفع الأسعار والضرائب في قانون مالية 2018، الأمر الذي عمّق الاحتقان في المشهد الحزبي والسياسي. كذلك يتزامن الاجتماع مع الذكرى السابعة لـ"ثورة الحرية والكرامة" التونسية التي حصلت في 14 يناير/كانون الثاني 2011.
وقال مغزاوي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن حزبه رفض المشاركة في الاجتماع لأسباب بينها اتهام رئيس الحكومة للمعارضة بالتحريض على الفوضى والنهب والسرقة، بالإضافة إلى عدم جدوى اللقاء في ظل تواصل غياب رئيس الحكومة المسؤول عن تنفيذ الاقتراحات. وأضاف أن تكليف أعضاء الحكومة بالإشراف على قيادة الانتخابات البلدية لمصلحة "حزب نداء تونس" يمثل تداخلاً بين الحزب والدولة واستغلالاً لنفوذها، وهو أمر مرفوض وعلى الحكومة التراجع عنه.