وعلى الرغم من نفي الحكومة الإثيوبية الأنباء التي تتحدث عن بيع الأراضي الزراعية للمستثمرين، وإعلانها إلغاء التفكير في مشاريع توسيع العاصمة، إلا أن تلك الانتفاضة الجماهيرية لم تتوقف، خصوصا بعد أن ارتفع سقف مطالبها إلى إسقاط النظام الحاكم في إثيوبيا، على وقع حالة القمع الشديد التي تعرضت لها الاحتجاجات المتجاهلة إعلاميا، ما بدا في حالة من الدهشة عالميا، بما فعله العداء الإثيوبي فييسا ليليسا في ريو دي جانيرو عند وصوله للأمتار الأخيرة من سباق ماراثون الألعاب الأولمبية، في يوليو/تموز الماضي، عبر تلويحه بحركة الأسر في إشارة واضحة لحالة القمع الذي تتعرض لها قوميته الأورومية في إثيوبيا، وعلى الرغم من محاولة النظام الإثيوبي، امتصاص حالة التضامن الدولي مع الرياضي الإثيوبي بالحديث عن احترام إثيوبيا لرأي بطلها الأولمبي لأنها دولة ديمقراطية، غير أن هذا الموقف لم يستمر كثيرا، إذ سرعان ما قام الأمن الإثيوبي باعتقال أفراد أسرة فييسا ليليسا المقيمين في إثيوبيا بعد أن قام بطلب اللجوء السياسي خارج البلاد، وفقا لما كشفت عنه مواقع المعارضة الإثيوبية في الخارج.
ويعتنق بعض الأورومو الإسلام فيما يعتنق البعض الآخر المسيحية بالإضافة لديانة محلية تدعى واقا، ويتحدثون بالأورومية، وازدادت رقعة الاضطرابات الإثيوبية، بعد انضمام الأمهرا الذين يعيشون وسط مرتفعات الحبشة إلى الاحتجاجات، استجابة لدعوات المعارضة الإثيوبية ما تسبب في مظاهرات حاشدة في مدن وقرى الأمهرا، وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى ما يشبه الثورة المسلحة إثر دخول بعض العناصر المعارضة من دول الجوار، الأمر الذي تسبب في نزوح كثيف للاجئين الإثيوبيين تجاه السودان خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وفق ما يؤكده الكاتب الصحافي الإثيوبي أنور إبراهيم.
المعارضة الإثيوبية: الأورومو يطالبون بعدالة اقتصادية
يؤكد جمادا سوتي، المتحدث باسم جبهة "تحرير شعب الأورومو"، أن "المظاهرات المستمرة في إثيوبيا نجحت في البقاء 11 شهرا، على الرغم من تعامل النظام معها بالرصاص الحي كما حدث في احتفال عيد الشكر مؤخراً، عندما احتج الشعب الأورومي على نهب أراضيه من قبل المستثمرين الأجانب".
ونفى سوتي في تصريحات إلى "العربي الجديد"، أن يكون هدف ما سماه بـ"الثورة الأورومية" هو تقسيم إثيوبيا كما يروج النظام، متابعا "نطالب بعدالة اقتصادية، إذ يعتمد الاقتصاد الإثيوبي في 85% من إنتاجه على مناطق الأورومو الذين يمثلون قرابة 40 مليون من سكان إثيوبيا البالغ عددهم (100 مليون).
وتابع :"الأغلبية هم شعب الأورومو الذي يريد حكم إثيوبيا ليعطي كل ذي حق حقه، بدلا من أن تحكم البلاد من أقلية التقراي التي تبلغ 2% وتسيطر على الجيش والمخابرات والتجارة المشروعة وغير المشروعة، نريد اتحاد جميع الشعوب الإثيوبية المضطهدة في البلاد للتخلص من النظام".
وتابع موضحا: "نريد الديمقراطية، وتحالفنا مع الأمهرا وبني شنقول والأوغادين والجامبيلا (شعوب إثيوبيا)، يهدف إلى تكوين حكومة انتقالية فور إسقاط هذا النظام ستكون ممثلة لكل الشعوب الإثيوبية".
خبير: إثيوبيا لن تتحول إلى دولة فاشلة
يرى عبدالله إسماعيل آدم، رئيس مركز دراسات القرن الأفريقي، أن الحديث عن تقسيم إثيوبيا غير منطقي، لأن نظامها فيدرالي، كما أن أهداف القائمين على الحراك الجماهيري في إثيوبيا مختلفة، فالأمهرا هم جزء من التحالف الحاكم، منهم مجموعة هي في حالة استياء من الحكومة ويريدون إعادة أمجاد زعيمهم الإمبراطور هيلاسيلاسي والأورومو لديهم مظلومية حقيقية تتمثل في منح الحكومة الإثيوبية أراضيهم لمستثمرين من دون موافقتهم.
ويؤكد آدم أن العامل الخارجي ليس مؤثرا في أحداث إثيوبيا الحالية، سواء كان متمثلا في إريتريا أو السودان أو كينيا أو حتى مصر، التي يرى آدم ان اتهام إثيوبيا لها بتأجيج التظاهرات، بروبغاندا إعلامية ويتفق جمادا سوتي، مع هذا الرأي، نافيا وجود أي دعم مصري أو إريتري للحراك الجماهيري في إثيوبيا قائلا: "جمهورية مصر العربية جارة ذات علاقة خاصة مع شعب أورومو من قديم الزمان وهذه الاتهامات متكررة من قبل النظام الإثيوبي وكل مرة تتغير الدولة إما إريتريا أو السودان أو كينيا أو مصر.
ويرى إسماعيل آدم أنه لا يمكن أن تصبح إثيوبيا دولة فاشلة قائلا: "إثيوبيا دولة ذات اقتصاد وبنية تحتية قوية، ولديها مشاريع عملاقة مثل سد النهضة وسكك حديد تربط إثيوبيا بدول الجوار، وفيها 50 جامعة تقدم أحد أفضل أنواع التعليم الجامعي في أفريقيا والبنوك الدولية تمنحها قروضا كبيرة جداً ولديها نسبة نمو اقتصادي تبلغ 10% من خمس سنوات حتى اليوم، والخطورة الحقيقية في تحول إثيوبيا إلى ديكتاتورية تشبه ما جرى وقت هيلاسيلاسي ومنغستو هيلا مريم".