ساعات من الترقب والانتظار سبقت انطلاق جلسة المجلس الوطني التأسيسي المنعقدة، "العالم يحتفل مع تونس بدستورها" الجديد، التي لم تخل من رسائل سياسية دولية، بعد كلمة إيران التي أدت إلى انسحاب الوفد الأمريكي من القاعة.
ولدى افتتاحه الجلسة العامة، اختار الرئيس المرزوقي أن يلقي كلماته بثلاث لغات ـ العربية والفرنسية والانكليزية ـ وأن يحيي الحضور ويسلم عليهم باللغات نفسها كعادته قائلا: "في حضارتنا العربية الاسلامية لا يوجد شيء يتمناه المسلم للشعوب خير من السلام... ولذلك أقول لكم: السلام عليكم ... السلام عليكم ... السلام عليكم"، مضيفا، "كيف لا نشعر بعميق الامتنان عما يخالج مشاعرنا لهذا الحضور... خاصة عندما ننظر الى هذا الحشد من ممثلي قادة ومسؤولي الدول الذين حضروا اليوم الى تونس على الرغم من الوقت القصير ليشاركونا فرحتنا بالدستور الجديد، الذي يؤسس لتونس، والاحتفال بنجاح مسار الثورة وإحياء ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد".
ولم تغب تعليقات نواب التأسيسي عن تنظيم الجلسة احتفاء بالدستور، حيث علق الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، عصام الشابي، قائلا: "تمنينا لو أخذ بعين الاعتبار تزامن الاحتفال بالمصادقة على الدستور مع الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد بلعيد ...". أما منجي الرحوي، القيادي بالجبهة الشعبية، والنائب بالتأسيسي، فرأى أن توقيت الاحتفال "محاولة من المنصف المرزوقي لاستغلال وجني ربح سياسي، ليس له أي جهد فيه، لا هو، ولا مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس، الذي يريد ان يستولي على جهد الاخرين من معارضة ديمقراطية، وشعب تونسي ومجتمع مدني، وهذا عيب"، مضيفا: "بن جعفر توقف في نسخة مشروع دستور 1 يونيو/ حزيران، الذي اعتبره احسن دستور في العالم".
وخلال الجلسة، جادت قريحة جميع الحاضرين، من رؤساء وأمراء وممثلي قادة، بعبارات التهاني على ما وصلت اليه تونس، من "انتصار كبير" في مسارها الانتقالي بوضع دستور جديد بعد ثلاث سنوات على ثورتها في كنف التوافق والمصالحة، بعد هزات سياسية ومناكفات ايديولوجية كادت تعصف بكل المسار. وقد كان الحضور الفرنسي، من خلال كلمة، الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بارزا بتأكيده أن تونس، "صمدت أمام العنف والإرهاب والاستفزازات... وبينت أن الحوار والاحترام أفضل طريقة لضمان السلم"، وجدد تعهد فرنسا بالوقوف الى جانب تونس ،سنخصص 500 مليون أورو ، لدعم عدد من المشاريع.
هذا ولم يفوت هولاند الفرصة من دون توجيه رسالة الى كل من يريد زيارة تونس، مفادها: "فلتأتوا الى تونس، هذا البلد المضياف، الذي يستقبل فيه الجميع...وتونس دولة ديمقراطية". كما لم يفوت رئيس مجلس الشورى الايراني، علي لاريجاني، الفرصة من دون اتهام الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل بالسعي الى جعل الثورات "عقيمة". الأمر الذي دفع الوفد الامريكي الحاضر الى المغادرة من دون اعتذار. وقال لاريجاني، في الكلمة التي ألقاها باللغة الفارسية خلال الاحتفال، "علينا ان نراقب الدول التي تحصل فيها ثورات، وقطع يد الدول المستكبرة. مضيفا: "هناك أيادي أمريكا وإسرائيل، اللتين حاولتا جعل هذه الثورات عقيمة، وتحريفها لكي تستفيد اسرائيل". وتابع: " الحل هو المقاومة والوحدة بين الأمة الإسلامية". فيما اقتصر الرئيس الفرنسي، في رده على تهم علي لاريجاني، برفع سماعات الترجمة عن أذنيه.