ووفقاً لرصد ميداني، لـ"العربي الجديد"، على مدار الأسبوعين الماضيين، فإن التنظيم اقتصر نشاطه على اشتباكات قصيرة في المنطقة العازلة في مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة، وقتل أربعة مواطنين بحجة التعاون مع قوات الأمن المصرية. ولم يعتد التنظيم على حالة الصمت التي تسود نشاطه في الوقت الحالي في كافة مناطق محافظة شمال سيناء، إذ إنه طيلة الأشهر الماضية كانت له هجمات متنوعة في مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، إلا أنها طيلة الأسبوعين الماضيين كانت عبارة عن ساحات هادئة. وقد يعتد بهذا الاختفاء للتنظيم كدليل إضافي على مسؤوليته عن مجزرة الروضة، بالنظر إلى عدم وجود سبب يمنع "ولاية سيناء" من مواصلة نشاطه العسكري، ولا وجود أي متغير على ساحة سيناء طيلة الأسابيع الماضية، سوى وقوع المجزرة.
ووفقاً لمصادر قبلية، فإن حالة من الانقسام تسود الصفوف القيادية في التنظيم بعد المجزرة التي تعرضت لها قرية الروضة في مركز بئر العبد بمحافظة شمال سيناء، نظراً إلى العدد الهائل من القتلى المدنيين، الذي سقط نتيجة الهجوم الذي يتهم التنظيم بتنفيذه، اعتماداً على حالة العداء مع أتباع الطريقة الصوفية، أصحاب المسجد، وعدم نفيه للاتهامات التي حملته مسؤولية الهجوم، رغم مرور أسبوعين على وقوعه. وأوضحت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن الانقسام ناجم عن رفض عدد من قيادات التنظيم المحليين من أبناء سيناء، الذين رأوا أن حجم الهجوم لم يكن مبرراً، وأن حجم الخسائر الناجمة عنه أكبر من الفوائد، خصوصاً في خسارة شريحة واسعة من المحايدين في الصراع القائم بين "ولاية سيناء" والأمن المصري، وأنه أنهى أدنى أشكال الحاضنة الشعبية للتنظيم، وأوجد حالة من العداء من قبل كل أبناء سيناء. كما أن الانقسام ناجم عن رفض قادة مجموعات عسكرية في التنظيم لما جرى في المسجد، بحكم القرابة التي تربط عدداً منهم بقبيلة السواركة، التي كان لها النصيب الأكبر من الضحايا، ما استدعى إيقافاً للنشاط العسكري للتنظيم إلى حين انتهاء الأزمة القائمة.
وتعليقاً على ذلك، قال رئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي، لـ"العربي الجديد"، إن حالة الغضب والكره للتنظيم باتت مستقرة في كل نفوس أبناء سيناء، نظراً لهول الفاجعة التي أصابت المنطقة، وأنهت أي شكل من أشكال التعاطف على كافة المستويات. وأشار المنيعي إلى أن "التنظيم بات مكشوف الظهر في كافة مناطق تواجده في سيناء، رغم أن القبائل لم ولن تتحدث مع الأمن المصري في مواجهة التنظيم خلال الفترة المقبلة، أو ضمن عملياته الانتقامية من التنظيم على خلفية هجوم الروضة". وأوضح "أن حالة من عدم الثقة باتت تسود العلاقة بين القبائل والتنظيم، كما الحال مع الأمن"، ما يلغي أي احتمالية لإنشاء تحالفات بين الأطراف سابقة الذكر، مؤكداً، في الوقت ذاته، أن هناك محاولات جادة من النظام، عبر شخصيات مختلفة من سيناء، لجرّ القبائل إلى حرب مع "ولاية سيناء" على خلفية مجزرة الروضة لما أوقعته من ضرر مادي ونفسي على نفوس أهالي سيناء.
وفي المقابل، يرى بعض المتابعين للشأن السيناوي أن هدوء التنظيم في الوقت الحالي يعود أيضاً إلى تفضيله عدم مواجهة قوات الأمن المستنفرة منذ وقوع المجزرة، وأن يمتص ردة فعل قوات الجيش التي بدأت بعمليات عسكرية انتقامية في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد والعريش على مدار الأيام الماضية. إلا أن الوقائع على الأرض ترد على هذا الاعتقاد بأن التنظيم لطالما صد حملات قوات الجيش التي كانت تستهدفه عقب الهجمات الدموية، وكان يتعمد نشر صور لأشكال التصدي، وهذا ما حصل في مناطق جنوب العريش قبل عدة أشهر، وفي مدينة رفح مطلع العام الحالي. يشار إلى أن الجيش يشن منذ عدة أسابيع هجوماً، برياً وجوياً، واسعاً على مناطق تمركز "ولاية سيناء" في قرى جنوب مدينة الشيخ زويد. وكان التنظيم أعلن أنه استهدف قوات الجيش خلال الحملة، إلا أن تلك الإعلانات كانت قبل مجزرة الروضة. ورغم أن العملية العسكرية ما زالت متواصلة في تلك المنطقة، فإن التنظيم لم يعلن عن أي هجمات ضد القوات المهاجمة.