أظهرت بيانات متخصصة ارتفاع أسعار السلع الغذائية في اليمن، بنسبة 35% في النصف الأول من العام الحالي، مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي 2016، في وقت يتخوّف فيه خبراء اقتصاد من إقدام البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ سبع سنوات، من أجل جذب المقرضين والحصول على تمويلات للحكومة التي تهاوت مواردها المالية، في ظل الحرب المستمرة منذ نحو عامين ونصف العام.
وذكر تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية رافقته زيادة في نسبة الفقر، لتصل إلى 85% من إجمالي السكان البالغ عددهم 27.4 مليون نسمة.
وأشار التقرير الذي نشره المركز على موقعه الإلكتروني الأسبوع الماضي إلى ارتفاع أسعار السلع بنسبة 60% خلال عامين ونصف العام منذ بدء الحرب، لافتاً إلى تردّي الوضع الإنساني، لا سيما في ظل عدم تسليم مرتبات الموظفين الحكوميين للشهر الحادي عشر على التوالي.
ويتوقع رجال أعمال وخبراء اقتصاد ارتفاع الأسعار للسلع المستوردة، عقب قرار تعويم الريال، وارتفاع سعر الدولار الجمركي من 250 ريالاً للدولار إلى 370 ريالاً للدولار.
وقرّر البنك المركزي اليمني، منتصف أغسطس/ آب الماضي، تحرير سعر صرف الريال، بحيث يحدّد سعر العملة وفقاً لآليات العرض والطلب.
وكان مسؤول في الجمارك اليمنية قد قال، لـ"العربي الجديد"، في تصريحات سابقة، إن "الأثر الحقيقي الذي سيُثقل كاهل المواطن المنهك أصلاً هو زيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الخارج".
ومن المتوقع حدوث تفاوت في أسعار السلع في بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والأخرى الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما دفع مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى التوقّع، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، بعدم ارتفاع الأسعار، على خلفية تحرير سعر الصرف، كون أن معظم السلع تأتي عن طريق ميناء الحديدة الخاضع لسلطات الحوثيين، والتي أعلنت عدم اعترافها بقرار الحكومة تعويم الريال وعدم تنفيذه.
لكن ما بات يقلق كثيراً من الخبراء هو احتمال إقدام البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة من أجل إعادة المدخرات إلى المصارف وتشجيع المقرضين على تمويل الحكومة من خلال أدوات الدين.
وتوقع مصرفيون أن يرفع المركزي أسعار الفائدة بنسبة 5% دفعة واحدة، وذلك للمرة الأولى منذ يوليو/ تموز 2010، حينما رفع سعر الفائدة على ودائع الريال إلى 20%، الأمر الذي رفع العائد على أذون الخزانة إلى نحو 23%، قبل تخفيضها لاحقاً إلى 18%.
وأقرّ البنك في إبريل/ نيسان 2013، خفضَ سعر الفائدة الأساسي بنسبة 3% لتصل إلى 15% وهي أدنى نسبة في ثلاث سنوات، بعد هبوط حاد في معدل التضخّم .
وقال الخبير المصرفي اليمني طارق عبد الرشيد، لـ"العربي الجديد"، إنه من الطبيعي أن ترفع أسعار الفائدة لصالح الودائع وكذلك لصالح الدين العام المحلي إلى مستوى يعوّض على أقل تقدير الانخفاض في قيمة الريال.
وانخفضت الودائع بالعملات الأجنبية من إجمالي الودائع في البنوك التجارية والإسلامية من 6.35% عام 2014 إلى 1.37% عام 2015، بسبب ضعف ثقة المودعين بالقطاع المصرفي وخشيتهم من تعرّض البنوك للمخاطر، حسب وزارة التخطيط اليمنية.
ويعتمد البنك المركزي اليمني سعر فائدة منخفضاً على الودائع بالعملة الأجنبية لا يتجاوز 4%، مقارنة بنسبة الفائدة على الودائع بالعملة المحلية التي تراوح بين 15% و20%.
وأوضح عبد الرشيد أن رفع أسعار الفائدة قرار مهم من ناحية العدالة بتعويض الدائنين وبالتحديد ملاك سندات الدين العام، لكنه من منظور اقتصادي سيؤدي إلى رفع كلفة الأموال إلى مستويات عالية جداً يستحيل معها قيام أي استثمارات اقتصادية مجدية، وهذا له ما يتبعه من تشوّهات في هيكل الاقتصاد، لا سيما في جانب التشغيل والبطالة.
في المقابل، يرى الخبير المالي اليمني فكري عبد الواحد، أن رفع أسعار الفائدة في الوقت الراهن سيكون قراراً خاطئاً بسبب الوضع الاقتصادي الذي يُعاني من تضخّم تراكمي (تضخم وركود).
وقال عبد الواحد لـ"العربي الجديد": "رفع أسعار الفائدة سيلقي تبعاته على البنوك التجارية والبنك المركزي الذي ستتراكم عليه وتتضاعف خدمة الدين العام المحلي، فيما نشاط البنوك معطل، وطالما تقلص الفارق في سعر صرف الدولار بين الرسمي والسوق سيكون من الأفضل الحفاظ على أسعار الفائدة الحالية".
وتسببت الحرب منذ مارس/ آذار 2015 في تهاوي قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية واستنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي وركود النظام المصرفي، نظراً لإقبال عملاء المصارف على سحب الودائع.
وقال يوسف سعيد، أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، لـ"العربي الجديد": "عدم الاستقرار النقدي كان على الدوام سمة عامة من سمات الوضع، وشكّل أحد العوامل المولدة للضغوط التضخمية منذ فترة مبكرة وما يترتب عليها من أثر سلبي على تآكل الدخول الحقيقة للناس عدا عن تهديد بيئة الاستثمار".
وأوضح أنه مع نهاية عام 2009، مع تراجع أسعار النفط وبداية ظهور ظاهرة تفجيرات أنبوب النفط الممتد من مأرب إلى رأس عيسى على البحر الأحمر، تراجع النمو الاقتصادي في المحصلة بنحو 8% وارتفع عجز الموازنة العامة بنسبة 9.4% تقريباً.
وقال سعيد: "في عام 2009 بدأت مرحلة التراجع الاقتصادي، فما تحصل عليه البلاد من صادرات حضرموت وشبوة تضطر لدفعه باليد الأخرى لاستيراد النفط للاستهلاك المحلي".
وأوضح أن ارتفاع العجز في الموازنة العامة له أثر سلبي على سعر الصرف، سواء من خلال أثر العجز على ارتفاع معدلات التضخم، أو ارتفاع أسعار الفائدة، أو زيادة نمو عرض النقود، أو أثر إزاحة الاقتراض الحكومي لتمويل العجز، وكلها عوامل تؤثر في المحصلة على تنافسية الاقتصاد في الداخل والخارج، إن كان لديه من الإنتاج ما ينافس عليه فعلاً، وبالتالي على سعر صرف العملة".
وأشارت وزارة التخطيط اليمنية في تقرير حديث إلى أن الحرب أدّت إلى اتساع ظاهرة الدولرة المستترة (الخفية)، إذ يتجلّى وجود ظاهرة نقدية ومصرفية غريبة تتمثّل في التحول من الاحتفاظ بالمدخرات من العملة المحلية إلى العملات الأجنبية بسبب تآكل القوة الشرائية للعملة الوطنية، مشيرة إلى أنه يتم الاحتفاظ بتلك المدخرات ليس في القطاع المصرفي وإنما خارج البنوك. وفي ظل التردي الاقتصادي، أصبح ما يقارب 90% من اليمنيين بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
اقــرأ أيضاً
وأشار التقرير الذي نشره المركز على موقعه الإلكتروني الأسبوع الماضي إلى ارتفاع أسعار السلع بنسبة 60% خلال عامين ونصف العام منذ بدء الحرب، لافتاً إلى تردّي الوضع الإنساني، لا سيما في ظل عدم تسليم مرتبات الموظفين الحكوميين للشهر الحادي عشر على التوالي.
ويتوقع رجال أعمال وخبراء اقتصاد ارتفاع الأسعار للسلع المستوردة، عقب قرار تعويم الريال، وارتفاع سعر الدولار الجمركي من 250 ريالاً للدولار إلى 370 ريالاً للدولار.
وقرّر البنك المركزي اليمني، منتصف أغسطس/ آب الماضي، تحرير سعر صرف الريال، بحيث يحدّد سعر العملة وفقاً لآليات العرض والطلب.
وكان مسؤول في الجمارك اليمنية قد قال، لـ"العربي الجديد"، في تصريحات سابقة، إن "الأثر الحقيقي الذي سيُثقل كاهل المواطن المنهك أصلاً هو زيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الخارج".
ومن المتوقع حدوث تفاوت في أسعار السلع في بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والأخرى الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما دفع مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى التوقّع، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، بعدم ارتفاع الأسعار، على خلفية تحرير سعر الصرف، كون أن معظم السلع تأتي عن طريق ميناء الحديدة الخاضع لسلطات الحوثيين، والتي أعلنت عدم اعترافها بقرار الحكومة تعويم الريال وعدم تنفيذه.
لكن ما بات يقلق كثيراً من الخبراء هو احتمال إقدام البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة من أجل إعادة المدخرات إلى المصارف وتشجيع المقرضين على تمويل الحكومة من خلال أدوات الدين.
وتوقع مصرفيون أن يرفع المركزي أسعار الفائدة بنسبة 5% دفعة واحدة، وذلك للمرة الأولى منذ يوليو/ تموز 2010، حينما رفع سعر الفائدة على ودائع الريال إلى 20%، الأمر الذي رفع العائد على أذون الخزانة إلى نحو 23%، قبل تخفيضها لاحقاً إلى 18%.
وأقرّ البنك في إبريل/ نيسان 2013، خفضَ سعر الفائدة الأساسي بنسبة 3% لتصل إلى 15% وهي أدنى نسبة في ثلاث سنوات، بعد هبوط حاد في معدل التضخّم .
وقال الخبير المصرفي اليمني طارق عبد الرشيد، لـ"العربي الجديد"، إنه من الطبيعي أن ترفع أسعار الفائدة لصالح الودائع وكذلك لصالح الدين العام المحلي إلى مستوى يعوّض على أقل تقدير الانخفاض في قيمة الريال.
وانخفضت الودائع بالعملات الأجنبية من إجمالي الودائع في البنوك التجارية والإسلامية من 6.35% عام 2014 إلى 1.37% عام 2015، بسبب ضعف ثقة المودعين بالقطاع المصرفي وخشيتهم من تعرّض البنوك للمخاطر، حسب وزارة التخطيط اليمنية.
ويعتمد البنك المركزي اليمني سعر فائدة منخفضاً على الودائع بالعملة الأجنبية لا يتجاوز 4%، مقارنة بنسبة الفائدة على الودائع بالعملة المحلية التي تراوح بين 15% و20%.
وأوضح عبد الرشيد أن رفع أسعار الفائدة قرار مهم من ناحية العدالة بتعويض الدائنين وبالتحديد ملاك سندات الدين العام، لكنه من منظور اقتصادي سيؤدي إلى رفع كلفة الأموال إلى مستويات عالية جداً يستحيل معها قيام أي استثمارات اقتصادية مجدية، وهذا له ما يتبعه من تشوّهات في هيكل الاقتصاد، لا سيما في جانب التشغيل والبطالة.
في المقابل، يرى الخبير المالي اليمني فكري عبد الواحد، أن رفع أسعار الفائدة في الوقت الراهن سيكون قراراً خاطئاً بسبب الوضع الاقتصادي الذي يُعاني من تضخّم تراكمي (تضخم وركود).
وقال عبد الواحد لـ"العربي الجديد": "رفع أسعار الفائدة سيلقي تبعاته على البنوك التجارية والبنك المركزي الذي ستتراكم عليه وتتضاعف خدمة الدين العام المحلي، فيما نشاط البنوك معطل، وطالما تقلص الفارق في سعر صرف الدولار بين الرسمي والسوق سيكون من الأفضل الحفاظ على أسعار الفائدة الحالية".
وتسببت الحرب منذ مارس/ آذار 2015 في تهاوي قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية واستنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي وركود النظام المصرفي، نظراً لإقبال عملاء المصارف على سحب الودائع.
وقال يوسف سعيد، أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، لـ"العربي الجديد": "عدم الاستقرار النقدي كان على الدوام سمة عامة من سمات الوضع، وشكّل أحد العوامل المولدة للضغوط التضخمية منذ فترة مبكرة وما يترتب عليها من أثر سلبي على تآكل الدخول الحقيقة للناس عدا عن تهديد بيئة الاستثمار".
وأوضح أنه مع نهاية عام 2009، مع تراجع أسعار النفط وبداية ظهور ظاهرة تفجيرات أنبوب النفط الممتد من مأرب إلى رأس عيسى على البحر الأحمر، تراجع النمو الاقتصادي في المحصلة بنحو 8% وارتفع عجز الموازنة العامة بنسبة 9.4% تقريباً.
وقال سعيد: "في عام 2009 بدأت مرحلة التراجع الاقتصادي، فما تحصل عليه البلاد من صادرات حضرموت وشبوة تضطر لدفعه باليد الأخرى لاستيراد النفط للاستهلاك المحلي".
وأوضح أن ارتفاع العجز في الموازنة العامة له أثر سلبي على سعر الصرف، سواء من خلال أثر العجز على ارتفاع معدلات التضخم، أو ارتفاع أسعار الفائدة، أو زيادة نمو عرض النقود، أو أثر إزاحة الاقتراض الحكومي لتمويل العجز، وكلها عوامل تؤثر في المحصلة على تنافسية الاقتصاد في الداخل والخارج، إن كان لديه من الإنتاج ما ينافس عليه فعلاً، وبالتالي على سعر صرف العملة".
وأشارت وزارة التخطيط اليمنية في تقرير حديث إلى أن الحرب أدّت إلى اتساع ظاهرة الدولرة المستترة (الخفية)، إذ يتجلّى وجود ظاهرة نقدية ومصرفية غريبة تتمثّل في التحول من الاحتفاظ بالمدخرات من العملة المحلية إلى العملات الأجنبية بسبب تآكل القوة الشرائية للعملة الوطنية، مشيرة إلى أنه يتم الاحتفاظ بتلك المدخرات ليس في القطاع المصرفي وإنما خارج البنوك. وفي ظل التردي الاقتصادي، أصبح ما يقارب 90% من اليمنيين بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.