مع اقتراب شهر رمضان، تشهد أسواق الياميش والمحلات التجارية الكبرى في مصر حالة من الركود؛ بسبب الزيادة الكبرى في الأسعار، والتي ارتفعت بنسبة تصل إلى 40% في بعض المنتجات، مقارنة بالعام الماضي.
ورغم تنوع المنتجات في الأسواق، إلا أن هناك عزوفاً كبيراً من جانب المواطنين لشراء احتياجاتهم، التي اعتادوا على شرائها في مثل تلك الأيام، تجهيزا لشهر رمضان من كل عام. وأمام هذا التحدي اكتفى معظم البسطاء، وهم كثر، في المحافظات المصرية بالاستغناء عن شراء "الياميش"، وفق تصريحات تجار لـ"العربي الجديد".
وتقول مؤسسة نيلسن المتخصصة في أبحاث التسويق إن 51% من دخل الأسر المصرية يُنفق على السلع الغذائية الأساسية المُعدة داخل المنزل. وتتوقع نيلسن أن يزيد الاستهلاك والطلب على المنتجات الغذائية في شهر رمضان المقبل. ووفقا لتقارير المؤسسة، فقد ارتفعت
مبيعات الأسواق الكبيرة (الهايبرماركت والسوبرماركت) في شهر شعبان الماضي بحدود 40% على متوسط العام، كما ارتفعت مبيعات محال البقالة بنحو 2% خلال نفس الشهر، أما في رمضان الماضي فقد ارتفعت مبيعات الأسواق الكبيرة بحدو 81%، مقارنة بزيادة 20% فيما يخص البقالة.
ورغم توافر الياميش بأنواع كثيرة من سورية وتركيا وإندونيسيا والهند وفيتنام وسيلان والفلبين، فإن ارتفاع الأسعار عن الموسم الماضي حال دون استمتاع البسطاء بأغلب تلك السلع.
وقال محمد إسماعيل -أحد أصحاب المحلات التجارية بوسط القاهرة: "شهر رمضان فرصة كبيرة لنا لبيع منتجات "ياميش رمضان" تعويضا للركود الذي نتعرض له أغلب أيام السنة".
وأضاف إسماعيل، في مقابلة مع "العربي الجديد"، "نحن نعاني منذ العام الماضي من ضعف في عمليات البيع، نظرًا لانشغال المواطنين بالأحداث التي تمر بها البلاد، ودخول امتحانات الثانوية العامة التي أثرت تأثيرا سلبيا على موسم الياميش وعلى حركة البيع والشراء".
اقرأ أيضاً: %91 من المصريين لا يجدون أنبوبة الغاز بالسعر المدعّم
وذكرت مصادر في غرفة تجارة القاهرة، تراجع واردات الياميش هذا الموسم إلى حدود 7 ملايين طن بدلاً من 29 مليوناً قبل أربعة أعوام، بسبب خوف التجار والمستوردين من الخسائر الفادحة، في ظل ضعف القدرة الشرائية للمستهلك.
واتخذت الحكومة في مصر حزمة إجراءات تقشفية بدأتها في يوليو/تموز الماضي، تضمنت رفع أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 70 و165% ورفع أسعار الغاز والكهرباء وتقليص دعم السلع التموينية، ما تسبب في موجة غلاء قوية في أغلب أسعار السلع، ضعفت على أساسها القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة مع عدم إقرار أية زيادات في الأجور يستوعب المواطنون من خلالها الارتفاعات الجديدة في الأسعار.
وأشار إسماعيل إلى أن عزوف المواطنين لم يؤثر في الأسعار التي سجلت زيادة بحدود 40% عن مستويات العام الماضي، موضحاً أن غلاء الأسعار أثر على "شنطة رمضان"،
وهي مجموعة من السلع الغذائية ذات كميات قليلة يرسلها ميسورو الحال والجمعيات الخيرية إلى الفقراء الذين يتجاوز عددهم 40 مليون مواطن في كل أنحاء مصر، وفق تقديرات غير رسمية.
وأضاف إسماعيل، أن سبب ارتفاع الأسعار يرجع إلى صعوبة استيراد الياميش من الخارج، في ظل شح الدولار من السوق الرسمية، فضلا عن تهاوي سعر الجنيه مقابل الدولار خلال العام الجاري.
ويقصر البنك المركزي ضخ الدولار في الأسواق على السلع الغذائية الأساسية، ما يُجبر المستوردين على اللجوء إلى الأسواق السوداء لتوفير عملة صعبة. وغالبا ما يشتري المستوردون الدولار بأسعار أعلى من الرسمية، وهو هامش يتحمله المستهلك في نهاية المطاف.
وقال إسماعيل، إن منتجات "المكسرات" لا يتحمل شراءها سوى طبقة معينة من الشعب، خاصة بعدما ارتفعت أسعارها بحدود 60% هذا العام، إذ تبلغ قيمة كيلو الفستق 150 جنيهًا (20 دولاراً) والكاجو مائة جنيه.
وتحدثت إحدى زبائن التاجر إسماعيل وتدعى سماح محمد "ربة منزل": "اكتفيت بشراء نصف الكمية من الياميش هذا العام، بسبب ارتفاع الأسعار بصورة مفزعة".
وقال أحمد حسين (موظف): "فوجئنا بارتفاع الأسعار بطريقة جنونية. لذلك سوف أكتفي بشراء التمر الهندي والبلح والكركديه والمشمشية"، مشيراً إلى أن "التجار يستغلون غياب الرقابة على الأسواق ويقومون برفع الأسعار بشكل عشوائي".
اقرأ أيضاً: مصر: انتقادات لاستبعاد التوكيلات الملاحية في قناة السويس