ارتفاع وتيرة عمليات اغتيال رجال الدين في أفغانستان

01 ابريل 2017
القوى الأمنية عاجزة عن ردع الاغتيالات (هوشانغ هاشمي/فرانس برس)
+ الخط -
برزت ظاهرة اغتيالات رجال الدين في أفغانستان في الآونة الأخيرة، بشكل متصاعد، وكان آخرها إطلاق مسلحين النار على قاري روح الله فياض، وهو عالم دين معروف، وإمام خطيب لمسجد مهترلام، مركز إقليم لغمان، شرق أفغانستان. وقد توفي أثناء نقله إلى المستشفى بمدينة جلال أباد، مركز ننجرهار. لم يتبنّ أحد مسؤولية الاغتيال، إلا أن القبائل وكل من كان يعرف الرجل، قالوا إن "قتل الرجل جريمة أتت ضمن سلسلة من الجرائم التي ترتكب كي لا يترك في أفغانستان من يسمع له". وقبل حادث اغتيال فياض بأيام قليلة، تعرّض عالم دين آخر في مدينة جلال أباد، وهو الشيخ عبد الظاهر حقاني، لهجوم تفجيري، أدى إلى مقتل شقيقه، ونجا الرجل بأعجوبة. العملية لم تتبنّها أية جهة، وبقيت غامضة، كما عملية اغتيال فياض وأمثاله.

في هذا الصدد، ثمة قائمة طويلة من علماء الدين الذين قتلوا في أفغانستان، وكان أبرزهم: المولوي عبد الصمد، إمام وخطيب جامع، قتل في مديرية بتي كوت بإقليم ننجرهار، والمولوي صلاح الدين، خطيب جامع، في مدينة زرنج، مركز إقليم نيمروز، والمولوي محمد شفيق، عالم شهير، قتل في مديرية مهمندره بإقليم ننجرهار، والمولوي رحمت شاه، إمام ومدير مدرسة دينية، وهو عالم مشهور من التيار السلفي، قتل في مدينة جلال أباد، مركز إقليم ننجرهار، والمولوي حضرت خان، عالم حنفي شهير، قتل في مدينة بشاور الباكستانية. وغيرهم من العلماء الذين اغتيلوا بيد مسلحين بغض النظر عن تياراتهم الفكرية المختلفة، ومن دون أي سبب ظاهر. ولم تتبنّ تلك الاغتيالات أية جهة.

وذكر مراقبون أن "الضحايا لا ينحازون إلى أية جهة، وليس لهم عمل سوى العمل الديني. وهناك من لا يستبعد أن تقوم الجماعات المسلحة بارتكاب بعض تلك الجرائم، تحديداً القيادة الميدانية فيها، نظراً لاختلافات فكرية أو ولاءات قبلية ودينية، ولكنها لا تتبناها إذ إنها تضر بشعبيتها".

في هذا السياق، كشفت مصادر مقرّبة من حركة "طالبان" لـ"العربي الجديد"، أنه "قتلنا بعض العلماء من دون علم القيادة العليا في الحركة، لأن أوامرها تقضي بعدم التعرض لعلماء الدين، مهما كانت الخلافات كبيرة. كما أن دستور الحركة يمنع بكل شدة التعرض للمقدسات، كالمساجد وأماكن العبادة وكذا قتل علماء الدين، ولكن يحصل ذلك في بعض الأحيان وبأمر من القيادة الميدانية".

الاختلافات الفكرية كذلك من أسباب اغتيال علماء الدين، لا سيما بعد ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في شرق أفغانستان وجنوبها. وما يؤكد ذلك كثرة الاغتيالات في صفوف علماء التيارات الفكرية، تحديداً المتشددين من الأحناف والسلفية. كما أن "داعش" يقتل كل عالم يعمل في الحكومة أو ينحاز إليها، أو يأخذ منها الراتب ولو مقابل إمامة في المسجد أو التدريس في مدرسة دينية.



كما ذكر مطلعون أن "السبب الأبرز من وراء اغتيال علماء الدين هو سعي الاستخبارات الإقليمية والدولية للقضاء على مرجعية أفغانية وعلى كل من يجمع حوله الناس. فعدا علماء الدين، فإن زعماء قبائل البشتون القاطنين في شرق وجنوب وغرب أفغانستان يُغتالون للسبب عينه أيضاً".

ووفقاً لبعض التقديرات، فإن حوالي 360 زعيماً قبلياً قُتلوا في شرق أفغانستان وحده. والتنظيمات المسلّحة كلها شريكة في ذلك. وقصة اغتيال الزعماء القبليين من قبل "داعش" في مديرية شنواري العام الماضي، أبرز ما ارتُكب في حقّ القبائل. كما تم تفجير جلسة قبلية من قبل التنظيم في مدينة جلال أباد قبل أيام، بعد أن قرر الاجتماع القبلي الدفاع عن أراضيها ومقاومة كل من يدخل إلى قراهم. من هنا، فإن الهدف ليس فقط إخلاء الساحة منهم، بل تصفية الزعامة القبلية، العائق الأكبر في وجه الجماعات المسلحة.

وليس "داعش" وحده من يقوم بهذا العمل، بل ثمة جهة مجهولة أخرى تقوم بتصفية الزعامة القبلية، ربما لصالح الاستخبارات الإقليمية والدولية. وأشار مراقبون إلى أن "داعش وغيره، وكل من يسعى للقضاء على النظام القبلي، يدركون جيداً أن القبائل والنظام القبلي أدى دوراً أكبر في مقاومة كل محتل وكل من دخل غازياً إلى هذه البلاد".

ثمة أسباب كثيرة خلف اغتيال وقتل علماء الدين وزعماء القبائل. هذا الأمر وإن استفادت منه مختلف الأطراف الاستخباراتية في المنطقة والعالم، إلا أنه يضرّ على المدى البعيد بالجماعات المسلحة، لأنها ستفقد حاضنتها الأصيلة. كما أنه يخلق الكراهية والبغضاء في نفوس القبائل.