وفي هذا الإطار، أخذت منابر إعلامية أميركية، تُبرز السيسي، كـ"أحد المؤيدين بقوة للأسد"، وتتحدث عن انشقاقه الضمني عن التحالف المجابه للنفوذ الإيراني في المنطقة، بقيادة السعودية، لأسباب غير معروفة. وسبق أن كشفت مصادر سعودية غير رسمية، عن محاولات للسيسي، بابتزاز السعودية من أجل الحصول على أموالٍ مقابل مواقف سياسية داعمة لدول التحالف، لكن انخفاض أسعار النفط ومداخيله أفشل مساعيه. ولم يعد السيسي وكبار مساعديه يخفون تأييدهم للتدخل الروسي الداعم لبقاء الأسد في السلطة، مبتعدين تماماً عن رأي السعودية وغالبية الدول العربية والغربية المطالبة بتنحّي الأسد. وهو الأمر الذي أثار تساؤلات في واشنطن، عن أسباب هذا التحوّل الطارئ على سياسات السيسي.
ولم يخلق التحول الجديد في توجّهات السيسي مأزقاً للإدارة الأميركية فحسب، بل خلق إحراجاً للمنظمات ومراكز الأبحاث التي طالما دافعت عنه في السابق، تحديداً المراكز ذات العلاقة الجيدة بالشركاء الاستراتيجيين لواشنطن، في دول مجلس التعاون الخليجي.
اقرأ أيضاً: توقف مشروع المليون وحدة يضر بشعبية السيسي
ومن المفارقات أن الإمارات والسعودية قدمتا، العام الماضي، لأحد أبرز المدافعين عن السيسي، وهو عبدالمنعم سعيد، دعماً مالياً بصورة علنية، من أجل تأسيس منظمة لا ربحية في الولايات المتحدة، تحت مسمى "معهد الدراسات الخليجية في واشنطن".
ويدير المعهد حالياً مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى، ستيفين سيش، الذي تولى كذلك قيادة سفارة بلاده لدى اليمن في أواخر سنوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح. وشارك سيش بصفته رئيساً للمعهد في جلسة استماع مهمة عقدتها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، يوم الثلاثاء، بغية مناقشة العلاقة الأميركية الاستراتيجية بدول مجلس التعاون الخليجي، والدور الأميركي في ظلّ القلق الخليجي من النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة العربية، وتداعيات الصراع الدامي في اليمن على العلاقات الخليجية الأميركية.
وتعرضت شهادة الدبلوماسي الأميركي المخضرم أمام اللجنة للطعن والتجريح فيها، حتى قبل أن يدلي بها، لمجرد أنه جزء من "معهد الدراسات الخليجية"، واعتبرت بعض المنابر الإعلامية الأميركية، أن "علاقة سيش بأحد رجال السيسي انتقاص لصدقيته".
لكن سيش استطاع الحفاظ على الصدقية والتوازن المعروف بهما، وأدلى بشهادة محايدة تجاهل فيها ذكر السيسي تماماً، مركّزاً على دول الخليج. وأبدى تفهّمه للمخاوف الخليجية من تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة العربية. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتصدر فيها مركز أبحاث في واشنطن يرأسه أحد رجال السيسي لسياسات تتناقض جذرياً مع توجّهات الرئيس المصري أو تحولاته الجديدة، وبالتالي فقد وجد عبدالمنعم سعيد نفسه في مأزق محرج لا مخرج له.
اقرأ أيضاً: صفقات السيسي العسكرية.. تسليح أم ترويج؟