في هذا الإطار، يقول عامر السيد لـ"العربي الجديد": "عانى سائقو السيارات والشاحنات الصغيرة في إدلب، من بطالة طوال فترة، لكنّهم بدأوا في الاستغلال مع بدء حركة النزوح في إدلب، إذ فرضوا أسعاراً خيالية". يتابع: "نقل صديقي أغراضه من مدينة سراقب إلى مدينة إدلب، لمسافة لا تزيد عن 20 كيلومتراً، فطلب منه سائق السيارة مبلغ 100 دولار أميركي، وهذا استغلال واضح للظروف. وبالنسبة للنقل من مناطق إدلب إلى درع الفرات قد يدفع الشخص مبلغ 200 دولار على الأقل".
وعملت منظمات، منها "بنفسج" و"الدفاع المدني السوري"، على نقل النازحين وإخلائهم مجاناً، إذ وفرت منظمة "بنفسج" أكثر من 200 سيارة لنقل العائلات النازحة كون الظروف التي تمرّ بها صعبة، وأغلب العائلات لا تملك المبالغ الكافية لخروجها".
واضطرت بعض العائلات للبقاء في بلداتها كونها لا تملك ما يمكّنها من المغادرة، وهذا الأمر شهدناه مؤخراً في بلدة كفر حمرة بريف حلب، وحدث أيضاً في مدينة معرة النعمان قبل تهجيرها بشكل كامل، إذ بقيت بعض العائلات عاجزة عن المغادرة لضيق الحالة المادية.
وتشكل حركة النزوح والتكاليف المرتفعة المرتبطة بها عبئاً كبيراً على النازحين، كون البعض منهم تنقل مرات عدة قبل وصوله إلى منطقة يمكن أن تكون مكان الاستقرار الأمثل له، وإن مؤقتاً، فهناك حالات اضطرت للتنقل من الريف الشمالي لحماة وصولاً إلى ريف إدلب الشرقي، ثم إلى الريف الشمالي لإدلب، بالقرب من الحدود السورية - التركية، كما حدث مع نازحي مخيم شام 2.
من جهته، يوضح النازح خالد العبدو لـ"العربي الجديد": "كنت أقيم في مدينة أريحا وغادرتها قبل نحو أسبوعين، وتوجهت إلى ريف إدلب الشمالي، وأقمت عند أقارب لي أياماً عدة. بعدها وجدت منزلاً في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، فانتقلت إليه، ودفعت 200 دولار أجرة نقل فقط، أي ما يعادل ضعفي إيجار المنزل الذي استأجرته في ريف حلب. هو استغلال واضح، لكنّي كنت مضطراً لنقل أثاث المنزل، فإما أن أبيع أغراضي بسعر زهيد جداً في إدلب وأغادرها مع عائلتي، أو أنقل أغراضي وأحافظ عليها، وكان هذا الخيار الأفضل رغم الكلفة المرتفعة". يتابع العبدو: "المصيبة أنّ بعض مالكي السيارات هم أيضاً نازحون عانوا مثلنا، لكنّهم لا يراعون حالنا أبداً، بل وجدوها فرصة للاستغلال. رأينا أشخاصاً على الطريق لديهم سيارات عادية حملوها بأمتعة وأغراض، وبعضهم تعرض لحوادث على الطريق كون هذه السيارات غير مخصصة للنقل، والبعض تعطلت سياراتهم على الطريق، وهو ما يسبب مشاكل كبيرة في الوصول إلى منطقة درع الفرات".
ضمت منطقتي ريفي حلب الجنوبي والغربي نحو 400 ألف شخص، اضطر القسم الأعظم منهم للنزوح ومغادرة المدن والبلدات، بينما وصلت أعداد النازحين بحسب تقارير "منسقو استجابة سورية" إلى نحو 1.7 مليون نازح، مع تأكيدات أنّ العدد أكبر نظراً لصعوبة التوثيق التي يواجهها أعضاء الفريق.