وتعد استقالة الحامدي ثالث استقالة وازنة في مؤسسة الرئاسة، بعد الاستقالة المدوية للوزير المستشار السياسي عبد الرؤوف بالطبيب، ثم انسحاب الوزير مدير الديوان الرئاسي السابق طارق بالطيب، وعودته إلى السلك الديبلوماسي.
ونشر الحامدي نص استقالته على حسابه الرسمي في فيسبوك، التي عبّر فيها عن أسفه لإعلانه نبأ استقالته بنفسه من منصب مستشار أول للأمن القومي بعد انتظاره لمدة 15 يوماً احتراماً منه لمؤسسة الرئاسة، على حد تعبيره.
وأضاف الحامدي: "لقد لامني الكثير ممن أعرفهم وممن لا أعرفهم على الاستقالة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد، وأنا أتقبل لومهم".
وأوضح الحامدي ظروف استقالته بقوله: "لقد تقدمت باستقالتي لأول مرة في اليوم الموالي لانعقاد أول جلسة لمجلس الأمن القومي، تحت إشراف السيد رئيس الجمهورية، وآخر مرة كانت يوم 16 مارس، حيث قبلها سيادة الرئيس وانتظرت صدور بلاغ رسمي حتى يوم 20 من نفس الشهر، ولمّا لم يحصُل ذلك قابلت السيد الرئيس وأعلمته بمغادرتي".
وأضاف الحامدي، حسب نص الرسالة المفتوحة، بشأن أسباب الاستقالة: "أقول مع مراعاة مقتضيات واجب التحفظ إنه حصلت لديّ القناعة بأنني أصبحت المستشار الذي لا يُستشار. ربما وجودي كان مزعجاً للبعض. بدأ يحدث هذا مباشرة بعد التحويرات (التغييرات) التي حصلت في تركيبة الديوان، وخاصة في مستوى رئاسته في أواخر جانفي (يناير/ كانون الثاني) 2020. فمنذ تلك الفترة أصبحت الأنشطة التي هي من صميم مشمولاتي تُبرمج بدون إشراكي، ولا أعلم بها إلا في اللحظات الأخيرة، ويقع استدعائي لحضورها كبقية المدعوين، وأحياناً أخرى لا أعلم بها إلا عبر وسائل الإعلام".
وعدّد مستشار الأمن القومي المستقيل المناسبات التي تم إقصاؤه من حضورها منذ تعيين مديرة الديوان الرئاسي الجديدة نادية عكاشة، ملمحاً إلى أنها أصبحت تضع أمامه "كل العراقيل والتضييقات والمضايقات والتعلّات (التبريرات) للحيلولة دون مقابلة رئيس البلاد بصفة مباشرة".
وبيّن الحامدي أنه أعلم الرئيس قيس سعيد بهذه الممارسات في العديد من المناسبات، وعبّر له عن عدم استعداده للقبول بهذا الوضع، "لكن لم يتغير شيء" على حد قوله، مؤكداً أنه يجد نفسه مضطراً إلى تقديم استقالته ومتمسكاً بها ومصرّاً عليها.
ويرى مراقبون أن الخلافات داخل قصر قرطاج بين مستشاري الرئيس ومعاونيه متواصلة ومتشعبة، وأنه صراع انطلق منذ توليه الرئاسة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وقد أثر بوضوح على أداء الرئيس وفي نشاطه، حتى إن المقربين منه من كبار المستشارين انسحبوا منذ المائة يوم الأولى من ولايته.
ويبدو أن سعيد لم يحاول إثناء مستشاريه عن الاستقالات، بحسب تصريحاتهم، ولم يخصص وقتاً لترتيب بيته الداخلي حتى يتسنى له الانكباب على حل الأزمات الخارجية، مما عمق المشاكل الداخلية داخل القصر الرئاسي.