تترقب تونس نتائج مفاوضات حكومية مع عدد من كبار مصنعي السيارات في العالم من أجل تحفيزهم على فتح مصانع سيارات موجهة للتصدير انطلاقا من هذا البلد الأفريقي.
وتعول الحكومة على خبرة طويلة لعدد من المؤسسات التونسية والأجنبية في صناعة مكونات السيارات من أجل دعم هذا التوجه وفتح مصانع كاملة لمركبات النقل بأنواعها.
وتتفاوض مجموعة "فولكسفاغن" الألمانية، عملاق صناعة السيارات في العالم، مع المسؤولين التونسيين من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن إنشاء مصنع لها لتركيب أجزاء سياراتها في تونس.
وتعتمد تونس لإقناع كبار مصنعي السيارات في العالم على قوانينها الاستثمارية الجديدة والحوافز الضريبية التي ستقدمها للمستثمرين، فضلاً عن توفر اليد العاملة المختصة في هذا المجال، لاسيما أن التوجه الحكومي في التدريب والتعليم يركز منذ سنوات على تخريج دفعات كبيرة من المهندسين والفنيين في الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي تحتاج إليها مثل هذه الصناعات.
ومنذ ثمانينات القرن الماضي، استطاع القطاع الصناعي التونسي الاستحواذ على جزء مهم من صناعة مكونات السيارات والأنشطة الميكانيكية مما جعل من تونس أحد أهم مصدّري قطع غيارات السيارات للسوق الأوروبية .
ويتضمن القطاع الذي احتضن عددا كبيرا من الشركات خلال السنوات الأخيرة، 230 مؤسسة منها 118 في قطاع الصناعات الميكانيكية والمعدنية والبلاستيكية التقنية و112 شركة في قطاع الصناعات الكهربائية.
وتصنف تونس حاليا كثاني مصدر أفريقي لقطع غيار السيارات بمختلف مكوناتها نحو الاتحاد الأوروبي ومن أكبر 10 مصنعي العالم للكوابل الكهربائية المجمعة للسيارات.
ويعتبر رؤوف بن دبة، رئيس الغرفة التجارية الألمانية التي تقود مفاوضات متقدمة مع المصنع الألماني "فولكسفاغن"، أن إقناع مصنعي السيارات بإنشاء مصانع كبرى في تونس ليس بالأمر الصعب، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى نوع من الحنكة في إدارة المفاوضات وتوفير الأرضية الأمنية والمناخ الاجتماعي السليم.
وقال بن دبّة في تصريح لـ "العربي الجديد" إن صناعة السيارات تتطلب اليد العاملة المختصة، وهو معطى مهم متوفر في تونس، مشيرا إلى أن تنقية المناخ الاجتماعي والحد من الإضرابات، من التحديات المهمة التي يجب على الحكومة توفيرها بالشراكة مع النقابات العمالية.
ويرى بن دبّة أن كسب ثقة مصنعي السيارات يفتح آفاقا صناعية مهمة في البلاد، لافتا إلى أن مصنعا واحدا من هذا الصنف قادر على تغيير الخارطة في الجهات التي تشكو من ضعف كبير في التنمية.
وكشفت السلطات التونسية الأسبوع الماضي أن الشركة الألمانية للسيارات "فولكسفاغن" تعتزم الاستثمار في تونس، من خلال إنشاء مصنع لتجميع السيارات، ليكون بذلك ثالث مصنع في شمال أفريقيا بعد مصنعها في المغرب والمصنع الذي ستشيّده في الجزائر.
وقال وزير الصناعة والتجارة، زياد العذاري، في تصريحات صحافية إن عددا من المصنعين الآسيويين الناشطين في صناعة السيارات أعربوا عن رغبتهم في إنشاء وحدات لتصنيع السيارات في تونس إلى جانب تواصل المشاورات والمباحثات مع مصنعين كبار في صناعة السيارات.
وأبرز العذاري أن نتائج دراسة حول صناعة السيارات، أبرزت أن تونس لها من المقومات والطاقات لتكون موقعا مهما في مجال صناعة السيارات. وأكد أن توجه الحكومة يرمي إلى استقطاب مصانع كبيرة للسيارات بما يسمح بنهوض القطاع ونقل التكنولوجيا وتوفير يد عاملة مختصة وإعطاء الوجهة الاستثمارية التونسية مقومات التنافسية والجاذبية.
وخلصت الدراسة التي أنجزتها الحكومة بالشراكة مع الغرفة التجارية التونسية الألمانية إلى أهمية إنجاز ميناء مياه عميقة ومنطقة لوجستية كبيرة لدعم النقل البحري وتخفيف الضغط على الموانئ الحالية التي لم تعد تتماشى مع متطلبات المرحلة الاقتصادية الجديدة.
ووفق مصادر وزارة التجارة والصناعة شهد قطاع مكونات السيارات في تونس تطورا بنحو 60 ضعفا في السنوات الأخيرة، وقفزت صادراته من 100 مليون دينار (44 مليون دولار) إلى معدل 6 مليارات دينار (2.8 مليار دولار)، كما يوفر 80 ألف فرصة عمل ويستقطب 200 مؤسسة ثلثاها مؤسسات أجنبية.
وقال المستثمر وصاحب أكبر مصنع لكوابل السيارات في تونس فوزي اللومي، إن الانتقال لمرحلة تصنيع السيارات واستقطاب كبرى الشركات العالمية، هو النتيجة الحتمية لمراكمة الخبرة التونسية في مجال صناعة مكونات السيارات.
واعتبر اللومي أن هذه المرحلة تأخرت مقارنة بعدد من الدول المنافسة لتونس في صناعة قطاع الغيار، معتبرا أن عوامل عديدة اجتمعت لإقناع كبار الصنعين بفتح مصانعهم في تونس، منها تحسّن المناخ الاجتماعي وتراجع نسب الإضرابات وإصدار تشريعات جديدة للاستثمار.
وأضاف اللومي لـ "العربي الجديد"، أن التوجه الحالي يرتكز على المرور من مرحلة تركيب السيارات إلى مرحلة تصنيع السيارات، لافتا إلى أن في تونس طاقات كبيرة وهامة في عدد من المجالات التكنولوجية المرتبطة بصناعة السيارات على غرار الرادار والكاميرا ووحدات المراقبة والمحركات الكهربائية والبطاريات.
ولا يحجب التفاؤل الحكومي باستقطاب كبار مصنعي السيارات في العالم وتطوير وحدة تصنيع الطائرات الإيرباص، السلبيات التي تسجلها وكالات التصنيف العالمي بشأن الاقتصاد التونسي وجاذبيته الاستثمارية، حيث خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الجمعة الماضي، تصنيف تونس درجة واحدة، مشيرة إلى انخفاض السياحة وتباطؤ الاستثمارات.
وتراجعت تونس من "بي بي سلبي" إلى "بي إيجابي"، وأبقت الآفاق مستقرة.
وقالت الوكالة إن تراجع السياحة في أجواء من المخاطر المرتفعة للأمن وتباطؤ الاستثمارات مع تغييرات متكررة للحكومة وفصول من الإضراب، عوامل أضعفت النمو والآفاق الاقتصادية.
وقدرت الوكالة الانتعاش الاقتصادي في تونس بحدود 1.2% فقط في 2016، مقابل معدل 4.5% قبل ثورة 2011، وحوالى 4% للدول المصنفة بالدرجة نفسها. وتوقعت فيتش أن تبلغ نسبة نمو إجمالي الناتج المحلي لتونس 2.3%في 2017 و2.5% في 2018.
ويعتبر المستثمر ومدير عام علامة "بيجو" الفرنسية عبد الرحيم الزواري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن رغبة العلامات الكبرى في تصنيع سيارات بتونس سبقتها عملية جس نبض خلال السنوات الماضية من خلال توقيع اتفاقيات لتوسيع السوق المحلية، أفضت إلى دخول ماركات آسيوية وغيرها، وهو ما يمثل بالنسبة للصناعيين فرصة لاكتساح سوق تمثل بوابة مهمة للسوق الأفريقية.
وبين الزواري أن توفر اليد العاملة المختصة، يشجع أيضا المستثمرين على تصنيع سيارات في تونس، مؤكدا أن تركيز مناهج التعليم على الشعَب الصناعية مكّن تونس من تهيئة الأرضية للانتقال من مرحلة صناعة تعتمد على التركيب وقطع الغيار إلى مرحلة التصنيع الكلي لمختلف أصناف العربات.
في المقابل، يخشى وكلاء بيع السيارات في تونس أن تطاولهم قرارات ترشيد الواردات، التي تنوي الحكومة تطبيقها في الفترة المقبلة للحد من تفاقم عجز الميزان التجاري.
وتقول وزارة التجارة والصناعة إنها تُعد استراتيجية للنهوض بالقطاع الصناعي، بحيث يكون قاطرة الاقتصاد بحلول عام 2030.
اقــرأ أيضاً
وتعول الحكومة على خبرة طويلة لعدد من المؤسسات التونسية والأجنبية في صناعة مكونات السيارات من أجل دعم هذا التوجه وفتح مصانع كاملة لمركبات النقل بأنواعها.
وتتفاوض مجموعة "فولكسفاغن" الألمانية، عملاق صناعة السيارات في العالم، مع المسؤولين التونسيين من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن إنشاء مصنع لها لتركيب أجزاء سياراتها في تونس.
وتعتمد تونس لإقناع كبار مصنعي السيارات في العالم على قوانينها الاستثمارية الجديدة والحوافز الضريبية التي ستقدمها للمستثمرين، فضلاً عن توفر اليد العاملة المختصة في هذا المجال، لاسيما أن التوجه الحكومي في التدريب والتعليم يركز منذ سنوات على تخريج دفعات كبيرة من المهندسين والفنيين في الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي تحتاج إليها مثل هذه الصناعات.
ومنذ ثمانينات القرن الماضي، استطاع القطاع الصناعي التونسي الاستحواذ على جزء مهم من صناعة مكونات السيارات والأنشطة الميكانيكية مما جعل من تونس أحد أهم مصدّري قطع غيارات السيارات للسوق الأوروبية .
ويتضمن القطاع الذي احتضن عددا كبيرا من الشركات خلال السنوات الأخيرة، 230 مؤسسة منها 118 في قطاع الصناعات الميكانيكية والمعدنية والبلاستيكية التقنية و112 شركة في قطاع الصناعات الكهربائية.
وتصنف تونس حاليا كثاني مصدر أفريقي لقطع غيار السيارات بمختلف مكوناتها نحو الاتحاد الأوروبي ومن أكبر 10 مصنعي العالم للكوابل الكهربائية المجمعة للسيارات.
ويعتبر رؤوف بن دبة، رئيس الغرفة التجارية الألمانية التي تقود مفاوضات متقدمة مع المصنع الألماني "فولكسفاغن"، أن إقناع مصنعي السيارات بإنشاء مصانع كبرى في تونس ليس بالأمر الصعب، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى نوع من الحنكة في إدارة المفاوضات وتوفير الأرضية الأمنية والمناخ الاجتماعي السليم.
وقال بن دبّة في تصريح لـ "العربي الجديد" إن صناعة السيارات تتطلب اليد العاملة المختصة، وهو معطى مهم متوفر في تونس، مشيرا إلى أن تنقية المناخ الاجتماعي والحد من الإضرابات، من التحديات المهمة التي يجب على الحكومة توفيرها بالشراكة مع النقابات العمالية.
ويرى بن دبّة أن كسب ثقة مصنعي السيارات يفتح آفاقا صناعية مهمة في البلاد، لافتا إلى أن مصنعا واحدا من هذا الصنف قادر على تغيير الخارطة في الجهات التي تشكو من ضعف كبير في التنمية.
وكشفت السلطات التونسية الأسبوع الماضي أن الشركة الألمانية للسيارات "فولكسفاغن" تعتزم الاستثمار في تونس، من خلال إنشاء مصنع لتجميع السيارات، ليكون بذلك ثالث مصنع في شمال أفريقيا بعد مصنعها في المغرب والمصنع الذي ستشيّده في الجزائر.
وقال وزير الصناعة والتجارة، زياد العذاري، في تصريحات صحافية إن عددا من المصنعين الآسيويين الناشطين في صناعة السيارات أعربوا عن رغبتهم في إنشاء وحدات لتصنيع السيارات في تونس إلى جانب تواصل المشاورات والمباحثات مع مصنعين كبار في صناعة السيارات.
وأبرز العذاري أن نتائج دراسة حول صناعة السيارات، أبرزت أن تونس لها من المقومات والطاقات لتكون موقعا مهما في مجال صناعة السيارات. وأكد أن توجه الحكومة يرمي إلى استقطاب مصانع كبيرة للسيارات بما يسمح بنهوض القطاع ونقل التكنولوجيا وتوفير يد عاملة مختصة وإعطاء الوجهة الاستثمارية التونسية مقومات التنافسية والجاذبية.
وخلصت الدراسة التي أنجزتها الحكومة بالشراكة مع الغرفة التجارية التونسية الألمانية إلى أهمية إنجاز ميناء مياه عميقة ومنطقة لوجستية كبيرة لدعم النقل البحري وتخفيف الضغط على الموانئ الحالية التي لم تعد تتماشى مع متطلبات المرحلة الاقتصادية الجديدة.
ووفق مصادر وزارة التجارة والصناعة شهد قطاع مكونات السيارات في تونس تطورا بنحو 60 ضعفا في السنوات الأخيرة، وقفزت صادراته من 100 مليون دينار (44 مليون دولار) إلى معدل 6 مليارات دينار (2.8 مليار دولار)، كما يوفر 80 ألف فرصة عمل ويستقطب 200 مؤسسة ثلثاها مؤسسات أجنبية.
وقال المستثمر وصاحب أكبر مصنع لكوابل السيارات في تونس فوزي اللومي، إن الانتقال لمرحلة تصنيع السيارات واستقطاب كبرى الشركات العالمية، هو النتيجة الحتمية لمراكمة الخبرة التونسية في مجال صناعة مكونات السيارات.
واعتبر اللومي أن هذه المرحلة تأخرت مقارنة بعدد من الدول المنافسة لتونس في صناعة قطاع الغيار، معتبرا أن عوامل عديدة اجتمعت لإقناع كبار الصنعين بفتح مصانعهم في تونس، منها تحسّن المناخ الاجتماعي وتراجع نسب الإضرابات وإصدار تشريعات جديدة للاستثمار.
وأضاف اللومي لـ "العربي الجديد"، أن التوجه الحالي يرتكز على المرور من مرحلة تركيب السيارات إلى مرحلة تصنيع السيارات، لافتا إلى أن في تونس طاقات كبيرة وهامة في عدد من المجالات التكنولوجية المرتبطة بصناعة السيارات على غرار الرادار والكاميرا ووحدات المراقبة والمحركات الكهربائية والبطاريات.
ولا يحجب التفاؤل الحكومي باستقطاب كبار مصنعي السيارات في العالم وتطوير وحدة تصنيع الطائرات الإيرباص، السلبيات التي تسجلها وكالات التصنيف العالمي بشأن الاقتصاد التونسي وجاذبيته الاستثمارية، حيث خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الجمعة الماضي، تصنيف تونس درجة واحدة، مشيرة إلى انخفاض السياحة وتباطؤ الاستثمارات.
وتراجعت تونس من "بي بي سلبي" إلى "بي إيجابي"، وأبقت الآفاق مستقرة.
وقالت الوكالة إن تراجع السياحة في أجواء من المخاطر المرتفعة للأمن وتباطؤ الاستثمارات مع تغييرات متكررة للحكومة وفصول من الإضراب، عوامل أضعفت النمو والآفاق الاقتصادية.
وقدرت الوكالة الانتعاش الاقتصادي في تونس بحدود 1.2% فقط في 2016، مقابل معدل 4.5% قبل ثورة 2011، وحوالى 4% للدول المصنفة بالدرجة نفسها. وتوقعت فيتش أن تبلغ نسبة نمو إجمالي الناتج المحلي لتونس 2.3%في 2017 و2.5% في 2018.
ويعتبر المستثمر ومدير عام علامة "بيجو" الفرنسية عبد الرحيم الزواري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن رغبة العلامات الكبرى في تصنيع سيارات بتونس سبقتها عملية جس نبض خلال السنوات الماضية من خلال توقيع اتفاقيات لتوسيع السوق المحلية، أفضت إلى دخول ماركات آسيوية وغيرها، وهو ما يمثل بالنسبة للصناعيين فرصة لاكتساح سوق تمثل بوابة مهمة للسوق الأفريقية.
وبين الزواري أن توفر اليد العاملة المختصة، يشجع أيضا المستثمرين على تصنيع سيارات في تونس، مؤكدا أن تركيز مناهج التعليم على الشعَب الصناعية مكّن تونس من تهيئة الأرضية للانتقال من مرحلة صناعة تعتمد على التركيب وقطع الغيار إلى مرحلة التصنيع الكلي لمختلف أصناف العربات.
في المقابل، يخشى وكلاء بيع السيارات في تونس أن تطاولهم قرارات ترشيد الواردات، التي تنوي الحكومة تطبيقها في الفترة المقبلة للحد من تفاقم عجز الميزان التجاري.
وتقول وزارة التجارة والصناعة إنها تُعد استراتيجية للنهوض بالقطاع الصناعي، بحيث يكون قاطرة الاقتصاد بحلول عام 2030.