استوديوهات إيلينغ البريطانية... أقدم معامل إنتاج الأفلام في العالم

13 فبراير 2018
أحد المشاهد السينمائية أمام استوديو إيلينغ غي عام 1951(Getty)
+ الخط -
بعيداً عن وسط مدينة لندن الصاخبة، وفي بقعة هادئة بمنطقة إيلينغ، التي تقع في غربي العاصمة البريطانية، توجد أقدم استوديوهات في العالم؛ ففي عام 1902، أقدم باركر وايت لودج على شراء هذه المنشأة، كقاعدة لصنع الأفلام، وباتت تُعرف باسم استوديوهات إيلينغ لإنتاج أفلام التلفزيون والسينما. 
تقع استوديوهات إيلينغ غربي لندن، على الطريق الواصل بين مطار هيثرو ووسط لندن. وتعتبر مكاتبها غارقة في التاريخ، بعد أن نجت من الحربين العالميتين، فضلاً عن التقدّم التكنولوجي في السينما والتلفزيون. وهي أقدم استوديوهات في العالم، استمرّت في العمل لغاية يومنا هذا، أي منذ ما يقارب قرن من الزمن.

يوجد في هذه الاستوديوهات خمسة مسارح، تتراوح مساحتها بين ألف وعشرة آلاف قدم مربعة، وتتألّف من ثلاثة مسارح كلاسيكية تعود لعام 1930. وتمّ تجهيزها بجميع المرافق التي تلبي جميع أنواع الإنتاج. وكانت هذه المكاتب المرنة، موطنا لعدد لا يحصى من البرامج التلفزيونية والدراما والأفلام الروائية.

تمّ افتتاح المسارح الصوتية في عام 1931، مع تطوير الاستوديوهات من قبل "أسوشيتد تالكنغ بيكتورس". وفي الثلاثينيات، سطع اسم إيلينغ مع الكوميديا الموسيقية التي تضم نجوماً مثل غراسي فييلدز وستانلي هولواي وجورج فورمبي.

وتشتهر استوديوهات إيلينغ، بإنتاج أفلام عالمية، وخلق أفلام حرب أكثر واقعية أثناء فترات الاقتتال، عبر توظيف سينمائيين محترفين. كذلك، شهدت فترة ما بعد الحرب انفجار الكوميديا السوداء، تسخر من المجتمع البريطاني الذي كان يمرّ بتغييرات سريعة في ذلك الوقت.
كما أنتجت بعد الحرب العالمية الثانية، سلسلة من الأفلام الكلاسيكية والكوميدية التي لاقت نجاحاً، ومنها جواز السفر إلى بيمليكو، لافندر هيل موب ولاديكيلرز.

اشترت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" استوديوهات إيلينغ في عام 1955، وهي في ذروتها، فاستخدمها 56 طاقما كقاعدة لتصوير الأفلام الدرامية والأفلام الوثائقية وغيرها من البرامج. وتمّ إنتاج عدد لا يُحصى من برامج الـ "بي بي سي" الشهيرة في فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات في إيلينغ. وعلى سبيل المثال، لا الحصر: "Come Home"، و"Z-Cars"، و"Colditz"، و"Porridge" وغيرها.



وفي عام 2000، استولى على هذه الاستوديوهات اتحاد شركات، بما فيه شركة إنتاج مستقلة "Fragile Films"، وشركة "Manhattan Loft corporation". استثمر الاتحاد أكثر من 20 مليون جنيه إسترليني في إعادة تطوير واسعة النطاق للموقع بأكمله، مع الحفاظ على مسارحه الأصلية سليمة.

تعمل شركة "Fragile Films"، اليوم من مقر إيلينغ، وأصدرت عناوين سينما وتلفزيون، من ضمنها أفلام سانت ترينيان. وتستمر مسارح واستوديوهات إيلينغ في استضافة أفضل دراما بريطانية، مثل داونتون آبي وذي كراون، فضلاً عن الأفلام المشهورة مثل "The Theory of Everything" و"The Darkest Hour" و" Bridget Jones".
اللافت أنّ هذه الاستوديوهات حافظت، منذ إنشائها، على هوية بريطانية واضحة وشعور بالمجتمع، كما يذكر موقع إيلينغ استوديو. وكانت موطنا للعديد من المخرجين، على مدى القرن الماضي.

واليوم، يدعم مبنى إيلينغ المصمم ليتماشى مع القرن الـ21، روح الجرأة والتفكير القيادي. يعيد مقرّ إيلينغ الحياة لأفلام دولية مثيرة وبرامج تلفزيونية، كل يوم، على مسارح الإنتاج لديه. وفي الوقت ذاته، تستقبل مكاتبه مجموعات من المهنيين والطلاب الذين يعملون على مجموعة واسعة من وسائل الإعلام والمحتوى والتكنولوجيا.

تعد استوديوهات إيلينغ، مكان ولادة السينما البريطانية، وكانت في طليعة الثورة الإعلامية منذ عام 1902. أطلقت عدداً من الأعمال الدرامية البريطانية المهمّة في القرن العشرين، على الشاشتين الكبيرة والصغيرة، على حد سواء.

وصادف عام 2017، الذكرى الأربعين لوفاة السير مايكل بالكون الذي كان رئيساً للإنتاج في استوديوهات إيلينغ، في منتصف القرن العشرين. وكان بالكون، الذي وُلد في مدينة برمنغهام عام 1896، بدأ حياته المهنية في الأفلام بعد الحرب العالمية الأولى. ويعود الكثير من الفضل في ازدهار استوديوهات إيلينج إلى بالكون، لاختياره المميز للكتاب والممثلين والفنيين. حيث هدف إلى الحصول على الجودة وليس الكمية، ولم ينتج سوى ستّة أفلام في المتوسط سنوياً. بيد أنّ الحرب اندلعت بعد فترة وجيزة من وصول بالكون إلى إيلينغ، فبدأت الاستوديوهات التي تضرّرت من جرائها، بإنتاج أفلام حرب.

قال بالكون، في وقت لاحق من حياته وبعد حصوله على رتبة فارس في عام 1948، "إنّ سنواته في استوديوهات إيلينغ هي السنوات الأكثر تطويراً لحياته المهنية، وربما الأكثر ازدهارا في تاريخ إنتاج الأفلام البريطانية".
المساهمون