في السنوات الماضية، برزت في العراق، حالة من الفوضى شملت الاستيلاء على عقارات العراقيين المغتربين، من خلال تزوير سندات الملكية، ونقلها من أصحابها الشرعيين إلى آخرين من دون علمهم، وذلك بالتورط مع موظفين في دوائر التسجيل وسماسرة عقارات.
لكنّ الحكومة العراقية باشرت خلال الأشهر الماضية خطوات جدية لمعالجة الوضع من خلال لجان مشتركة بين وزارات العدل والداخلية وهيئة النزاهة وجهاز الاستخبارات، وهو ما أدى إلى الإيقاع بكثير من شبكات التزوير تلك، إلاّ أنّ ذلك لا يعني انتهاء الحالة هذه في أغلب المدن العراقية.
تقول نهال محمد: "اشتريت قطعة أرض سكنية غير زراعية من أحد مكاتب العقارات في مدينة بعقوبة (57 كم شمال شرق بغداد) ودفعت مبلغ 10 ملايين دينار عراقي (نحو 8 آلاف دولار) كدفعة أولى، على أن أستكمل المبلغ وهو 25 مليون دينار (20 ألف دولار) بعد إنهاء إجراءات البيع، لكنّ البائع هرب". تضيف لـ"العربي الجديد": "لم أكن أعرف أنّ مالك الأرض الحقيقي مسافر خارج البلاد، وبعد مدة من التعاقد على شراء قطعة الأرض اتضح أنّ البائع أغلق مكتبه وهواتفه ولم يبقَ في المدينة، بل لم نتمكن من الوصول إليه، وهناك آخرون اشتروا بالطريقة نفسها، فوقعوا ضحية هذا المكتب. قيل لنا إنّ الأرض بيعت أكثر من مرة لأكثر من شخص، وهي لا تعود للمكتب العقاري هذا، بل إلى شخص غادر البلاد منذ سنوات. لم نحصل على الأموال التي دفعناها ولم نحصل على الأرض التي اشتريناها، ما زلنا نبحث عن صاحب المكتب الذي هرب بأموالنا، وقد وكلنا القضية إلى محامٍ لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وننتظر ما يقوم به لنستعيد جزءاً من المال الذي دفعناه على الأقل، لأنّ تحويل القضية إلى المحاكم يعني دفع أموال كثيرة لكسب القضية".
اقــرأ أيضاً
في هذا الخصوص، تقول المحامية مِنن المهداوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ العديد من القضايا تصل إلى محكمة بعقوبة، حول بيع العقارات بالتزوير، ما يعني أنّ هناك مافيات تتولى تزوير العقود وبطاقات الأحوال الشخصية الخاصة بأشخاص يملكون عقارات في مناطق متفرقة لبيعها لمواطنين آخرين، والهرب بالأموال التي يحصلون عليها منهم، فيقع كثيرون في فخ تلك العصابات. تشير إلى أنّ هذه القضية، بحسب سجلات المحاكم، تفاقمت بعد عام 2003، ما يعني استغلالاً واضحاً لحالة الانفلات الأمني في البلاد، وهجرة كثير من العراقيين، فضلاً عن انتشار الرشاوى حتى داخل مؤسسات الدولة، لأنّ كثيراً من أعضاء تلك العصابات يفلتون من العقاب، بنتيجة دفعهم رشاوى لموظفين في الدولة". تؤكد المهداوي على ضرورة عدم إفلات أيّ مزور ومختلس لعقارات الآخرين من العقوبة وفق القانون، إذ تنص المادة 289 من قانون العقوبات العراقي، المختصة بالتزوير، على السجن مدة لا تزيد على 15 سنة لمن يرتكب تزويراً في محرر رسمي.
من جهته، كشف القاضي الأول لمحكمة بداءة البياع في بغداد، علي العلاق، في تصريح صحافي، أنّ السبب في حالات التزوير يعود إلى استغلال التقدم التكنولوجي الذي يمارسه هؤلاء المزورون بإصدار هويات الأحوال المدنية، بالإضافة إلى جلب وكالات مزورة من الصعب على دوائر التسجيل العقاري اكتشاف أنّها مزورة، مُرجعاً انتشار حالات التزوير في السنوات الأخيرة إلى ضعاف النفوس الذين يستغلون وجود المالك الأصلي خارج العراق لغرض تزوير هوية الأحوال المدنية له، أو جلب وكالة مزورة باسمه من أجل نقل العقار إلى اسم شخص آخر.
ذكر العلاق أنّ هناك حالات كثيرة حدثت في منطقة السيدية، في بغداد، منها قيام شخص بجلب قسام شرعي (إفادة وفاة) مزور، يزعم أنّ صاحب العقار متوفٍ، وجرى تحويل ذلك العقار إلى شخص آخر، ثم ألقى القبض عليه، وغالباً ما يستغلون المناطق الأكثر ارتفاعاً في أسعار العقارات، ومنها السيدية والبياع، لممارسة التزوير، لافتاً إلى أنّ المحاكم سجلت كثيراً من دعاوى إبطال قيد العقار، مبيناً أنّ جميع العقارات تجري إعادتها إلى المالكين الأصليين.
بدوره، قال القاضي الأول لمحكمة بداءة الكرادة، في بغداد، جاسم حسين دنان، إنّ الشائع في الوقت الحالي هو تحويل عدة عقارات باسم أشخاص، بالاستناد إلى معاملات بيع مزورة، مستغلين سفر أصحاب العقارات خارج البلاد، والاحتيال على دوائر التسجيل العقاري من خلال تزوير هوية المالك، أو تزوير وكالة منه بنقل الملكية، وأحياناً يحصل تواطؤ من موظفي دائرة التسجيل العقاري مع المزورين.
اقــرأ أيضاً
وأشار دنان إلى أنّ معالجة هذه الظاهرة تجري بعدة وسائل، منها إسناد إجراء معاملات التسجيل في دوائر التسجيل العقاري إلى موظفين من ذوي الخبرة والكفاءة ممن يتمتعون بالنزاهة والأمانة، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في ما يتعلق بهويات المالكين، وبصمة الإبهام أو العين، وضرورة تحديث المعلومات الخاصة بمالكي العقارات.
لكنّ الحكومة العراقية باشرت خلال الأشهر الماضية خطوات جدية لمعالجة الوضع من خلال لجان مشتركة بين وزارات العدل والداخلية وهيئة النزاهة وجهاز الاستخبارات، وهو ما أدى إلى الإيقاع بكثير من شبكات التزوير تلك، إلاّ أنّ ذلك لا يعني انتهاء الحالة هذه في أغلب المدن العراقية.
تقول نهال محمد: "اشتريت قطعة أرض سكنية غير زراعية من أحد مكاتب العقارات في مدينة بعقوبة (57 كم شمال شرق بغداد) ودفعت مبلغ 10 ملايين دينار عراقي (نحو 8 آلاف دولار) كدفعة أولى، على أن أستكمل المبلغ وهو 25 مليون دينار (20 ألف دولار) بعد إنهاء إجراءات البيع، لكنّ البائع هرب". تضيف لـ"العربي الجديد": "لم أكن أعرف أنّ مالك الأرض الحقيقي مسافر خارج البلاد، وبعد مدة من التعاقد على شراء قطعة الأرض اتضح أنّ البائع أغلق مكتبه وهواتفه ولم يبقَ في المدينة، بل لم نتمكن من الوصول إليه، وهناك آخرون اشتروا بالطريقة نفسها، فوقعوا ضحية هذا المكتب. قيل لنا إنّ الأرض بيعت أكثر من مرة لأكثر من شخص، وهي لا تعود للمكتب العقاري هذا، بل إلى شخص غادر البلاد منذ سنوات. لم نحصل على الأموال التي دفعناها ولم نحصل على الأرض التي اشتريناها، ما زلنا نبحث عن صاحب المكتب الذي هرب بأموالنا، وقد وكلنا القضية إلى محامٍ لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وننتظر ما يقوم به لنستعيد جزءاً من المال الذي دفعناه على الأقل، لأنّ تحويل القضية إلى المحاكم يعني دفع أموال كثيرة لكسب القضية".
في هذا الخصوص، تقول المحامية مِنن المهداوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ العديد من القضايا تصل إلى محكمة بعقوبة، حول بيع العقارات بالتزوير، ما يعني أنّ هناك مافيات تتولى تزوير العقود وبطاقات الأحوال الشخصية الخاصة بأشخاص يملكون عقارات في مناطق متفرقة لبيعها لمواطنين آخرين، والهرب بالأموال التي يحصلون عليها منهم، فيقع كثيرون في فخ تلك العصابات. تشير إلى أنّ هذه القضية، بحسب سجلات المحاكم، تفاقمت بعد عام 2003، ما يعني استغلالاً واضحاً لحالة الانفلات الأمني في البلاد، وهجرة كثير من العراقيين، فضلاً عن انتشار الرشاوى حتى داخل مؤسسات الدولة، لأنّ كثيراً من أعضاء تلك العصابات يفلتون من العقاب، بنتيجة دفعهم رشاوى لموظفين في الدولة". تؤكد المهداوي على ضرورة عدم إفلات أيّ مزور ومختلس لعقارات الآخرين من العقوبة وفق القانون، إذ تنص المادة 289 من قانون العقوبات العراقي، المختصة بالتزوير، على السجن مدة لا تزيد على 15 سنة لمن يرتكب تزويراً في محرر رسمي.
من جهته، كشف القاضي الأول لمحكمة بداءة البياع في بغداد، علي العلاق، في تصريح صحافي، أنّ السبب في حالات التزوير يعود إلى استغلال التقدم التكنولوجي الذي يمارسه هؤلاء المزورون بإصدار هويات الأحوال المدنية، بالإضافة إلى جلب وكالات مزورة من الصعب على دوائر التسجيل العقاري اكتشاف أنّها مزورة، مُرجعاً انتشار حالات التزوير في السنوات الأخيرة إلى ضعاف النفوس الذين يستغلون وجود المالك الأصلي خارج العراق لغرض تزوير هوية الأحوال المدنية له، أو جلب وكالة مزورة باسمه من أجل نقل العقار إلى اسم شخص آخر.
ذكر العلاق أنّ هناك حالات كثيرة حدثت في منطقة السيدية، في بغداد، منها قيام شخص بجلب قسام شرعي (إفادة وفاة) مزور، يزعم أنّ صاحب العقار متوفٍ، وجرى تحويل ذلك العقار إلى شخص آخر، ثم ألقى القبض عليه، وغالباً ما يستغلون المناطق الأكثر ارتفاعاً في أسعار العقارات، ومنها السيدية والبياع، لممارسة التزوير، لافتاً إلى أنّ المحاكم سجلت كثيراً من دعاوى إبطال قيد العقار، مبيناً أنّ جميع العقارات تجري إعادتها إلى المالكين الأصليين.
بدوره، قال القاضي الأول لمحكمة بداءة الكرادة، في بغداد، جاسم حسين دنان، إنّ الشائع في الوقت الحالي هو تحويل عدة عقارات باسم أشخاص، بالاستناد إلى معاملات بيع مزورة، مستغلين سفر أصحاب العقارات خارج البلاد، والاحتيال على دوائر التسجيل العقاري من خلال تزوير هوية المالك، أو تزوير وكالة منه بنقل الملكية، وأحياناً يحصل تواطؤ من موظفي دائرة التسجيل العقاري مع المزورين.
وأشار دنان إلى أنّ معالجة هذه الظاهرة تجري بعدة وسائل، منها إسناد إجراء معاملات التسجيل في دوائر التسجيل العقاري إلى موظفين من ذوي الخبرة والكفاءة ممن يتمتعون بالنزاهة والأمانة، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في ما يتعلق بهويات المالكين، وبصمة الإبهام أو العين، وضرورة تحديث المعلومات الخاصة بمالكي العقارات.