يعيش المدنيون في مدينة الحسكة السورية، حالة من الخوف الدائم خوفاً من الاعتقالات المتكررة التي تشنها مليشيات "الدفاع الوطني" الموالية للنظام السوري وقوات "الأسايش" التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، منذ بداية شهر أغسطس/آب الجاري.
وقال أحد سكان المدينة، ويدعى محمد صقر: "على الرغم من إطلاق سراح العديد من المدنيين الذين تم احتجازهم خلال الفترة الماضية، لكن حالة التوتر لا تزال قائمة؛ لذا يحجم العديد من الناس، خصوصاً الموظفين عن الذهاب إلى أعمالهم خوفاً من الاعتقال".
ورأى صقر أن "سكان الحسكة باتوا ضحية المشاحنات السياسية والعسكرية بين الطرفين اللذين يتقاسمان السيطرة على المدينة"، مؤكداً أن "هذه الممارسات تسهم في إشعال التوترات القومية بين العرب والأكراد في المدينة التي عرفت بتعايشها لعشرات السنوات".
وكانت التوترات الأخيرة في المدينة، قد نشبت إثر شن مليشيات "الدفاع الوطني" الموالية للنظام، حملة اعتقالات بحق مطلوبين للخدمة العسكرية الاحتياطية، وشملت اعتقالاتها موظفين من مديرية السجل المدنية ودائرة المواصلات في حي غويران، ومدنيين وطلاب من حي النشوة الشرقية.
وسارعت قوات "الأسايش" إلى الردّ على هذه الحملة، باعتقال موظفين عرب، بينهم مدراء مؤسسات رسمية، كمدير مؤسسة المياه ومدير المطاحن.
واستمرت بعد ذلك حوادث الاعتقال العشوائي من الطرفين على أساس قومي، وبات عناصر "الدفاع الوطني" يعتقلون الأكراد و"قوات الأسايش" يعتقلون عرباً.
واستدعت هذه الخلافات تدخل "مجلس السلم الأهلي في المدينة" للتوسط بين الطرفين، والذي أعلن لاحقاً نجاحه في إطلاق سراح 35 مدنياً، كانوا معتقلين لدى قوات "الدفاع الوطني".
وأشار جميل الكردي، من سكان الحسكة إلى أن "المدينة تشهد صدامات متكررة بين عناصر الطرفين، تصل أحياناً إلى الاشتباك بالأسلحة ووقوع ضحايا، وتعقبها عمليات انتقامية كالاعتقالات والتشويل (التشبيح والسرقة)، وغالباً ما يدفع ثمنها مدنيون".
وأضاف: "هناك حالة توتر عام في الشوارع والأسواق، منذ يومين نشب خلاف بين عناصر من الطرفين في السوق وبدأوا بإطلاق الرصاص في الهواء، فهرب الجميع وأغلقت المحال، وأصيب إثرها شخص، وطاولت أضرار مادية عدداً من المحال التجارية".
يذكر أن مدينة الحسكة الواقعة شمال شرق سورية تمتاز بوجود تنوع قومي وديني؛ ووفقاً لدارسة صادرة عن مركز الشرق العربي، تضم الحسكة المكون العربي والكردي والآشوري، وتتبعها 595 قرية وبلدة.
ويسيطر حزب "الاتحاد الديمقراطي" على الجزء الأكبر من المدينة وجزء من البلدات المحيطة، فيما تسيطر قوات النظام على مراكز أمنية وعسكرية وأحياء معينة داخل المدينة، إضافة إلى بعض القرى والبلدات المحيطة.