على مدار الأيام الماضية، كانت وسائل الإعلام المصرية تتبارى في التقاط تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لتحولها لمواد صحافية، تكسب بها ودّ النظام والرئيس. هكذا، التقطت الصحف والمواقع الإخبارية الكلمات من لسان السيسي، وصنعت منها تقارير وملفات و"فيتشرات" اتسمت بالسطحية، ما جعلها مادة خصبة للسخرية والتهكم عبر منصات التواصل الاجتماعي، تنافس تصريحات قائلها. نرصد أبرز منافسات وسائل الإعلام المصرية، لتحويل كلمات الرئيس لـ"حكم ونصائح أبوية".
البطاطس
"البلاد تُبنى بالمعاناة لا بالبطاطس"، كان التصريح الأبرز للسيسي خلال المؤتمر، تعقيبًا على أزمة ارتفاع سعر البطاطس في الأسواق المصرية لتصل لـ14 جنيهًا "أقل قليلًا من دولار أميركي واحد". هذا التصريح تلقّفته صحيفة "اليوم السابع المصرية"، بنشر أخبار شبه يومية عن تراجع أسعار البطاطس في الأسواق بمقدار "نصف جنيه"، مثل خبر بعنوان "أسعار البطاطس تنخفض نصف جنيه اليوم الثلاثاء 6-11-2018". وتقرير آخر بعنوان "تعرف على أهم 12 ملفاً تطرق إليها السيسي خلال جلسات منتدى شباب العالم"، جاء فيه "تطرق الرئيس إلى ملف أزمة ارتفاع أسعار البطاطس باعتباره ملفا شغل حيزا كبيرا من تفكير المواطنين خلال الأسبوعين الماضيين، لكن الرئيس في نهاية المطاف حثّ المواطنين على عدم التوقف عند ملفات ثانوية والاهتمام ببناء الوطن والحفاظ عليه".
وفي صحيفة "المصري اليوم"، كتب محمد الأمين مقالًا بعنوان "نبني الوطن ونأكل بطاطس"، كتب فيه "نحن نحب الوطن ونحب البطاطس.. ونحب الرئيس ونحب البطاطس.. نحن لا نطلب اللحوم ولا الأسماك.. كان من المفترض أن تهتم حكومة الرئيس السيسي بدراسة المشكلة.. هل السبب هو الزراعة، أم التصدير، أم مافيا الاحتكار".
وانتقى موقع صحيفة "الوطن" رسالة تلقاها عبر بريد القراء، بعنوان "يا بطاطس"، لنشرها عبر موقعه الإلكتروني، وجاء فيها "أيتها البطاطس.. فراقك لا يحزننا.. وثمنك لا يبهرنا ولا يفزعنا.. كم أكلناك مقلية والزيوت هي أكبر بليّة.. فالبِطْنة أسوأ ما فينا وبضع لقيمات تكفينا.. ما أكثر نعم الله علينا استغنينا عنك استغنينا.. فلتخبروها يا سامعينا.. أقسمت ألا أشتريها إلا لما ربنا يهديها.. فكم تحسّرت على ماضيها وتذكرت أقدم أغانيها.. حلوة يا بطاطس مقلية.. والعصفر أكل الشعرية.. فقلت في نفسي سأقاطعها فلا قلبي ولا عقلي معها.. سأحتمل لفترة دلعها لعل الشوق يرجعها.. وتعود لسابق تواضعها فثلاثة جنيهات تكفيها.. ولن أدفع أكثر من ذلك فيها".
أوزان الشباب
في إحدى جلسات المؤتمر، وجّه السيسي النظر إلى شكل ومستوى لياقة الطلاب في الجامعات والمدارس المصرية، مشيرًا إلى أن الطلاب الذين ظهروا في "الفيديو" الخاص بمسابقة أفضل جامعة، والأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب، أوزانهم مرتفعة، وقال "المفروض تنزل النص".
كان هذا التصريح كفيلًا لصحيفة "الوطن" لنشر تقرير بعنوان "عقب انتقاد السيسي الأوزان الزائدة للشباب..5 نصائح للحصول على جسم مثالي"، قدمت من خلاله خبيرة في التغذية بعض القواعد الثابتة التي يمكن اتباعها للمحافظة على الوزن المثالي لجسم الشباب.
"الوطن" أيضًا، نشر تقريراً بعنوان "انتقدها السيسي.. خبير تغذية يوضح أسباب زيادة أوزان طلبة الجامعات"، تضمن "الشباب في مرحلة الجامعة ينعزل بشكل تام عن المنزل، وتكون له حياته الخاصة، حسب الدكتور شادي عبدالعزيز، خبير التغذية، موضحًا أن اختلاف مواعيد طلاب الجامعة عن عائلاتهم، فيما يخص الاستيقاظ والنوم والمذاكرة، يجعل أسلوب حياتهم سريعا، ويجبرهم على عدم انتظام مواعيد الأكل".
"الوطن" أيضًا نشر تقريرا بعنوان "أوزان الشباب والطلاق وتنظيم الأسرة.. أحاديث السيسي "خارج الصندوق"، جاء فيه "أحاديثه خارجة عن المألوف لا ترتبط برسميات أو تحفُّظات تعيق الحلول، ملمًّا بجميع المشاكل التي تتعلق بمواطنيه يبرزها دائما في لقاءاته المستمرة مع الشباب، سواء بالأرقام أو الشواهد، آخرها حديثه خلال جلسات منتدى شباب العالم، المستضاف بمدينة شرم الشيخ، تحت رعايته بمشاركة آلاف الشباب من حول العالم".
مواقع التواصل الاجتماعي
ما إن قال السيسي خلال إحدى جلسات المنتدى إنّ "مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر علينا بالسلب"، حتى تنافست الصحف والمواقع الإخبارية على تقديم تقارير عن مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها ما نشره موقع صحيفة "الأهرام" الإلكتروني بعنوان "بعد تحذير الرئيس من سلبياتها.. كيف نعظم الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي". وجاء فيه "قامت "بوابة الأهرام" باستطلاع آراء الخبراء المختصين في مجال التكنولوجيا، لوضع رؤيتهم حول كيفية تعظيم الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي، وتنفيذ رؤية الرئيس في تلك المبادرة".
وتناول الخبراء الحديث عن "تأثير تلك المواقع في عدة مجالات في حياة الإنسان، ومنها مشاركة الصور وما تحمله من إيحاءات قد تحتوي على العنف أو على مشاهد غير مناسبة، ممّا يلحق الضرر بسلوك الأطفال والمراهقين، فضلًا عن تداول ونشر المعلومات الخاطئة والشائعات، أيضًا يمكن أن يشارك أشخاص بعض المعلومات التي قد تُشكل تهديدات لهم، فحتى مع إعدادات الأمان قد تتسرب بعض المعلومات الشخصية على المواقع الاجتماعية، مما يسهم كثرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تقليل فرص التواصل المباشر والفعلي مع الأشخاص وجهاً لوجه، وذلك لأنّ البعض ينشغل بشكل كبير أثناء استعماله لهذه الشبكات، ممّا قد يزعج من حوله، ويقلّل من رغبتهم في الحديث معه".
فيما نشر "المصري اليوم" دراسة عن "إدمان الإنترنت بالسويد، بعنوان "مواقع التواصل الاجتماعي تُفقِد الإنسان إحساسه بالوقت".
ونشر "اليوم السابع" في تقريره بعنوان "تعرف على أهم 12 ملفا تطرق إليها السيسي خلال جلسات منتدى شباب العالم"، جاء فيه "رغم مناداة البعض بضرورة كبْح جماح شبكات التواصل الاجتماعي، والسوشيال ميديا، إلا أن الرئيس السيسي أكد أن أي محاولة لمنع وسائل التواصل الاجتماعي سيكون مصيرها الفشل، لذلك وجه الرئيس بتشكيل لجنة قومية لمناقشة تعظيم الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي".
الإعلام المحلي والدولي
أما عما قاله السيسي بشأن الإعلام، فكان لـ"اليوم السابع" نصيب الأسد فيه، حيث أشاد السيسي بتغطيته و"مهنيته". فنشر الموقع تقريرًا بعنوان من 31 كلمة "الرئيس يشيد باليوم السابع في حواره مع الإعلام الأجنبي بشرم الشيخ.. واليوم السابع يعتبره تشريفا وتكليفا بإمداد الصحف الأجنبية بالمعلومات الحقيقية عن مصر والمنطقة العربية.. ولجنة لإعداد قائمة بريدية للتواصل فورًا".
أما المتن فتضمن "وسط هذه الأجواء أشاد الرئيس السيسي بموقع اليوم السابع كأساس لضخّ المعلومات الحقيقية في مصر والمنطقة العربية، مشيراً إلى أهمية الاستناد إلى المعلومات الحقيقية من الجهات الموثوقة، خاصة للمراسلين الأجانب والإعلام الخارجي، هذه الإشادة من الرئيس باليوم السابع، تمثل فخراً لمحرري الموقع الذين أسعدهم وأثلج صدورهم متابعة رئيس الجمهورية لما يبذلونه من جهد، وفي الوقت الذي نعتبر ذلك تشريفا كبيرا لصالة تحرير اليوم السابع، فإننا نعتبره كذلك تكليفا، يؤكد التزامنا بجمع المعلومات الحقيقية وإنتاجها للرأي العام المصري والعربي ووسائل الإعلام الأجنبي".