ما كادت أوروبا تخرج من أزمة الاستفتاء البريطاني "بريكست"، حتى دخلت في أزمة الاستفتاء الإيطالي "إيطاليكست" الذي يهدد بسقوط الاعتدال وصعود التيار الشعبوي المتطرف إلى الحكم في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
وتدخل إيطاليا هذا الاستفتاء بحكومة ضعيفة تعاني من الانقسام، واقتصاد هش يعاني من بطالة مرتفعة وديون متفاقمة وأزمة مصرفية تهدد ادخارات المواطنين ومعاشات كبار السن.
ويستغل اليمين المتطرف الذي تقوده حركة "فايف ستار" المطالبة بانفصال إيطاليا عن منطقة اليورو، هذا الضعف الشديد الذي يعتري الاقتصاد الايطالي في تأليب المواطنين ضد الحكومة، بل وضد أوروبا والمؤسسات الرسمية في البلاد، ويدعو إلى تغيير شامل يخرج ايطاليا من أوروبا ويعيد لها مجدها القديم.
ومن أهم الأدوات التي تستخدمها حركة "فايف ستار" التي تقود التيار الشعبوي في إيطاليا، نسبة البطالة المرتفعة التي تفوق 11% وترتفع وسط الشباب إلى أكثر من 39.2%، وذلك حسب إحصائيات "يوروستات" التي ترصد البيانات المالية والاقتصادية في أوروبا.
كما أن الإنتاج الصناعي انخفض بنسبة 0.5% منذ دخول إيطاليا في منطقة اليورو، يضاف إلى ذلك مشكلة الهجرة التي تتدفق على البلاد من شمال أفريقيا.
وإيطاليا بلد غارق في الديون، حيث يبلغ الدين العام فيها حوالي 133% من إجمالي الناتج المحلي، أي أكثر من 2.4 تريليون دولار، وتعادل خدمة هذه الديون سنوياً نسبة 3.3% من الناتج القومي، وسط ركود اقتصادي وتدن في القوة الشرائية وندرة في الوظائف الجديدة، وهو ما ينذر بمستقبل قاتم.
وحسب تقديرات خبراء في صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية ومؤسسات بحثية أميركية، تتراوح نسب النمو للاقتصاد الايطالي بين 0.7%، حسب المفوضية الأوروبية، وبين 1.25% حسب المؤسسات الإيطالية.
ولم تشهد إيطاليا نمواً في الاقتصاد منذ انضمامها لمنطقة اليورو في العام 1999. كما تعاني من أزمة مصرفية متفاعلة منذ العام الماضي، وكانت الحكومة الحالية قد وعدت بإنقاذ 8 بنوك ضعيفة ومهددة بالإفلاس، عبر ضخ 40 مليار يورو في رأس مالها.
وسيعني التصويت بـ"لا"، ذهاب خطة إنقاذ البنوك أدراج الرياح حسب مراقبين.
وما يزيد من قلق المستثمرين أن التصويت بـ"لا" على هذه التعديلات الدستورية سيعني سقوط حكومة رئيس الوزراء ماتيو رينزي، وهو ما سيعني عملياً فوز حركة "فايف ستار"، التي ربما تؤلب الشارع الإيطالي ضد البرلمان الحالي، وتطالب بإجراء انتخابات عامة بدلاً من اختيار رئيس وزراء جديد، خاصة أن رينزي لم ينتخب.
وبالنسبة للمستثمرين، فإن هذا قد يعني حدوث فوضى سياسية في إيطاليا حسب محللين، ربما تهدد عملياً استثماراتهم في الأسهم والسندات الإيطالية.
وخلال الشهر الجاري شهدت سوق المال الإيطالية هروباً كبيراً من قبل المستثمرين الأجانب، خاصة من السندات السيادية التي بيعت بكثافة وسط ارتفاع نسبة الفائدة عليها، كما شهدت أسهم البنوك الإيطالية انخفاضاً كبيراً بسبب المبيعات المكثفة لها طوال الشهر الحالي، رغم تطمينات "المركزي الأوروبي" للمستثمرين بأنه سيعمل على إنقاذها من الإفلاس.
ومن بين المؤشرات على تزايد قلق المستثمرين الأجانب في إيطاليا، ارتفاع كلفة التأمين على السندات السيادية الإيطالية، أي السندات التي تصدرها الحكومة إلى أعلى مستوى لها منذ استفتاء "بريكست" الذي هز الثقة في بقاء أوروبا متماسكة.
وحسب مؤشرات سوق المال الإيطالية، ارتفعت الفائدة على السندات السيادية بحوالي 163 نقطة أساس أي "1.63%".
وتوقع مصرف "يو بي إس" السويسري، أن يرتفع الفارق بين الفائدة على السندات الحكومية في ايطاليا وبين السندات الحكومية الألمانية إلى 200 نقطة أساس، إذا ما صوت الإيطاليون بـ"لا" للاستفتاء.
ويذكر أن الأسهم الأوروبية أغلقت على انخفاض في نهاية تعاملات الأسبوع بعدما تراجعت إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع في أعقاب التقدم المتواصل لحركة "فايف ستار" في استطلاعات الرأي.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة في إيطاليا إلى أن 54% من الإيطاليين سيصوتون بـ"لا".
وحتى نهاية الأسبوع يوم الجمعة يتقدم المعسكر الرافض للتعديل والمتوقع أن يصوت بـ"لا"، على المعسكر المطالب بالتعديل، أي معسكر "نعم"، بمعدل يتراوح بين 8 إلى 10 نقاط.
وتعاني إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية من فشل متواصل في الاستقرار السياسي واستمرارية الحكومات في السلطة.
ومنذ العام 1945، أي في أعقاب سقوط الدكتاتور بينتو موسوليني الذي تحالف مع النازية، سقطت 63 حكومة، وإذا سقطت حكومة رينزي، فسيرتفع العدد إلى 64، وهو ما يعني أن متوسط بقاء رئيس الوزراء في الحكم يقل عن عام واحد.
والاستفتاء الذي يصوت فيه الإيطاليون اليوم يجرى على تعديلات دستورية تنص على تقليص عدد أعضاء البرلمان الذي يطلق عليه اسم "سينت" إلى مائة عضو فقط وتسهيل إجراءات اتخاذ القرارات الحكومية.
وعلى الرغم من أن الاستفتاء لا علاقة له بالحكومة الإيطالية أو برئيس الوزراء الحالي أو حتى الاتحاد الأوروبي، إلا أن نتيجته ستحدد في النهاية مصير حكومة رئيس الوزراء الحالي ماتيو رينزي، وذلك ببساطة لأن رينزي تعهد بأنه سيستقيل في حال تصويت الشعب الإيطالي ضد التعديل الدستوري.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حركة "فايف ستار" الشعبوية المتطرفة، التي تتزايد شعبيتها في إيطاليا، ربطت مشاكل إيطاليا المالية والاقتصادية بعضويتها في منطقة اليورو وتلقي باللوم كاملاً على تعثر نمو الاقتصاد في البلاد على المفوضية الأوروبية.
وتحمل الحركة بروكسل المسؤولية في تدهور الاقتصاد الإيطالي وارتفاع البطالة وزيادة الهجرة.
وتنشط "فايف ستار" منذ أكثر من عام وتستغل جيوش البطالة في حملة ضخمة تعبئ فيها المواطنين ضد الاتحاد الأوروبي وعملة اليورو وتدعوهم إلى إسقاط الحكومة الحالية واستقلال البلاد عن الاتحاد الأوروبي وعودة إيطاليا إلى العملة الوطنية الليرة، التي كانت مستخدمة قبل العام 1999.
وتكثف حركة "فايف ستار" انتقاداتها لمشروع الوحدة النقدية "اليورو"، حيث أقنعت العديد من الإيطاليين أن ألمانيا وظفت مشروع منطقة اليورو، أي العملة الأوروبية الواحدة، لصالحها وحولت باقي دول منطقة اليورو، خاصة دول الجنوب الأوروبي ومن بينها إيطاليا، إلى مجتمعات مستهلكة للبضائع والخدمات الألمانية.
وتقول إن عملة اليورو منعت بلادهم من استخدم العملة الوطنية "الليرة" في لحظات الضعف الاقتصادي.
وواصلت ألمانيا فرض سياسات التقشف في أعقاب أزمة المال العالمية في العام 2008، في وقت عملت معظم دول العالم على اتباع سياسات التحفيز الكمي وتوسيع الكتلة النقدية ودعم الشركات والبنوك وقطاع الخدمات، عبر شراء سنداتها بأسعار أعلى من ثمنها الحقيقي، لتحريك ماكينة الإنتاج.
ويرى مراقبون أن ما سيقود حركة "فايف ستار" إلى النجاح وإسقاط هذا الاستفتاء، ليس العامل السياسي وإنما عوامل الفشل الاقتصادي وإحساس المواطن الإيطالي بأن الطريق للرخاء بات مسدوداً أمامه، والرسالة المختصرة التي تبثها الحركة أن السبب في تدهور البلاد هي عضويتنا في "منطقة اليورو".
اقــرأ أيضاً
وتدخل إيطاليا هذا الاستفتاء بحكومة ضعيفة تعاني من الانقسام، واقتصاد هش يعاني من بطالة مرتفعة وديون متفاقمة وأزمة مصرفية تهدد ادخارات المواطنين ومعاشات كبار السن.
ويستغل اليمين المتطرف الذي تقوده حركة "فايف ستار" المطالبة بانفصال إيطاليا عن منطقة اليورو، هذا الضعف الشديد الذي يعتري الاقتصاد الايطالي في تأليب المواطنين ضد الحكومة، بل وضد أوروبا والمؤسسات الرسمية في البلاد، ويدعو إلى تغيير شامل يخرج ايطاليا من أوروبا ويعيد لها مجدها القديم.
ومن أهم الأدوات التي تستخدمها حركة "فايف ستار" التي تقود التيار الشعبوي في إيطاليا، نسبة البطالة المرتفعة التي تفوق 11% وترتفع وسط الشباب إلى أكثر من 39.2%، وذلك حسب إحصائيات "يوروستات" التي ترصد البيانات المالية والاقتصادية في أوروبا.
كما أن الإنتاج الصناعي انخفض بنسبة 0.5% منذ دخول إيطاليا في منطقة اليورو، يضاف إلى ذلك مشكلة الهجرة التي تتدفق على البلاد من شمال أفريقيا.
وإيطاليا بلد غارق في الديون، حيث يبلغ الدين العام فيها حوالي 133% من إجمالي الناتج المحلي، أي أكثر من 2.4 تريليون دولار، وتعادل خدمة هذه الديون سنوياً نسبة 3.3% من الناتج القومي، وسط ركود اقتصادي وتدن في القوة الشرائية وندرة في الوظائف الجديدة، وهو ما ينذر بمستقبل قاتم.
وحسب تقديرات خبراء في صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية ومؤسسات بحثية أميركية، تتراوح نسب النمو للاقتصاد الايطالي بين 0.7%، حسب المفوضية الأوروبية، وبين 1.25% حسب المؤسسات الإيطالية.
ولم تشهد إيطاليا نمواً في الاقتصاد منذ انضمامها لمنطقة اليورو في العام 1999. كما تعاني من أزمة مصرفية متفاعلة منذ العام الماضي، وكانت الحكومة الحالية قد وعدت بإنقاذ 8 بنوك ضعيفة ومهددة بالإفلاس، عبر ضخ 40 مليار يورو في رأس مالها.
وسيعني التصويت بـ"لا"، ذهاب خطة إنقاذ البنوك أدراج الرياح حسب مراقبين.
وما يزيد من قلق المستثمرين أن التصويت بـ"لا" على هذه التعديلات الدستورية سيعني سقوط حكومة رئيس الوزراء ماتيو رينزي، وهو ما سيعني عملياً فوز حركة "فايف ستار"، التي ربما تؤلب الشارع الإيطالي ضد البرلمان الحالي، وتطالب بإجراء انتخابات عامة بدلاً من اختيار رئيس وزراء جديد، خاصة أن رينزي لم ينتخب.
وبالنسبة للمستثمرين، فإن هذا قد يعني حدوث فوضى سياسية في إيطاليا حسب محللين، ربما تهدد عملياً استثماراتهم في الأسهم والسندات الإيطالية.
وخلال الشهر الجاري شهدت سوق المال الإيطالية هروباً كبيراً من قبل المستثمرين الأجانب، خاصة من السندات السيادية التي بيعت بكثافة وسط ارتفاع نسبة الفائدة عليها، كما شهدت أسهم البنوك الإيطالية انخفاضاً كبيراً بسبب المبيعات المكثفة لها طوال الشهر الحالي، رغم تطمينات "المركزي الأوروبي" للمستثمرين بأنه سيعمل على إنقاذها من الإفلاس.
ومن بين المؤشرات على تزايد قلق المستثمرين الأجانب في إيطاليا، ارتفاع كلفة التأمين على السندات السيادية الإيطالية، أي السندات التي تصدرها الحكومة إلى أعلى مستوى لها منذ استفتاء "بريكست" الذي هز الثقة في بقاء أوروبا متماسكة.
وحسب مؤشرات سوق المال الإيطالية، ارتفعت الفائدة على السندات السيادية بحوالي 163 نقطة أساس أي "1.63%".
وتوقع مصرف "يو بي إس" السويسري، أن يرتفع الفارق بين الفائدة على السندات الحكومية في ايطاليا وبين السندات الحكومية الألمانية إلى 200 نقطة أساس، إذا ما صوت الإيطاليون بـ"لا" للاستفتاء.
ويذكر أن الأسهم الأوروبية أغلقت على انخفاض في نهاية تعاملات الأسبوع بعدما تراجعت إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع في أعقاب التقدم المتواصل لحركة "فايف ستار" في استطلاعات الرأي.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة في إيطاليا إلى أن 54% من الإيطاليين سيصوتون بـ"لا".
وحتى نهاية الأسبوع يوم الجمعة يتقدم المعسكر الرافض للتعديل والمتوقع أن يصوت بـ"لا"، على المعسكر المطالب بالتعديل، أي معسكر "نعم"، بمعدل يتراوح بين 8 إلى 10 نقاط.
وتعاني إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية من فشل متواصل في الاستقرار السياسي واستمرارية الحكومات في السلطة.
ومنذ العام 1945، أي في أعقاب سقوط الدكتاتور بينتو موسوليني الذي تحالف مع النازية، سقطت 63 حكومة، وإذا سقطت حكومة رينزي، فسيرتفع العدد إلى 64، وهو ما يعني أن متوسط بقاء رئيس الوزراء في الحكم يقل عن عام واحد.
والاستفتاء الذي يصوت فيه الإيطاليون اليوم يجرى على تعديلات دستورية تنص على تقليص عدد أعضاء البرلمان الذي يطلق عليه اسم "سينت" إلى مائة عضو فقط وتسهيل إجراءات اتخاذ القرارات الحكومية.
وعلى الرغم من أن الاستفتاء لا علاقة له بالحكومة الإيطالية أو برئيس الوزراء الحالي أو حتى الاتحاد الأوروبي، إلا أن نتيجته ستحدد في النهاية مصير حكومة رئيس الوزراء الحالي ماتيو رينزي، وذلك ببساطة لأن رينزي تعهد بأنه سيستقيل في حال تصويت الشعب الإيطالي ضد التعديل الدستوري.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حركة "فايف ستار" الشعبوية المتطرفة، التي تتزايد شعبيتها في إيطاليا، ربطت مشاكل إيطاليا المالية والاقتصادية بعضويتها في منطقة اليورو وتلقي باللوم كاملاً على تعثر نمو الاقتصاد في البلاد على المفوضية الأوروبية.
وتحمل الحركة بروكسل المسؤولية في تدهور الاقتصاد الإيطالي وارتفاع البطالة وزيادة الهجرة.
وتنشط "فايف ستار" منذ أكثر من عام وتستغل جيوش البطالة في حملة ضخمة تعبئ فيها المواطنين ضد الاتحاد الأوروبي وعملة اليورو وتدعوهم إلى إسقاط الحكومة الحالية واستقلال البلاد عن الاتحاد الأوروبي وعودة إيطاليا إلى العملة الوطنية الليرة، التي كانت مستخدمة قبل العام 1999.
وتكثف حركة "فايف ستار" انتقاداتها لمشروع الوحدة النقدية "اليورو"، حيث أقنعت العديد من الإيطاليين أن ألمانيا وظفت مشروع منطقة اليورو، أي العملة الأوروبية الواحدة، لصالحها وحولت باقي دول منطقة اليورو، خاصة دول الجنوب الأوروبي ومن بينها إيطاليا، إلى مجتمعات مستهلكة للبضائع والخدمات الألمانية.
وتقول إن عملة اليورو منعت بلادهم من استخدم العملة الوطنية "الليرة" في لحظات الضعف الاقتصادي.
وواصلت ألمانيا فرض سياسات التقشف في أعقاب أزمة المال العالمية في العام 2008، في وقت عملت معظم دول العالم على اتباع سياسات التحفيز الكمي وتوسيع الكتلة النقدية ودعم الشركات والبنوك وقطاع الخدمات، عبر شراء سنداتها بأسعار أعلى من ثمنها الحقيقي، لتحريك ماكينة الإنتاج.
ويرى مراقبون أن ما سيقود حركة "فايف ستار" إلى النجاح وإسقاط هذا الاستفتاء، ليس العامل السياسي وإنما عوامل الفشل الاقتصادي وإحساس المواطن الإيطالي بأن الطريق للرخاء بات مسدوداً أمامه، والرسالة المختصرة التي تبثها الحركة أن السبب في تدهور البلاد هي عضويتنا في "منطقة اليورو".