مع زيارة وزير الصناعة الجزائري، عبدالسلام بوشوارب، على رأس وفد اقتصادي كبير يضم 50 رجل أعمال ومسؤولي مؤسسات اقتصادية جزائرية إيران بين 15 مايو/أيار الحالي و18 منه، تكون الجزائر قد استكملت حلقة الوصل بمحور دمشق طهران موسكو، بعد زيارة رئيس الحكومة الجزائرية، عبدالمالك سلال، إلى روسيا، وزيارة مساعد وزير الخارجية الجزائري، عبدالقادر مساهل، إلى سورية، في الأسابيع الأخيرة، وتكون قد حسمت خيارها السياسي وخطت خطوة أخرى أبعد عن كتلة المواقف العربية.
مع أن العنوان "اقتصادي"، إلا أن زيارة بوشوارب طهران، تحمل أبعاداً سياسية. وفي هذا الصدد، يقول رئيس اللجنة المختلطة الجزائرية الإيرانية، عبدالمجيد خبزي، إن "الوفد الاقتصادي الجزائري الذي سيرأسه بوشوارب، سيشارك في مجلس الأعمال الإيراني الجزائري"، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الزيارة تستهدف بحث إمكانية توقيع عقود تعاون بين الشركات الجزائرية والإيرانية، تحديداً في مجال المشتقات البترولية".
لكن الزيارة التي تُعدّ الأولى لوفد اقتصادي جزائري، منذ رفع العقوبات الاقتصادية على إيران قبل أشهر، تُكرّس بشكل كبير التقارب السياسي الكبير بين البلدين، إذ ترتبط الجزائر وإيران بعلاقات سياسية متميزة في العقد الأخير. ذلك لأن الجزائر ظلّت بين أكثر الدول الداعمة لإيران في صراعها مع القوى الغربية بشأن برنامجها النووي. ودعمت حق طهران في استعمال الطاقة النووية للاستخدام السلمي، كما تتوافق مواقف البلدين بشأن كثير من القضايا الإقليمية والدولية كسورية والموقف العربي من حزب الله واليمن وغيرها.
بالعودة إلى سجل العلاقات الجزائرية الإيرانية، فقد عرفت هذه العلاقات تطوراً مهماً على الصعيد السياسي والاقتصادي، بعد قطيعة سياسية دامت سبع سنوات منذ عام 1995، إثر إعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، نتيجة موقف إيران الداعم لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، واتهام الجزائر لطهران بـ"دعم الجماعات الإرهابية".
اقــرأ أيضاً
وتبادل رئيسا البلدين الزيارات، فقام الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بزيارة إيران في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2003، ليردّها الرئيس الإيراني السابق، محمد خاتمي، بزيارة للجزائر في أكتوبر 2004. كما زار الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، الجزائر في أغسطس/آب 2007، بينما زار بوتفليقة طهران مجدداً في أغسطس 2008.
كما تعزز تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، وكان آخرها زيارة إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، حسن روحاني، في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى الجزائر، ولقائه بوتفليقة. وما ساهم في التقارب بين الطرفين، هو رفض الجزائر للقرار العربي بتصنيف حزب الله كـ"تنظيم إرهابي"، فضلاً عن زيارة مساهل إلى سورية قبل أسبوعين.
التطور النوعي في العلاقات السياسية بين البلدين، أثمر في ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين على الصعيد الاقتصادي، والذي انتقل من 9 ملايين دولار عام 2006 إلى 25 مليون دولار عام 2007. كما أثمر بالتوقيع على اتفاق لإنشاء لجنة مشتركة عليا تجتمع سنوياً لبحث علاقات التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري بين البلدين، وإنشاء مصنع للإسمنت بالجزائر باستثمار تُقدّر قيمته بـ220 مليون يورو. كما تمّ الاتفاق على إنتاج وتسويق عربات القطار بين الشركة الجزائرية "فيروفيال" والشركة الإيرانية "فاغون بارس"، وافتتاح ممثلية تجارية لشركة صناعة السيارات "إيران – خودرو" بالجزائر وإنشاء مصنع لتركيب السيارات. ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، بل حازت شركات إيرانية على عدد من الصفقات لإنجاز المشاريع السكنية في الجزائر، وتسعى إيران أيضاً لفتح فرع للبنك الإيراني لتطوير الصادرات الإيرانية إلى الجزائر.
بالإضافة إلى ذلك، أبدت إيران رغبتها في تطوير تعاونها في مجال الطاقة والمناجم مع الجزائر، واستعدادها تقديم المساعدة في تطوير القدرة الجزائرية على استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. أما في قطاع النفط، فقد أبرمت شركات إيرانية صفقة، للتزويد بخزانات لتخزين المحروقات مع الشركة الجزائرية للنفط.
اللافت هنا، أن الجزائر تحوّلت إلى خيار محور طهران موسكو دمشق، بعد شعورها بتكتّل عربي ضدها، تحديداً بعد بيان مجلس التعاون الخليجي الأخير، الشهر الماضي، والداعم للطرح المغربي في قضية الصحراء المغربية.
ويبدي المحلل السياسي مروان الوناس، اعتقاده أن "تكثيف الزيارات باتجاه محور طهران موسكو دمشق، هو ردّ واضح على مواقف دول عربية. وتفعيلها بهذه الكثافة دليل غضب واستياء ورسالة موجّهة إلى العواصم الخليجية، التي اختارت كسر مبدأ الحياد في قضية الصحراء. وذلك على الرغم من أن المسؤولين الجزائريين والدوائر القريبة من الحكومة، تُشدّد على أن العلاقات كانت ولا تزال تاريخية بين الجزائر وروسيا وسورية وحتى إيران، وأنها ليست وليدة الظروف الراهنة".
ويضيف الوناس، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الدبلوماسية الجزائرية تحرّكت ميدانياً باتجاه الدول الأقرب إليها سياسياً وأيديولوجياً وتاريخياً وتشبهها في طبيعة النظام السياسي. مع العلم أن الجزائر عمدت طيلة الفترة الماضية، في سورية، إلى محاولة إمساك العصا من الوسط، وعدم الجهر بدعمها النظام السوري، حفاظاً على خيوط العلاقة مع المحور الآخر. لكن يبدو أن الموقف الخليجي الأخير دفع الحكومة إلى تحديد موقعها، والانضمام إلى محور طهران موسكو دمشق، وعلى الرغم أن مساعد وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل نفى ذلك، مشدّداً على أن علاقات بلاده ممتازة مع السعودية وبقية دول الخليج، إلا أن ذلك لا يمكنه أن يغطي على حقيقة الغضب الجزائري من المواقف الخليجية الأخيرة المنحازة بشكل علني ومباشر للمغرب في قضية الصحراء".
لكن الزيارة التي تُعدّ الأولى لوفد اقتصادي جزائري، منذ رفع العقوبات الاقتصادية على إيران قبل أشهر، تُكرّس بشكل كبير التقارب السياسي الكبير بين البلدين، إذ ترتبط الجزائر وإيران بعلاقات سياسية متميزة في العقد الأخير. ذلك لأن الجزائر ظلّت بين أكثر الدول الداعمة لإيران في صراعها مع القوى الغربية بشأن برنامجها النووي. ودعمت حق طهران في استعمال الطاقة النووية للاستخدام السلمي، كما تتوافق مواقف البلدين بشأن كثير من القضايا الإقليمية والدولية كسورية والموقف العربي من حزب الله واليمن وغيرها.
بالعودة إلى سجل العلاقات الجزائرية الإيرانية، فقد عرفت هذه العلاقات تطوراً مهماً على الصعيد السياسي والاقتصادي، بعد قطيعة سياسية دامت سبع سنوات منذ عام 1995، إثر إعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، نتيجة موقف إيران الداعم لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، واتهام الجزائر لطهران بـ"دعم الجماعات الإرهابية".
وتبادل رئيسا البلدين الزيارات، فقام الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بزيارة إيران في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2003، ليردّها الرئيس الإيراني السابق، محمد خاتمي، بزيارة للجزائر في أكتوبر 2004. كما زار الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، الجزائر في أغسطس/آب 2007، بينما زار بوتفليقة طهران مجدداً في أغسطس 2008.
كما تعزز تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، وكان آخرها زيارة إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، حسن روحاني، في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى الجزائر، ولقائه بوتفليقة. وما ساهم في التقارب بين الطرفين، هو رفض الجزائر للقرار العربي بتصنيف حزب الله كـ"تنظيم إرهابي"، فضلاً عن زيارة مساهل إلى سورية قبل أسبوعين.
التطور النوعي في العلاقات السياسية بين البلدين، أثمر في ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين على الصعيد الاقتصادي، والذي انتقل من 9 ملايين دولار عام 2006 إلى 25 مليون دولار عام 2007. كما أثمر بالتوقيع على اتفاق لإنشاء لجنة مشتركة عليا تجتمع سنوياً لبحث علاقات التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري بين البلدين، وإنشاء مصنع للإسمنت بالجزائر باستثمار تُقدّر قيمته بـ220 مليون يورو. كما تمّ الاتفاق على إنتاج وتسويق عربات القطار بين الشركة الجزائرية "فيروفيال" والشركة الإيرانية "فاغون بارس"، وافتتاح ممثلية تجارية لشركة صناعة السيارات "إيران – خودرو" بالجزائر وإنشاء مصنع لتركيب السيارات. ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، بل حازت شركات إيرانية على عدد من الصفقات لإنجاز المشاريع السكنية في الجزائر، وتسعى إيران أيضاً لفتح فرع للبنك الإيراني لتطوير الصادرات الإيرانية إلى الجزائر.
بالإضافة إلى ذلك، أبدت إيران رغبتها في تطوير تعاونها في مجال الطاقة والمناجم مع الجزائر، واستعدادها تقديم المساعدة في تطوير القدرة الجزائرية على استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. أما في قطاع النفط، فقد أبرمت شركات إيرانية صفقة، للتزويد بخزانات لتخزين المحروقات مع الشركة الجزائرية للنفط.
ويبدي المحلل السياسي مروان الوناس، اعتقاده أن "تكثيف الزيارات باتجاه محور طهران موسكو دمشق، هو ردّ واضح على مواقف دول عربية. وتفعيلها بهذه الكثافة دليل غضب واستياء ورسالة موجّهة إلى العواصم الخليجية، التي اختارت كسر مبدأ الحياد في قضية الصحراء. وذلك على الرغم من أن المسؤولين الجزائريين والدوائر القريبة من الحكومة، تُشدّد على أن العلاقات كانت ولا تزال تاريخية بين الجزائر وروسيا وسورية وحتى إيران، وأنها ليست وليدة الظروف الراهنة".
ويضيف الوناس، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الدبلوماسية الجزائرية تحرّكت ميدانياً باتجاه الدول الأقرب إليها سياسياً وأيديولوجياً وتاريخياً وتشبهها في طبيعة النظام السياسي. مع العلم أن الجزائر عمدت طيلة الفترة الماضية، في سورية، إلى محاولة إمساك العصا من الوسط، وعدم الجهر بدعمها النظام السوري، حفاظاً على خيوط العلاقة مع المحور الآخر. لكن يبدو أن الموقف الخليجي الأخير دفع الحكومة إلى تحديد موقعها، والانضمام إلى محور طهران موسكو دمشق، وعلى الرغم أن مساعد وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل نفى ذلك، مشدّداً على أن علاقات بلاده ممتازة مع السعودية وبقية دول الخليج، إلا أن ذلك لا يمكنه أن يغطي على حقيقة الغضب الجزائري من المواقف الخليجية الأخيرة المنحازة بشكل علني ومباشر للمغرب في قضية الصحراء".