الآباء يشترون الأجهزة الذكيّة.. والأطفال يدمنونها

16 يوليو 2014
يصاب بعض الأطفال بالوحدة والكآبة بسبب التكنولوجيا(ميلاين فريمان/Getty)
+ الخط -

لم يُحدّد الكثير من الأهالي موقفهم من استخدام أطفالهم التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها. يضيعون بين الدراسات الكثيرة التي يحذّر بعضها من التأثير السلبي للهواتف الذكية وغيرها على الأولاد، وعدم القدرة على ضبط "الاستخدام" المفرط لها دائماً. فهي سمة العصر الحالي. 

وكان لافتاً ابتكار ريتشارد ساه تطبيقاً جديداً حمل اسم "دينر تايم بارنتل كونترول"، يُتيح للآباء والأمهات تحديد أوقات استخدام أطفالهم للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية، حتى لا يهملون واجباتهم المدرسية، أو قضاء وقت مع الأسرة. تطبيقٌ وصفته بعض العائلات بالمنقذ، علماً أن بعضهم يعتقدون أنه يمكن للأهل ضبط الأمر من دون الحاجة إلى عامل مساعد.

عائلات كثيرة وجدت نفسها، في بادئ الأمر، عاجزة عن ضبط استخدام أطفالها المفرط للتكنولوجيا. يقول طارق، وهو أب لطفلين: عمر (4 سنوات)، وجود (13 سنة)، إنه كان "يعاني الأمرّين، علماً أنه سعى مراراً إلى وضع قواعد، وخصوصاً أن ابنه الأكبر يستخدم تطبيق واتس آب طوال الوقت، إضافة إلى فايسبوك".

ويضيف، لـ"العربي الجديد": "لا نمانع كعائلة مواكبة التطور وشراء أجهزة الآيباد والهواتف الذكية لأولادنا. اعتقدنا بدايةً، أن هذه الأجهزة تساعد على تطوير القدرات الذهنية وزيادة نسبة الذكاء. لكن المشكلة برزت مع انشغال جود التام بالألعاب الإلكترونية، وسماع الأغاني، والتحدث مع أصدقائه عبر الواتس آب، ليهمل واجباته المدرسية". ويتابع: "بذلنا جهداً كبيراً لإقناعه بضرورة تخصيص وقت للدراسة، لكن من دون جدوى. حتى أننا لجأنا للغة التهديد بحرمانه من هاتفه وكمبيوتره، لكننا فشلنا أيضاً في تحقيق نتيجة إيجابية. أخيراً، حدننا له وقتاً معيّناً مع أجهزته هذه، وذلك بعد انتهائه من واجباته المدرسية، وحققنا نتيجة مرضية".

ولجأ طارق إلى إقفال هاتفه وكومبيوتره برمز سري، لمنع ولديه من استخدامهما عند خروجه من المنزل. حتى أنه بات لا يسمح لهما باستعمالهما إلا لإنجاز واجباتهما المدرسية والتعلّم والمعرفة.

بعكس ولدي طارق، يعاني أولاد إسماعيل من عدم مواكبة والدهم لمتطلبات المجتمع الحديث التكنولوجية، وخصوصاً أن وضعه المعيشي لا يسمح له بشراء التقنيات الحديثة، عدا عن قناعته بأن الهواتف الذكية لا تساهم إلا في إضاعة الوقت. ويقول، لـ"العربي الجديد": "علّمتني خبرتي في الحياة أن التربية المدلّلة لا تعطي ثماراً إيجابية دائماً"، مضيفاً: "أولادي ينجحون بتفوّق، وأنا راضٍ عن تربيتي لهم". ويتابع: "وعدت ابني أن اشتري له هاتفاً خليوياً في حال نجح في امتحان الشهادة المتوسطة هذا العام شرط استخدامه في فصل الصيف، أي بعد انتهاء العام الدراسي، مع إلغاء تطبيق واتس آب في الشتاء".


مهووس التكنولوجيا


أما الشاب العشريني محمد، الذي يصف نفسه بـ"مهووس التكنولوجيا"، فينام والى جانبه هاتفه وجهاز الآيباد، الذي يسميه "طفله المدلّل". ويطلق على نفسه اسم "الوالد المحافظ"، لاحتفاظه منذ 5 سنوات وحتى اليوم، بأول كمبيوتر اشتراه بقيمة 700 دولار من مصروفه الخاص.

يقول محمد: "لا أتنفّس من دون كمبيوتري وهاتفي، وأذكر أنني مرضت عندما تعطّل، ولم تتحسن حالتي إلا عندما أعاده إليّ صديقي بعد إصلاحه". وعن الوقت الذي يقضيه بين أجهزته الإلكترونية، يعلّق ساخراً: عندما يسألني أحد أجيبه: لماذا لا تسألني عن المدة التي لا أمضيها مع تقنياتي الحديثة. هذا أسهل". ويشير إلى أن "الوسائل الحديثة هذه تنقلنا إلى عالم آخر، وتقدم لنا كل ما نحتاجه من معلومات، فكيف لا أحبها؟".

عنف وأنانية


تقول أستاذة علم النفس، أُلفت محمود، لـ"العربي الجديد"، إن "إيجابيات استخدام تكنولوجيا المعلومات تكمن في تنمية القدرات الذهنية، وتسهيل عملية الاستيعاب لدى الأطفال، وتثقيفهم وتكوين شخصياتهم". وتُضيف: "تدرك الأسرة أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة، إلا أنها لا تستطيع التغاضي عن الشعور بالخوف على الأولاد منها"، لافتة إلى أن "التحدي الحقيقي يتمثّل في ضمان أن يعيش الأبناء طفولتهم بشكل آمن بعيداً عن المخاطر التي قد يواجهونها من الناحية الصحية، كالسمنة أو ضعف النظر بسبب الأشعة الكهرومغناطيسية التي يتعرضون لها طوال فترة استخدامهم للكمبيوتر أو الهاتف".

أما عن الأضرار النفسية والاجتماعية، فتشير محمود إلى أن "الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين يفرطون في مشاهدة التلفاز أو اللعب على الكمبيوتر، يميلون إلى العنف والأنانية. كما أن السرعة الشديدة لاستجابة الأطفال للألعاب على هذه الأجهزة تولّد لديهم شعوراً بالوحدة والفراغ النفسي والكآبة والإحباط".

دلالات
المساهمون