تبحث دراسة جديدة واستثنائية، نشرتها مجلة cell العلمية، في إمكانية استخدام الأجسام المضادة الموجودة في فصيلة من حيوانات اللاما وتدعى "وينتر"، كعلاج مستقبلي لمكافحة فيروس كورونا، في ظلّ غياب أي لقاح فعّال.
ووفق الدراسة التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإنّ مجموعة تقدّر بنحو 130 لاما، تعيش في مزرعة في بلجيكا، أنتجت فئة خاصّة من الأجسام المضادة لمحاربة الأمراض الخاصة بالفيروسات. ويقول العلماء الذين يقومون بهذه التجربة: "إنّه بالرغم من أنّ الأجسام المضادة لمحاربة الأمراض الفيروسية، التي تحملها هذه الحيوانات، مازالت صغيرة جداً، وفق معايير "الأجسام المضادة"، إلا أنّها تبشّر بنتائج إيجابية".
ويقول الدكتور كزافيير سالنز، الذي يقود فريق البحث، وهو عالم فيروسات جزيئية في جامعة Ghent في بلجيكا، "إنّ الأجسام المضادة لهذا الحيوان، يمكن ربطها ودمجها مع الأجسام المضادة الأخرى، بما في ذلك الأجسام المضادة البشرية، والتي تساعد في علاج الفيروسات".
وبحسب جيسون ماكليلان، وهو أستاذ في العلوم الحيوية الجزيئية، ومشارك في الدراسة، فإنّ هذه الأجسام المضادة الصغيرة التي تمّ حصادها من دم "وينتر"، يتمّ استخدامها في هندسة جسم مضاد جديد، يرتبط بالبروتينات الشائكة التي تزيّن سطح الفيروس التاجي، وقد أثبتت نجاحها في تحييد تأثير الفيروس الخبيث. وتشير الدراسة إلى أنّه على الرغم من كون النتائج في مراحلها الأولية، إلّا أنّها تقود إلى احتمال التوصّل لعلاج للفيروس التاجي.
ويستخدم العلماء، الأجسام المضادة المأخوذة من اللاما على الفئران، كنوع من الاختبارات السريرية، قبل إعلان النتائج النهائية، واستخدامها على البشر.
تجارب سابقة
وشاركت حيوانات اللاما في تجارب سابقة لمكافحة ومعالجة العديد من الأمراض، منها مرض السارس، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، حتى أمراض نقص المناعة، بحسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "على أمل أن يصبح اللاما بطل فيروس كورونا"، حيث وجد العلماء أنّ أجسامها المضادّة تخلّصت من تلك العدوى، لذا افترضوا أنّ هذه الأجسام المضادة نفسها، يمكن أن تحيّد الفيروس الجديد الذي يسبّب "كوفيد-19".
وتنتج اللاما نوعين من الأجسام المضادة، أحد هذه الأجسام المضادة مشابه في الحجم والتكوين للأجسام المضادة البشرية، والذي يأتي على شكل Y، والنوع الآخر من الأجسام يحتوي على نسب صغيرة من البروتينات لكنه أكثر فعالية، بحيث يمكنه الوصول إلى الجيوب الصغيرة والشقوق الموجودة على بروتينات الفيروس، التي لا تستطيع الأجسام المضادة البشرية الوصول إليها، ومحاربتها.
يأمل الباحثون أن يتمّ استخدام الجسم المضاد في نهاية المطاف كعلاج وقائي، عن طريق حقن شخص غير مصاب بعد لحمايته من الفيروس، مثل أخصائيي الرعاية الصحية.
وفي الوقت الذي يسعى فيه العلماء لتكثيف دراساتهم وأبحاثهم المخبرية بشأن البروتينات الموجودة من الأجسام المضادة، تقوم المستشفيات الأميركية بدراسة الأجسام المضادة في دماء الأشخاص الذين تعافوا من كورونا، من خلال توفير عمليات نقل تجريبية لبلازما الدم، على أمل أن تتمكّن البلازما الغنية بالأجسام المضادة لمكافحة الفيروسات، من إنقاذ الأرواح. وأصبحت العلاجات بالأجسام المضادة في نظر العلماء أفضل طريقة للوقاية من الفيروس، في ظلّ غياب أيّ لقاح فعال حتى الآن.
ويعتبر واين ماراسكو، أخصائي الأمراض المعدية في معهد "دانا فاربر" للسرطان في مدينة بوسطن الأميركية، أنّ تطوير علاجات باستخدام الأجسام المضادة، هو أحدث تطوّر لعلاج كورونا، بعدما أثبت نجاحه في معالجة فيروسات شبيهة به.
وكان مفوّض إدارة الغذاء والدواء (FDA) السابق، سكوت جوتليب، أشار بحديث إلى صحيفة "وول ستريت جورنال"، الشهر الماضي، إلى أنّ مثل هذه الأدوية، أي الأدوية التي تحتوي على أجسام مضادة، قد تكون أفضل فرصة لنجاح ملموس على المدى القريب.
وكانت شركة Regeneron Pharmaceuticals المتخصّصة بالأدوية في الولايات المتحدة، قد أعلنت عن إجرائها سلسلة من الاختبارات الخاصّة بالأجسام المضادة، والتي من المتوقّع أن تبدأ في تطبيقها سريرياً، على البشر، في شهر يونيو/حزيران القادم.
ويقول جورج يانكوبولوس المدير العلمي للشركة: "إنّ فرصة النجاة باستخدام الأجسام المضادة كبيرة، بالرغم من المخاطر والخوف، إلا أننا نسعى لتطوير الدواء بحلول فصل الصيف أو الخريف".