مرت ثلاثة أعوام منذ الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، حملت تبايناً في طريقة تعاطي الأحزاب والكيانات المنتمية لما يسمى تيار "الإسلام السياسي"، والتي كونت "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، رغم ثبات الموقف من رفض الانقلاب وضرورة مواجهته.
وظهرت على مدار الأعوام الثلاثة خلافات بين كيانات "التحالف الوطني" حول التعامل مع الأزمة الحالية، حتى إن بعض الأحزاب والكيانات انسحب، وفضل الاختفاء عن المشهد بانتظار مبادرات لحلحلة الموقف، وبالتالي ضعف التأثير، فيما لجأ بعض آخر إلى العمل المنفرد عبر التواصل مع معارضي النظام الحالي من خارج التيار الإسلامي.
وبحسب مراقبين، فإن نشاط معظم الأحزاب تأثر كثيراً، بسبب حملات التشويه التي تعرضت لها من الإعلام، فضلاً عن اتخاذ موقف مناهض من 30 يونيو، باستثناء حزب "النور"، والذي شارك لوحده في اجتماع 3 يوليو.
ويذهب هؤلا إلى القول إن الخلافات بين الأحزاب والكيانات التي تنحدر من رؤى فكرية وأيديولوجية، أثرت سلباً على تماسك المعسكر الرافض للانقلاب، فضلاً عن اعتقال عدد كبير من قياداتها والزج بهم داخل السجون.
وتؤكد قيادات حزبية أن الحياة السياسة بمعناها المعروف، متوقفة تماماً، سواء بالنسبة لمؤيدي مرسي، أو حتى معسكر الانقلاب، فيما يوضح أحد شباب التيار الإسلامي أن هناك جموداً في تعامل القيادات مع ملف الانقلاب وعدم تطوير الأداء، فضلاً عن الخلافات التي نشبت، بيد أن الشباب مستمر في موقفه الرافض للانقلاب وينزل في تظاهرات، حسب المتحدث ذاته.
من جهة ثانية، انسحبت عدة كيانات من "التحالف الوطني"؛ فحزب "الوسط" بدأ في فتح جسور تواصل مع الأحزاب المعارضة للنظام الحالي، خصوصاً بعد إخلاء سبيل رئيسه المهندس أبو العلا ماضي، بينما اختفى حزب "الوطن" بشكل كبير عن المشهد برئاسة مستشار مرسي الأسبق عماد عبد الغفور.
وانسحبت "الجبهة السلفية" من التحالف، نتيجة خلافات ربطت بـ"طريقة التعامل مع الأزمة والانفراد في اتخاذ القرارات وطريقة الإدارة".
أما حزب "البناء والتنمية"، المنبثق عن "الجماعة الإسلامية"، فلا يزال موقفه متأرجحاً بين الانسحاب من "التحالف" أو الاستمرار، بيد أنه لم يعد يشاركاً بشكل أساسي في التظاهرات، مهدداً "بالانسحاب حال استمرار الخلافات الداخلية بجماعة الإخوان"، وبالمثل كان موقف "الجماعة الإسلامية".
في هذا الصدد، يقول المتحدث باسم حزب "الإصالة"، حاتم أبو زيد، إن "الأحزاب أياً كانت أيديولوجيتها الفكرية، لا يمكن لها أن تتواجد إلا في ظل مناخ سياسي، والسياسية دفنت مع تحرك الدبابات وتحت عجلاتها، فلا توجد أحزاب إسلامية أو غير إسلامية".
ويضيف أبو زيد لـ "العربي الجديد" أن "الأحزاب الإسلامية جمدت نفسها عملياً وإن لم تعلن ذلك. أما حراك إسقاط النظام فهو ليس حركة حزبية، بل تحرك ومقاومة شعبية عامة، تبغي إنقاذ الوطن وانتشاله من الهوة السحيقة التي وقع فيها".
وبشأن الحديث عن تصريحات "التخوين" بين الأحزاب الرافضة للانقلاب، يؤكد المتحدث ذاته أن "التخوين غير موجود بين الأحزاب الإسلامية المناهضة للانقلاب، على الرغم من اختلاف الرؤى بينهم في أسلوب التعامل".
ويشدد حاتم أبو زيد على أن "الخطاب لا بد أن يكون موجهاً للشعب المصري، الذي يئن من المظالم، وبدأ يتحرك لأخذ حقوقه المسلوبة".
ويتفق مع أبو زيد حول توقف الممارسة السياسية بشكلها التقليدي للأحزاب الإسلامية، مع القيادي بـ"الجبهة السلفية"، خالد سعيد.
ويقول سعيد، لـ "العربي الجديد"، إنه "من المفترض أن يكون دور الأحزاب عامة والإسلامية منها خاصة؛ هو قيامها بالممارسة السياسة، وهو مفهوم غائم يتوقف على الدلالات المقصودة منه. أما المشاركة في المؤسسات والانتخابات فهذا في حقيقته اعتراف بالنظام الحالي وشرعنة له، وهو ما لم يذهب إليه أي من مكونات التحالف الحالية أو المنسحبة".
ويشير المتحدث ذاته، إلى أنه لو كان المقصود هو التظاهرات والفعاليات، فهذه لا يقوم بها من مكونات التحالف الحالية، إلا جماعة "الإخوان"، و"أنهكت بشكل مؤثر خلال ثلاثة أعوام".
ويوضح خالد سعيد: "أما الكيانات المنسحبة من تحالف دعم الشرعية، فلا يقوم بالتظاهرات إلا (الجبهة السلفية)، وكان آخرها (انتفاضة الشباب المسلم)، كما يقوم بها حزب (الاستقلال)، وقد تعرض لضربات موجعة باعتقال القيادات وملاحقة الباقين، وكذلك التهديد بالإغلاق والمصادرة".
ويتابع القيادي بـ"الجبهة السلفية"، أن "باقي الكيانات والأحزاب الإسلامية، هي عبارة عن أسماء سياسية فقط لا كيانات لها، أو لها كيانات غير ثورية كحزب (الوطن)، الذي يلزم الصمت بشكل كامل، ويبتعد عن أي مناحرة حقيقية مع النظام؛ انتظاراً لأي انفراجة مقبولة من الجميع؛ علماً أنه انشق سابقاً عن حزب (النور)، ولا يزال يحتفظ ببعض آلياته في الرؤية والعمل".
وأوضح أن الحياة السياسية كلها متجمدة بشكل كامل، في ظل الانغلاق الطبيعي الذي يميز حكم الأنظمة الشمولية والعسكرية.
من جهته، يقول أحد شباب التيار الإسلامي، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن "هناك خلافاً بين التيار اﻹسلامي حول التعاطي مع اﻷزمة، ولكن هذا لم يقلل من حماس الشباب في مواصلة المسيرة رفضاً للانقلاب، ولكنها تأثرت".
ويضيف أن "الخلافات حول طريقة التعامل مع اﻷزمة، أوجدت حالة من الملل لدى الشباب، ولذلك قرروا عدم الانشغال بأي مناقشات غير استمرار الحراك على أرض الواقع".
ويشير الشاب إلى أن هناك شباب تأثر بحالة الخلاف والاعتقالات، وفضل الانسحاب تماماً من أي فعاليات سياسية أو مشاركة في التظاهرات، خصوصاً بعد الخلافات داخل جماعة "اﻹخوان".
من جهته، يرى الخبير السياسي، مختار غباشي، أن اﻷحزاب الموالية لمرسي "لم يعد لها تأثير حتى في قواعدها بشكل كبير، فهناك شباب لجأ إلى النزول في تظاهرات، وآخرون تراجعوا عن اﻷمر".
ويقول غباشي، لـ "العربي الجديد"، إن "اﻷحزاب اﻹسلامية تأثرت بالدعاية المضادة من اﻷحزاب واﻹعلام، فقربها من جماعة (اﻹخوان) جعلها محل هجوم هي اﻷخرى".