تحت عنوان "البرنامج الموازي" في الجامعات الرسمية (الحكومية)، يبدو أن الأسر الأردنية معرضة هذه الأيام للابتزاز، بطعم رسمي، وبرعاية القوانين والأنظمة الحكومية، من دون أن يعترض أي كان، سواء مسؤولًا أو مهتمًا بشأن التعليم العالي في الأردن، إلا ما ندر.
وتتلخص هذه العملية بحق الطلبة، الذين تمكنوا من تجاوز عقبة امتحان الثانوية العامة هذه السنة، بتعمد إدارات الجامعات الرسمية، بإخضاع الأسر الأردنية، بموعد ضيق جدًا للتسجيل في البرنامج الموازي، وتحديدًا قبل إعلان "قائمة القبول الموحد"، التي تتضمن أسماء الطلبة، الذين تم قبولهم على البرنامج العادي في الجامعات الرسمية.
إدارة الجامعات، واستباقًا للإعلان عن قائمة القبول الموحد، ستلزم الأسر بدفع الرسوم الدراسية للفصل الأول كاملة للبرنامج الموازي، حتى لا يضيع على الطالب، فرصته في الانضمام للدراسة في تلك الجامعة.
وفي حال حصول الطالب على مقعد ضمن قائمة القبول الموحد، وعلى البرنامج العادي، وأراد سحب تسجيله من البرنامج الموازي، تعمد الجامعة إلى خصم كامل رسوم التسجيل، التي تتراوح ما بين 250 إلى 450 دينارًا أردنيًا، إضافة إلى خصم 10 في المئة من رسوم الساعات، وفق ما تؤكده لـ"جيل"، شهادات عدد من مسؤولي إدارات القبول، في غير جامعة رسمية.
تدرك هذه الجامعات، أن كل ما تنوي القيام به، ما هو إلا حصيلة حاجة المواطن الغلبان، من خلال ركنه في الزاوية، ومن ثم إجباره قسرًا على الانصياع للأنظمة التي وضعتها هي، بغية تحقيق منافع تجارية، بل واستثمارية، ما يجعل أي حديث عن "الأهداف الاستراتيجية لتطوير التعليم والتعليم العالي، والنهوض بالبلد أكاديميًا واقتصاديًا"، ضربًا من الحمق.
وعلى الرغم من المبررات التي تسوقها عادة الجامعات الرسمية، وهي تستغل حاجة الطلبة وذويهم، إلا أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عادل الطويسي، كشف أن الوزارة، قدمت العام الحالي، 120 مليون دينار للجامعات الرسمية، من خلال الدعم المباشر والمنحة الخليجية وصندوق دعم الطلبة، الذي يسدد رسومًا للطلبة في مختلف الجامعات.
وأكد في تصريحات خاصة بـ"جيل" أن "السياسة العامة للتعليم العالي في الأردن، هي في ضمان توفير تعليم عال منصف وملائم وعالي الجودة، وبتكاليف مناسبة بحلول عام 2025"، مضيفًا أن "الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، ستعمل على تحسين مدخلات الجامعات من الطلبة، من خلال فرص عادلة في قبول الطلبة وتوسيع دعمهم ماليا".
وفي رده على نية الجامعات الرسمية الأردنية في حرمان أعداد كبيرة من الطلبة الالتحاق بمقاعد الدراسة، بعد إجبارهم على القبول بالبرنامج الموازي، أكد أن الوزارة، ومن خلال الاستراتيجية الوطنية الأردنية للتعليم، عملت على إيجاد نظام قبول موحد مبني على الجدارة، وتنظيم الاستثناءات، والبرنامج الموازي، وتوسيع قاعدة الدعم المالي للطلبة غير المقتدرين.
ومع هذا كله، فإن البرنامج الموازي في الجامعات، يعد مخالفة دستورية صريحة، بل إن تأثيره السلبي على مخرجات التعليم العالي، أودى بالحالة التعليمية الجامعية في الأردن، خلال السنوات المنصرمة، سواء من حيث النوعية، أوالكفاءة الجامعية، بحسب ما يؤكده لـ"جيل"، وزير التعليم العالي الأسبق، وليد المعاني.
ويشير المعاني، وهو أيضًا أحد أعضاء اللجنة الملكية لتطوير التعليم العالي في الأردن سابقًا، إلى أن إلغاءه أو تعديله، أي البرنامج الموازي، جزء من توجهات اللجنة الملكية لتطوير التعليم العالي، غير أن العجز المالي، يقف دون ذلك في الوقت الحالي، نظرًا إلى حاجة الجامعات إلى مصادر تمويل في ظل تدني الدعم الحكومي، المقدر بملايين الدنانير سنويًا، مع ضمان عدم الذهاب لجيوب المواطنين.
"إلغاء البرنامج الموازي من منظومة التعليم العالي، يحتاج لمعادلة واضحة لإيجاد التمويل المالي اللازم، لحصول الراغبين في التعليم على حقهم الدستوري بذلك، ضمن الإمكانيات المتاحة، من دون الحاجة لرفع الرسوم على طلبة التنافس العادي"، يوضح المعاني، الذي شدد، على أن الجامعات للأسف، لا تزال، تفتقد الى خطة استراتيجية بديلة، لإيجاد مصادر لسد العجز المالي.
تجدر الاشارة، إلى أن عدد طلبات الالتحاق بالجامعات الرسمية، والتي تقدم بها الطلبة، حتى صباح الجمعة 25 آب/أغسطس، بلغ 24 ألف طلب تقريبا، فيما بلغ إجمالي الطلبات التي تم شراؤها من قبل المراكز المقدمة للخدمة، حوالي 34.5 ألف طلب، وفق ما كشفته لـ"جيل"، مديرة وحدة تنسيق القبول الموحد خولة عوض.
وكان مجلس التعليم العالي، قد قرر تحديد عدد الطلبة المتوقع قبولهم في الجامعات الأردنية الرسمية، بـ 30941 طالبًا وطالبة.