لا يزال كل ما يتعلق بأفكار أو مبادرات أو وساطات تتصل بملف الحملة ضد قطر، يراوح مكانه، في ظل رفض معسكر دول الحصار، التي يستعد وزراء خارجيتها للاجتماع هذا الشهر، أغسطس/آب الحالي، بهدف اتخاذ موقف موحد من المحاولات الجديدة لحل الأزمة أو لإطلاق خارطة طريق على الأقل لتجميد الحملة تمهيداً للتوصل إلى حل سياسي. ويجتمع وزراء خارجية السعودية والإمارات ومصر والبحرين قبل نهاية الشهر الحالي، للرد رسمياً على ما سرب من الرسالة المشتركة من أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إلى زعماء هذه الدول الأربع، فضلاً عن قطر وسلطنة عمان، وتقترح عقد قمة في الكويت بضمانته، للدول السبع، مع كشف مصادر مصرية لـ"العربي الجديد" أن الموفد الكويتي الذي حمل رسالة الأمير، أي وزير الخارجية، صباح الخالد الصباح، اقترح أيضاً عقد اجتماع لوزراء خارجية جميع دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة لمصر، في الكويت، وأن يديره وزير الخارجية الكويتي بنفسه، وأن يعمل المجتمعون على مناقشة آليات بعينها - ستقترحها الكويت بالتعاون مع أي دولة عربية أخرى يختارها أطراف الأزمة - لتسهيل التوصل لحلول عملية تضمن تلبية "المبادئ الرئيسية" التي تطالب الدول الأربع قطر بالالتزام بها، أي المبادئ الستة التي خرجت عن وزراء خارجية الدول الأربع في اجتماع القاهرة 5 يوليو/ تموز الماضي. وأبرز بنود المبادئ الستة هي: "الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة، وإيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014 في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي والالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأميركية، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الكيانات الخارجة عن القانون، ومسؤولية كافة دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين".
ومن غير الواضح في تسريب الصحيفة الكويتية ما إذا كانت المبادرة أميركية بحتة، أو مشتركة مع الكويت، لكن سياق الخبر يفيد بأن المبعوثين الأميركيين، أنطوني زيني وتيموثي ليندركينغ، اللذين زارا حتى الآن الكويت وقطر ضمن جولتهما كممثلين لوزير الخارجية، ريكس تيلرسون، ينويان طرح أفكار المبادرة على دول الحصار.
وكشف مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد" عن أن الكويت متحمسة لإدخال دول عربية أخرى معها تتمتع بعلاقات جيدة مع أطراف الأزمة في مبادرة تقريب وجهات النظر، وأنها حريصة على حل الأزمة في إطار خليجي أو عربي، ولا ترحب بدخول دول أوروبية على خط المبادرة التي أطلقتها، حتى الآن على الأقل. وذكر المصدر أن الجانب الكويتي تحدث في اتصالاته بأطراف الأزمة خلال الأيام الماضية، عن ضرورة الحد من الهجوم الإعلامي "الممنهج" الذي تشنه الدول على بعضها البعض، وبصفة خاصة المواد التي تسعى لتوريط الكويت في خلافات مع الأطراف، وكذلك التي تستند لشائعات ومحض أكاذيب تردد على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد المصدر المصري أن الجانب الكويتي يرى أيضاً ضرورة اتباع إجراءات مرحلية لتقريب وجهات النظر، ترتكز بشكل أساسي على العودة أولاً للمبادئ الستة التي أقرت عام 2013 ووضعت آلية تنفيذها عام 2014 في ما يعرف باتفاق الرياض وبملحقه التكميلي، وأن تتخفف جهود الوساطة في المرحلة الأولى من التمسك بجميع المطالب الثلاثة عشر، التي أعلنتها الدول الأربع في 5 يونيو/حزيران الماضي. وتوقع المصدر عقد اجتماع رباعي بين وزراء خارجية دول الحصار خلال الشهر الجاري للبت في الأفكار الكويتية، مشيراً إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يزال متمسكاً بالتصعيد ضد قطر لعدم وجود ما يدعوه للعودة إلى الحالة التي كانت عليها العلاقات بين البلدين قبل إعلان الحصار والمقاطعة، حيث تسيطر الخلافات الجذرية أساساً على الأجواء بين الدولتين منذ 2013.
وحول ما يتعلق بالتسريب الإعلامي الكويتي، فإن "المصدر" أوضح أن المبعوثين الأميركيين "يريدان بحث خريطة طريق أعدها تيلرسون، وتضع في الاعتبار المبادئ الستة التي وضعتها الدول المقاطعة لتسوية الأزمة، ومنها مكافحة الإرهاب وتمويله". كما نقلت عن مصادر سياسية ودبلوماسية أن الموفدين "يضطلعان بمهمة عنوانها ضرورة لجم التصعيد وإيجاد تسوية للأزمة". وأشارت إلى أنهما يسعيان خلال جولتهما على الدول الخليجية إلى "خفض سقف مواقف طرفي النزاع، بما يلاقي المساعي الكويتية الحثيثة والمتجدّدة" في إشارة إلى المبادرة الجديدة لأمير الكويت.
وكشفت المصادر عن "أن موفدي تيلرسون جسَّا نبض الدول المقاطعة لقطر حيال إمكان تخلِّيها عن قائمة المطالب الـ13، ومدى استعدادها من جهة أخرى، للبحث في خريطة طريق جديدة للتسوية لا تبتعد عن اتفاق 2014 لكن مع ضمانات والتزامات". وتابعت المصادر "فضلاً عن الاتفاق على إخراج ملف الإخوان المسلمين من الحماوة التي أخذها، والتبرؤ من قياديين عليهم مآخذ من بعض الدول، لا بل متهمة بشكلٍ مباشر في قضايا محددة، وبحث إخراج بعضها (من قطر)". ولفتت "المصادر الخليجية" إلى أن "هناك ضمانات قُدمت لأطراف الأزمة على أن تكون كويتية وأميركية – أوروبية معاً إذا اقتضى الأمر". واعتبرت "القبس" أن "الأزمة تسير في طريق التسوية والحل من ناحية المبدأ حتى الآن".