الأزهر للفتوى أم للدعوة؟

26 فبراير 2015
+ الخط -

قال الشيخ محمد زكي، الأمين العام للجنة العليا للدعوة في الأزهر الشريف، أمين لجنة الفتوى، في رده على تقصير مؤسسة الأزهر لمواجهة الفكر المتطرف والتكفيري، إن الأزهر مؤسسة للفتوى، وعلى الدولة تطبيق حد الحرابة على كل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لأنهم يخربون. وعلى ذلك، لابد من أن يصلبوا ويقتلوا، أو ينفوا من الأرض، وعلى الرغم من قناعتي بأن جماعة الإخوان أفسدت، ولابد من محاكمة قياداتها على الإفساد خلال حكمهم القصير، مصر وعلى الأعمال التخريبية التي شهدتها مصر في الفترة الماضية، فأفعالها ومناهجها بعيدة عن مفاهيم الدين الصحيح، فلا يوجد دين سماوي يرتضى بهذه الأفعال النكراء، من هدم للمجتمعات وإزهاق للأرواح بغير حق، لكني ضد فكر هذا الشيخ الذي اختصر دور الأزهر في الفتوى، لأن أصل عمل الأزهر هو الدعوة في الأصل قبل الإفتاء، كما أنه لا بد قبل تطبيق الحدود تعليم الناس بتعاليم دينهم الحنيف، أولاً، وهذا ما أكد عليه رسول الله، عندما كان يرسل رسالة إلى المناطق المجاورة في الجزيرة العربية، أو الدول الأخرى.
والذي يعلمه رئيس لجنة الفتوى ويتناساه أن الأزهر أنشئ في الأصل مدرسة تعليمية يتخرج منه علماء ومتخصصون في علوم الدين، تكون مهمتهم هناك التصدي للفكر السيئ، من خلال نشر العلم الصحيح، حيث يدرس الطالب في المعاهد الأزهرية وجامعته، كل المذاهب وكتب التراث، بما فيها من ضعف في بعض الموضوعات والفتاوى التي تثير الجدل حالياً، وحينها سألت أحد المشايخ أن ذلك يأتي في إطار الأمانة العالمية، وبالتالي، عليه مهمة الدعوة ونشر صحيح الدين، وأيضاً الرد على الفتاوى الشاذة، وعلى ذلك، أنا مع تشكيل لجان تضم مشايخ من الأزهر مشهوداً لهم علمياً بمناقشة شباب الجماعات الإسلامية، وخصوصاً الإخوان، ولا سيما هؤلاء الذين أعلنوا عن انشقاقهم عن الجماعة، وهؤلاء الموجودين في السجون على ذمة قضايا التظاهر ومناقشتهم فكرياً، ولا مانع من أن تستمر هذه الجلسات أسابيع وشهوراً، فخير لنا أن أن نصلح شاباً، بدلاً من تركه على فكره المتطرف، طالما يُجمع مشايخ الأزهر على أنهم خوارج، إذ لماذا لا تحاولون إصلاحهم.
فالأزهر تم تغييبه عمداً، مع سبق الإصرار والترصد، وتعرّض علماؤه لحملة شرسة، استهدفت وقارهم ومكانتهم، فما كان منهم إلا أن تواروا حفاظاً على البقية الباقية من تلك المكانة، وإنّ على من يريد أن يعرف قدر الأزهر، وإمكاناته في مواجهة الفكر المتشدد، أن يستدعي إلى ذاكرته الدور الذي قام به في التسعينيات، لإرجاع كبار الإرهابيين إلى صوابهم، وهو ما عُرف إعلامياً باسم المراجعات الفقهية التي تعد دليلاً دامغاً على قدرة الأزهريين الحقيقية، حيث شارك فيها الشيخان، الشعراوي والغزالي، ولم يقفا متفرجين، بل سعيا مع الدولة والجماعة الإسلامية لتحقيق المصالحة.
ولابد أن نعترف بأن الدولة المصرية، منذ عام 1952، همشت الأزهر، وهمشت رجاله، وهمشت القيادات الدينية فيه حتى تفوّه أحد رؤساء مصر السابقين، قائلاً: إن شيخ الأزهر يفتي بأكلة "فتة"، وهكذا تعمدت الدولة إهانة الأزهر فخرجت الأفلام والمسرحيات التي تظهر عالم الدين بشكل هزلي، أسقطت تلك الأعمال التي تمت برعاية الدولة، وتحت بصر رقابتها هيبة علماء الدين، فإذا كانت الدولة تريد أن يلعب الأزهر دوره الحقيقي في مواجهة موجة الإرهاب التي عادت تضرب مصر من جديد، فأقول لهم: عليكم بمنح الأزهر الصلاحيات الكاملة، وعليكم أن تمنعوا ظهور أشباه العلماء، وهؤلاء الذين يطعنون في الدين بالطعن في كتب التراث، على الرغم من علمنا أن بعضها يحتاج لتنقيح، لأن هؤلاء يشوهون عقلية الناس، ويتحدثون بما لا يفهمون، ويستخدمون الكلمات المعسولة التي يسيطرون بها على عقول شباب وفتيات ونساء ورجال لم يقرأوا في علوم الفقه، ولا الشريعة، ولا الحديث، ولا حتى التاريخ الإسلامي، ليتأثر هؤلاء بكلمات تلك الشخصيات التي تظهر عبر الإعلام، لتفتي في كل شيء من دون علم، وبما لا يعرفون.

 

4BD95733-C41B-4AE4-9515-DDD7770F46C9
4BD95733-C41B-4AE4-9515-DDD7770F46C9
شريف حمادة (مصر)
شريف حمادة (مصر)