عمل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مع بداية الثورة قبل ثلاث سنوات، على تشكيل ميليشيات مدنية لمواجهة التظاهرات، مدعومة من الأجهزة الأمنية. اليوم، بعد تحويل النظام تلك المجموعات إلى جهاز رعب تحت مسمى "قوات الدفاع الوطني"، أو "الشبيحة"، تشير المعلومات إلى أن "مكتب الأمن الوطني" وحده، يتحفظ على 20 ألف تقرير لتجاوزات ارتكبتها عناصر هذه الميليشيا، وقرارات بتوقيف خمسة آلاف عنصر منها، بحسب مصادر "العربي الجديد".
وتكشف المصادر أن "هناك العشرات من عناصر الدفاع الوطني موقوفين في الفروع الأمنية، على خلفية تجاوزات كالخطف والاتجار بالمواد المخدرة والسرقة، إضافة إلى إمداد مقاتلي المعارضة بالمواد الغذائية".
وتوضح المصادر أن "الكثير من عناصر الدفاع الوطني لا يستطيعون مغادرة مناطقهم خوفاً من أن يتم توقيفهم"، وأن "السلطات لا تلاحق حالياً هؤلاء بسبب المهام القتالية التي يتولونها على جبهات عدة".
وتشير المعلومات إلى أنه، على الرغم من أن جوهر مهام هذه الميليشيات هو القتل والترهيب و"التشبيح"، إلا أن القوات النظامية والأجهزة الأمنية باتت غير قادرة في الكثير من الأماكن على ضبط "قوات الدفاع الوطني انطلاقاً من التعالي الذي يتعاملون به، وعدم التزامهم بالتعليمات الأمنية، وإدارتهم المناطق التي يسيطرون عليها كمناطق حكم ذاتي، ومنع تلك الأجهزة من التحرك داخل مناطقهم"، مثلما حصل ولا يزال، في النبك ويبرود بريف دمشق، وأحياء حمص والتضامن في دمشق.
والكثير من عناصر "الدفاع الوطني" هم من أصحاب السوابق الجرمية، أو من المسحوقين اجتماعياً واقتصادياً، فوجدوا في الالتحاق بهذه الميليشيا فرصة لتحقيق دخل مادي ثمين، عبر سرقة المناطق التي يدخلون إليها، والسلب والإتاوات التي يفرضونها، وغيرها الكثير من الأعمال الإجرامية.
ولدى المواطنين السوريين مئات الأمثلة عن دور هذه الميليشيات في تعميم النهب، إذ باتت أسواق بيع المسروقات ظاهرة علنية في دمشق وحمص، حيث تُعرض فيها "البضاعة" المسروقة على يد "الشبيحة" بنصف ثمنها الحقيقي.
ويشير معارضون إلى أنه "حتى الموالين، باتوا يتذمرون من أعمال عناصر الدفاع الوطني، إذ إنهم يفرضون على دخول وخروج البضائع إتاوات (مبالغ ماليه تؤخذ بالتهديد)، ويقومون بتوزيع المحروقات والغاز المنزلي على حسابهم ولمصلحتهم، كما أنهم استولوا على كثير من المنازل الخالية، وفرضوا انتماءات معينة على ساكني المناطق التي يسيطرون عليها".
ويوضح معارضون أن "النظام اعتمد، منذ بداية الثورة، على هذه الميليشيا المسلحة الموالية لدعم القطع العسكرية النظامية التي يعتمد عليها، إذ لا يثق بكامل تشكيلات الجيش النظامي، والتي لا تزال العديد منها محيّدة عن المواجهات العسكرية الدائرة في البلاد".
وتكشف مصادر المعارضة أن عدد عناصر قوات "الدفاع الوطني" يبلغ نحو 50 ألف شخص، ومع تفاقم التجاوزات التي بات النظام عاجزاً عن السيطرة عليها أحياناً، بدأ بتشكيل "ميليشيا كتائب البعث". ويدور الحديث عن احتمال تسليم المناطق المأهولة إليها، على أن يدفع بعناصر قوات الدفاع الوطني إلى جبهات القتال، "للتخلّص منهم".