قبل نحو عام ونصف العام، وتحديدا الأربعاء 26 أبريل/نيسان 2014، قال بشار الأسد إن الحاضنة الشعبية تجعل في بلاده ملايين الإرهابيين، وأمس الأربعاء، أعلن الأسد أن تنظيم الدولة الإسلامية "ليس له حاضنة في سورية"، محملا الغرب المسؤولية عن ظهور التنظيم.
في التصريح الأول قال رئيس النظام السوري للعلماء ورجال الدين وأئمة وخطباء المساجد الموالين له، في كلمة طويلة: "إذا انطلقنا من حقيقة واحدة بأننا أمام عشرات الآلاف من الإرهابيين السوريين، أنا لا أتحدث عن إرهابيين أتوا من الخارج، فعندما نتحدث عن عشرات آلاف الإرهابيين فهذا يعني أنه خلف هؤلاء حاضنة اجتماعية. هناك عائلة، هناك قريب وجار وصديق وأشخاص آخرون. يعني نحن نتحدث عن مئات الآلاف، وربما الملايين من السوريين، ولو كان مليوناً نقول ملايين".
وأضاف: "قد لا يبدو الرقم كبيراً، ولكن عندما نتحدث على المستوى الوطني عن مليون أو أكثر، أو حتى مئات الآلاف، في مجتمع عدد سكانه 23 مليونا، فهذا يعني أننا أمام حالة فشل أخلاقي واجتماعي، وبالمحصلة فشل على المستوى الوطني".
وفي ما يمكن اعتباره تناقضا مع تصريحاته السابقة، قال بشار الأسد لمحطة التلفزيون الإيطالية الرسمية "راي"، أمس الأربعاء، إن تنظيم الدولة الإسلامية "ليست له حاضنة طبيعية أو اجتماعية داخل سورية".
وشدد على أن الجهاديين الذين تدربوا في سورية لشن اعتداءات في باريس وغيرها، قادرون على ذلك بـ"دعم من الأتراك والسعوديين والقطريين. وبالطبع من السياسات الغربية التي دعمت الإرهابيين بمختلف الطرق منذ بداية الأزمة" قبل أكثر من أربع سنوات، بحسب فرانس برس.
ويتهم بعضهم نظام الأسد بالتدبير لتفجيرات باريس، أو على الأقل الحرص على الاستفادة منها قدر المستطاع، لإثبات وجهة نظر سبق أن كررها في خطابات سابقة له، أبرزها في خطاب حلف يمين ولايته الثانية في 16 يوليو/تموز 2014، مفادها أن "الدول الإقليمية والغربية التي دعمت الإرهابيين (معارضيه)، سيدفعون الثمن إن عادلا أو آجلا".
وتابع الأسد في حواره مع التلفزيون الإيطالي أن "تنظيم الدولة الإسلامية لم يتأسس في سورية بل في العراق، وبدأ العمل قبل ذلك في أفغانستان"، مشيرا إلى تصريح لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قال فيه إن "الحرب في العراق ساهمت في تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية". وأضاف أن هذا "الاعتراف هو أهم دليل".
وبينما أكدت اجتماعات فيينا وضع خطة عمل تضمن جلوس أطراف النزاع في سورية إلى مائدة الحوار بحلول يناير/كانون الثاني المقبل، إلا أن بشار الأسد شدد على أنه "لا يمكن تحديد جدول زمني للمرحلة الانتقالية في سورية قبل إلحاق الهزيمة بالإرهاب، لأنه لا يمكن أن تحقق أي شيء سياسي في الوقت الذي يستولي فيه الإرهابيون على العديد من المناطق في سورية".
وأضاف أنه وبمجرد تسوية هذه المسألة فإن "عاما ونصف العام أو عامين ستكون فترة كافية لأي مرحلة انتقالية".
وقال الأسد في رد على سؤال حول مستقبله إن "داخل سورية هناك من يؤيد الرئيس وهناك من لا يؤيده"، وأن الشعب السوري إذا أراد بقاءه "فإن المستقبل سيكون جيدا"، وفي حال العكس وإذا "أردت التمسك بالسلطة عندها يصبح كوني رئيسا سيئا" للبلاد.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في مانيلا، اليوم الخميس، إن الحرب في سورية لا يمكن أن تنتهي بدون رحيل بشار الأسد، مستبعدا بذلك الاقتراحات باحتمال مشاركة الأسد في انتخابات مقبلة، حسبما قيل قبل أيام في ختام اجتماعات فيينا حول الأزمة السورية.
ويأتي تأكيد أوباما بعد أيام على لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبرز حليف للأسد، مشددا: "لا يمكنني أن أتصور وضعا يمكننا فيه إنهاء الحرب الأهلية في سورية مع بقاء الأسد في السلطة. حتى لو وافقت على ذلك، لا أعتقد أن هذا الأمر سينجح. لا يمكن حمل الشعب السوري، أو غالبيته، على الموافقة على مثل هذه النتيجة".
ويشكل مصير الأسد أبرز نقطة خلاف في جهود إحلال السلام في سورية، وخصوصا بين الغرب وموسكو وطهران.
وأوقع النزاع في سورية الذي اندلع عام 2011 أكثر من 250 ألف قتيل، وتسبب بملايين اللاجئين والنازحين. وبات تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على مساحات شاسعة من سورية والعراق.
اقرأ أيضا:الجامعة العربية: نتائج "فيينا" شبه خارطة طريق للأزمة السورية