الأسلاك الصماء: منحوتات معدنية لا تغيب عنها القضية الفلسطينية

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
21 نوفمبر 2018
77597F13-A6BD-4C79-B5FC-2F2CA3E1FD86
+ الخط -
يرغب الفنان الفلسطيني محمود النباهين في كسر القوالب الروتينية للأعمال الفنية، عبر التحف المعدنية التي يصنعها على طاولته المكتظة بالأسلاك والمعادن، على سطح منزله، ويستغرق صنعها وقتاً طويلاً.
وفي منزل الفنان النباهين، الواقع إلى الشرق من مخيم البريج، يحاول الشاب الفلسطيني صنع عالمه الخاص، وتحفه المميزة، على الرغم من اقترابه من المواجهات المستمرة على الحدود الشرقية، والتي تعتدي فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين، منذ بدء مسيرات كسر الحصار، في الثلاثين من مارس/آذار الماضي.
ويقول النباهين، وهو طالب إدارة أعمال في جامعة غزة بمدينة غزة، لـ "العربي الجديد"، إن قصته مع الأسلاك وتشكيلها بدأت منذ العاشرة من عمره، إلا أن موهبة الرسم والنحت على الطين وإعادة التدوير طغت عليها، وشغلته عنها.
ومع بداية عام 2018، تلقى الشاب النباهين عرضاً لصنع الأشكال الفنية، ففكر في صنع أشكال مميزة ولافتة، تختلف عن المشغولات والتشكيلات التقليدية، فاتجه إلى إحياء فن النحت بالأسلاك المعدنية، وتشكيل الأجسام المتنوعة، بشكل لافت، يجذب أنظار المتابعين.
ويوضح أن ندرة هذا الفن لم تمكّنه من إيجاد المدربين، أو الالتحاق بالدورات الفنية التي تصقل موهبته، ما دفعه إلى التوجه لموقع "يوتيوب"، إلى جانب بعض المواقع الأجنبية، لمتابعة الفيديوهات الخاصة بفن النحت، مبيناً ندرة الفيديوهات الخاصة بالفن الذي اختاره.
ويتابع الفنان النباهين، وقد ظهرت على وجهه ملامح عشقه واندماجه مع هذا الفن: "صنعت شجرة من الأسلاك المعدنية، كانت أول أعمالي، وقمت بعرضها على أصدقائي، حظيت حينها بتشجيع وثناء كبيرين، شجعني على صنع المزيد من الأعمال".
وحين وجدت أن المواد الخام التي أستخدمها غير مناسبة، وغير مجدية بالشكل المطلوب، ولا تنتج الأعمال بالرونق والجمال الكافي، بدأت أطور من نفسي، وأجرب خامات وأصناف أسلاك أخرى، إلى أن وصلت للخامات المناسبة، والتي يمكنني تطويعها لصنع لوحات ذات قيمة فنية أعلى، وفق النباهين.
وتعرّض الشاب الغزّي في فترة من الفترات إلى سخرية من البعض، نتيجة أعماله غير التقليدية والتي قام بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه استطاع التغلب على هذه المشكلة، عبر الإصرار على تقديم الأفضل، حتى تمكّن من فرض موهبته، وتغيير النظرة المحيطة، وتحويلها إلى إعجاب.
ويبين أن والده ووالدته كانا المشجع الأول له ولموهبته، إلى جانب بعض الأصدقاء، حيث وفر له أحدهم الأدوات اللازمة لعمله، مشيراً إلى أنه لم يتمكن في بداية مشواره من تسويق أعماله، إلا بعد شهرين متواصلين من العمل والتسويق والترويج، عبر صفحته على موقع "فيسبوك" وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
وعن سبب اختياره فن تشكيل الأسلاك المعدنية ونحت المجسمات من الأسلاك، يقول: "ما جذبني إلى فن النحت بالأسلاك، أنه جديد على مستوى الوطن العربي، ومتواجد بشكل نادر في دول الأردن ومصر وبعض الدول، كذلك متواجد بندرة على مستوى العالم، ما يتيح لي فرصة التميز".
ويتابع الحديث عن سبب انجذابه إلى هذا الفن قائلاً: "ما يميزه أيضاً أنه غير محدد بشكل أو نمط معين، وأن لكل شخص تقنية خاصة يمكنه التميز من خلالها"، مضيفاً: "لا يوجد شخص في العالم يستخدم طريقتي التي أعمل بها".
ويوضح النباهين، لـ "العربي الجديد"، أنه لم يتمكن حتى اللحظة من تنظيم المعرض الفني الخاص به، لحداثته في صنع التحف الفنية، إلى جانب غياب الجهات الراعية للفنون التشكيلية، آملاً أن يتمكن من إيجاد الجهة والحاضنة التي تتبنى فن النحت بالأسلاك.
ولدى النباهين تصور كامل عن مشروع يمثل القضية الفلسطينية منذ بداية النكبة والتي هُجر فيها الشعب الفلسطيني من مدنه وقراه عام 1948، مروراً بجميع الحروب والأحداث والانتفاضات، ووصولاً إلى "لا منطقية الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني عام 2018"، وفق تعبيره.


ويؤكد الشاب الفنان أنه واجه مجموعة صعوبات، أبرزها ندرة المواد الخام، وانعدام الحاضنة والدعم المادي، لكنه تغلب على تلك الأزمات عبر ابتكار الخامات المناسبة، وإعادة تدويرها، مستدركاً: "هذا لا يعني أنني ما زلت أعاني من إشكالية توفير الأدوات اللازمة".
ويطمح النباهين إلى أن يوصل عبر موهبته صوت الفلسطينيين ومعاناتهم تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي إلى العالم، كذلك أن يتخطى الحواجز والحدود، وأن يتمكن رغم الظروف الخانقة من الوصول للعالمية.
دلالات

ذات صلة

الصورة
مسيرة في شوارع واشنطن بالأكفان من أجل النساء في غزة - 17 - 10 - 2024

مجتمع

شهدت واشنطن موكباً جنائزياً ومسيرة تضامنية مع النساء في غزة، جابت شوارع العاصمة وصولاً إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية
الصورة
تجمّع عسكري إسرائيلي على حدود لبنان، 30 سبتمبر 2024 (إريك مارمور/Getty)

سياسة

بعد عام على فتح الجبهة اللبنانية تحوّل لبنان من معركة إسناد غزة، إلى الحرب الشاملة، بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتلاحقة، التي بدأت في 23 سبتمبر الماضي.
الصورة
مسرة في جامعة جورج واشنطن دعماً لفلسطين/22 أغسطس 2024(Getty)

سياسة

خرجت مسيرة احتجاجية في شوارع واشنطن، اليوم الأربعاء، تنديداً باستمرار العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وغزة.
الصورة

مجتمع

اضطرت عائلة في غزة مبتورة الأطراف إلى النزوح باتجاه مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد تدمير منزلها في مدينة رفح (جنوب) رغم صعوبة الأوضاع والحركة
المساهمون