يُقال إنّ حُمّى الأطباق الطائرة بدأت في الأربعينيات في الولايات المتحدة بعد الحرب العالميّة الثانيّة، وعند بدء الحرب الباردة. نشأت حكايات وأساطير تعيد قراءة التاريخ، وتحولت "المنطقة 51" في صحراء نيفادا إلى قبلة للمؤمنين بنظريات المؤامرة، إذ يقال مثلاً إن الاتحاد السوفييتي أرسل سفينة طائرة غريبة الشكل لتتحطم هناك، وفيها كائنات غريبة الشكل. وبعد التدقيق، اكتشف العلماء أنهم أطفال خضعوا لعمليات جراحية واختبارات طبيّة جعلتهم بشكلهم هذا، وذلك لبث الرعب في قلب مواطني الولايات المتحدة. في حين أن البعض الآخر يرى أنهم كائنات فضائيّة تتستر الحكومة عليهم. كلا التفسيرين ينتميان إلى فضاء نظريات المؤامرة، والإيمان بواحدة منها وتتبع منطقها يجعل الفرد مؤمناً بكل النظريات المشابهة، من الكائنات الفضائية التي بنت الأهرامات حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي نفذتها الولايات المتحدة ضد نفسها.
حكايات الكائنات الفضائيّة حاضرة دوماً في النصف الثاني من القرن العشرين، آلاف الفيديوهات التي تدّعي أنها رصدت UFO، والأخير هو مصطلح حربي معناه "غرض طائر غير محدد- Unidentified flying object"؛ أي أن أي كاميرا عسكريّة التقطت أي شيء يطير، من دون تحديد ماهيته يمكن تسميته بـUFO، كأكياس بلاستيكية، وحطام قمر صناعي أو طائرة ورقية.
لكن هذه الرغبة في الإيمان بحقيقة المؤامرة حولت كل شخص مع كاميرا إلى مراقب علمي لما هو موجود "في الأعلى"، وتحوّل ذلك إلى ظاهرة واسعة التأثير في الثقافة الشعبية، مئات الوثائقيات عن تلك الأطباق الطائرة، التي لا نعلم لم هي بالأصل طبق؟ لم لا تكون مربعة؟ المثير للاهتمام أيضاً أن هناك أبحاثاً علمية تدرس كيف تحصدُ هذه الأطباق المتخيّلة الجاذبية الأرضيّة للتمكن من التحرك بالشكل الغريب الذي تظهر به، أي وكأنها تطفو.
طوال السنوات الماضيّة، أنكرت الولايات المتحدة وجود كائنات فضائية وأطباق طائرة، دوماً هناك عدم تأكيد أو تشكيك في الموضوع من قبل السلطة، ونفي للصور التي يرسلها الهواة ومحبو المؤامرات، بل حتى الوثائقي الشهير الذي بث عام 2018 عن بوب لازار، الذي يدّعي أنه يفتضح حقيقة وجود الأطباق الطائرة لا يبدو مقنعاً، وكأن القضية بأكملها مجموعة من "الحكايات" التي يصدقها البعض وينفيها البعض الآخر من دون أي دلائل واضحة. والأهم والمثير للتساؤل، أن جميع هذه الصور والنظريات تتفق على شكل "الطبق" لوصف المركبات الطائرة وتتفق على شكل كائنات الفضاء بالاعتماد على الفيديو المفبرك المشهور، "تشريح كائن فضائي"، لكن لمَ مثلاً لا تكون الكائنات الفضائية خلايا شديدة الذكاء استغنت عن كل أعضائها على حساب الوجود نفسه؟
أي نقاش في هذا الموضوع ينتهي عادة بالسخرية أو الانقياد وراء أفلام الخيال العلميّ التي تهيّج المخيلة، خصوصاً أن الرفض المتكرر من قبل الولايات المتحدة للاعتراف بأي دليل على وجود "الأطباق الطائرة" يعزز لدى "المؤمنين" صحة ادّعائهم، لكن لمَ الآن؟ لمَ الاعتراف في هذا الوقت؟ لنفكر بما يحدث حالياً، جائحة عالميّة تبشر بنهاية العالم، أشخاص يؤمنون بأن الأرض مسطحة، مربي نمور ترشح لرئاسة الولايات المتحدة ويريد ترامب أن يعفو عنه، كوارث طبيعيّة، مخازن أمازون تحتلّ كل شيء، ما يحصل أشبه بحكايات عن الغضب الإلهي والسخرية التوراتيّة التي ستفني البشريّة، لكن الأهم أن كل هذه "الحكايات" تشير نحو مكان واحد؛ هناك عطب عميق في النظام الاقتصادي العالمي والسياسة الأميركيّة، الحكايات التي كانت تستخدم لـ"إلهاء" الناس أصبحت حقيقة، وما هو الشيء الذي يمكن عبره جذب انتباه الجميع من دون أن يكون هناك أي فائدة منه، "الأطباق الطائرة"، هي خطر خارجي لا يمكن التعامل معه ولا يشير إلى أي تقصير من قبل أي دولة أو حكومة سواء كانت أميركية أو غيرها.
أي تحليل بخصوص هذه الظاهرة يدخل ضمن نظام معارف المؤامرة، لكن، وبتريث، التسجيلات سبق لها أن نشرت للعلن منذ عامين من قبل "The Stars Academy of Arts & Sciences" المعنية بدراسة "الأغراض الطائرة"، وتم تداولها مسبقا، وكل ما حصل أن وزارة الدفاع هذا العام أقرت فقط بأنها نعم "أغراض غير محددة تطير في الهواء" من دون أي تأكيدات أخرى، أي أن هناك جهة رسميّة اعترفت بوجود أغراض تطير في الهواء، وليس أطباقا طائرة، وأبدى المسؤولون، وعلى رأسهم ترامب، "حماساً" بخصوص العثور على حياة هناك، بل حتى الطيارين الذين التقطوا الصور وصفوا أسلوب حركتها بأنه يتحدى الجاذبيّة، و"يبدو" أنها تمتلك خصائص تكنولوجيّة لا تستخدم من قبل كل ما هو معروف على الأرض. لكن على النقيض، يقال أيضاً إنها مركبات من معادن وفلذات تم تطويرها سراً، وهي قادرة على الطيران بأسلوب جديد، أي يمكن أن تكون اختبارات عسكريّة. الأهم أن أسلوب حركتها يشابه المغناطيس الفائق الذي يمكن صناعته في المنزل والقادر على الطفو على أسطح مُحددة ويتحرك ضمن الهواء بصورة غير مألوفة.
السؤال المتكرر دوماً، والذي يسخر من كل هذه المؤامرات: لمَ تظهر الأطباق الطائرة بهذه "الجدّية" فقط في الولايات المتحدة؟ لم لا تظهر في مصر مثلاً؟ أو في الهند؟ الإجابات تأتي أيضاً من وحي نظريات المؤامرة، إذ يقال إن هذه المناطق لا تمتلك التطور العلمي الكافي، أو أن سكانها يؤمنون بالأصل بـ"حياة أخرى" هي سبب وجودهم، فتفسيرات نظريات المؤامرة تخبرنا بأن الحضارات القديمة كلها قامت بفعل كائنات فضائيّة، بل إن سفر يوحنا اللاهوتي نفسه ليس إلا قصة اختطاف من قبل كائنات فضائية تعرّض لها يوحنا اللاهوتي وقام بوصفها، أي أن المنتج الديني والاعتقاد الشعبي ليس إلا جزءاً من هذا الغزو الفضائي.
اقــرأ أيضاً
حكايات الكائنات الفضائيّة حاضرة دوماً في النصف الثاني من القرن العشرين، آلاف الفيديوهات التي تدّعي أنها رصدت UFO، والأخير هو مصطلح حربي معناه "غرض طائر غير محدد- Unidentified flying object"؛ أي أن أي كاميرا عسكريّة التقطت أي شيء يطير، من دون تحديد ماهيته يمكن تسميته بـUFO، كأكياس بلاستيكية، وحطام قمر صناعي أو طائرة ورقية.
لكن هذه الرغبة في الإيمان بحقيقة المؤامرة حولت كل شخص مع كاميرا إلى مراقب علمي لما هو موجود "في الأعلى"، وتحوّل ذلك إلى ظاهرة واسعة التأثير في الثقافة الشعبية، مئات الوثائقيات عن تلك الأطباق الطائرة، التي لا نعلم لم هي بالأصل طبق؟ لم لا تكون مربعة؟ المثير للاهتمام أيضاً أن هناك أبحاثاً علمية تدرس كيف تحصدُ هذه الأطباق المتخيّلة الجاذبية الأرضيّة للتمكن من التحرك بالشكل الغريب الذي تظهر به، أي وكأنها تطفو.
طوال السنوات الماضيّة، أنكرت الولايات المتحدة وجود كائنات فضائية وأطباق طائرة، دوماً هناك عدم تأكيد أو تشكيك في الموضوع من قبل السلطة، ونفي للصور التي يرسلها الهواة ومحبو المؤامرات، بل حتى الوثائقي الشهير الذي بث عام 2018 عن بوب لازار، الذي يدّعي أنه يفتضح حقيقة وجود الأطباق الطائرة لا يبدو مقنعاً، وكأن القضية بأكملها مجموعة من "الحكايات" التي يصدقها البعض وينفيها البعض الآخر من دون أي دلائل واضحة. والأهم والمثير للتساؤل، أن جميع هذه الصور والنظريات تتفق على شكل "الطبق" لوصف المركبات الطائرة وتتفق على شكل كائنات الفضاء بالاعتماد على الفيديو المفبرك المشهور، "تشريح كائن فضائي"، لكن لمَ مثلاً لا تكون الكائنات الفضائية خلايا شديدة الذكاء استغنت عن كل أعضائها على حساب الوجود نفسه؟
أي نقاش في هذا الموضوع ينتهي عادة بالسخرية أو الانقياد وراء أفلام الخيال العلميّ التي تهيّج المخيلة، خصوصاً أن الرفض المتكرر من قبل الولايات المتحدة للاعتراف بأي دليل على وجود "الأطباق الطائرة" يعزز لدى "المؤمنين" صحة ادّعائهم، لكن لمَ الآن؟ لمَ الاعتراف في هذا الوقت؟ لنفكر بما يحدث حالياً، جائحة عالميّة تبشر بنهاية العالم، أشخاص يؤمنون بأن الأرض مسطحة، مربي نمور ترشح لرئاسة الولايات المتحدة ويريد ترامب أن يعفو عنه، كوارث طبيعيّة، مخازن أمازون تحتلّ كل شيء، ما يحصل أشبه بحكايات عن الغضب الإلهي والسخرية التوراتيّة التي ستفني البشريّة، لكن الأهم أن كل هذه "الحكايات" تشير نحو مكان واحد؛ هناك عطب عميق في النظام الاقتصادي العالمي والسياسة الأميركيّة، الحكايات التي كانت تستخدم لـ"إلهاء" الناس أصبحت حقيقة، وما هو الشيء الذي يمكن عبره جذب انتباه الجميع من دون أن يكون هناك أي فائدة منه، "الأطباق الطائرة"، هي خطر خارجي لا يمكن التعامل معه ولا يشير إلى أي تقصير من قبل أي دولة أو حكومة سواء كانت أميركية أو غيرها.
أي تحليل بخصوص هذه الظاهرة يدخل ضمن نظام معارف المؤامرة، لكن، وبتريث، التسجيلات سبق لها أن نشرت للعلن منذ عامين من قبل "The Stars Academy of Arts & Sciences" المعنية بدراسة "الأغراض الطائرة"، وتم تداولها مسبقا، وكل ما حصل أن وزارة الدفاع هذا العام أقرت فقط بأنها نعم "أغراض غير محددة تطير في الهواء" من دون أي تأكيدات أخرى، أي أن هناك جهة رسميّة اعترفت بوجود أغراض تطير في الهواء، وليس أطباقا طائرة، وأبدى المسؤولون، وعلى رأسهم ترامب، "حماساً" بخصوص العثور على حياة هناك، بل حتى الطيارين الذين التقطوا الصور وصفوا أسلوب حركتها بأنه يتحدى الجاذبيّة، و"يبدو" أنها تمتلك خصائص تكنولوجيّة لا تستخدم من قبل كل ما هو معروف على الأرض. لكن على النقيض، يقال أيضاً إنها مركبات من معادن وفلذات تم تطويرها سراً، وهي قادرة على الطيران بأسلوب جديد، أي يمكن أن تكون اختبارات عسكريّة. الأهم أن أسلوب حركتها يشابه المغناطيس الفائق الذي يمكن صناعته في المنزل والقادر على الطفو على أسطح مُحددة ويتحرك ضمن الهواء بصورة غير مألوفة.
السؤال المتكرر دوماً، والذي يسخر من كل هذه المؤامرات: لمَ تظهر الأطباق الطائرة بهذه "الجدّية" فقط في الولايات المتحدة؟ لم لا تظهر في مصر مثلاً؟ أو في الهند؟ الإجابات تأتي أيضاً من وحي نظريات المؤامرة، إذ يقال إن هذه المناطق لا تمتلك التطور العلمي الكافي، أو أن سكانها يؤمنون بالأصل بـ"حياة أخرى" هي سبب وجودهم، فتفسيرات نظريات المؤامرة تخبرنا بأن الحضارات القديمة كلها قامت بفعل كائنات فضائيّة، بل إن سفر يوحنا اللاهوتي نفسه ليس إلا قصة اختطاف من قبل كائنات فضائية تعرّض لها يوحنا اللاهوتي وقام بوصفها، أي أن المنتج الديني والاعتقاد الشعبي ليس إلا جزءاً من هذا الغزو الفضائي.
من وجهة نظر جدّية أكثر، ولا تقوم على تحليل حكايات المؤامرة ومنطقها، "الأغراض الطائرة غير المحددة" تختلف عن "حياة على كوكب آخر"، خصوصاً أن كلمة "حياة" شديدة الانضباط علمياً، أي يمكن بدقة تحديد ما هو "حيّ" لا بناء على شكله أو الأنشطة الثقافية التي يقوم بها، بل بناء على عمليات طبيعيّة خلويّة، فالتطور العلمي جعل الثقافي موضع جدل هائل، بل وأعاد النظر بـ"الحياة" نفسها، فما هو متداول أن هناك احتمالات لوجود أحياء دقيقة حيّة خارج كوكب الأرض، كائنات ترتيب الكربون فيها يكسبها صفة "الحياة" كما نفهمها نحن كبشر. باقي ذلك، مجرد تخمينات وحكايات تتجاوز احتمالات وجود هذه "الخلايا" نحو سفن بأكملها وحضارات بانتظار اللحظة المناسبة لتنقض علينا، وظهرت هذه الحضارات "رسمياً" فقط، حين أوشك الاقتصاد على الانهيار.