نشر محامون حقوقيون مصريون، رسالة من المعتقلين مصطفى الأعصر ومصطفى أحمد رمضان، المضربين عن الطعام بسجن طره تحقيق، واللذين أعلنا أسباب إضرابهما عن الطعام المتمثلة في "ظروف غرف التأديب القاسية وغير الإنسانية، والإهمال الطبي للمرضى من المحبوسين وسوء الأوضاع المعيشية وسوء المعاملة".
وجاء في نص الرسالة الصادرة عن المعتقلين: "لقد أعلنَّا الإضراب عن الطعام صباح يوم ٢٠١٩/٧/٢٢ وهو اليوم نفسه الذي علمنا فيه بوفاة زميلنا المحبوس عمر عادل في غرفة التأديب لعدم تحمله ظروف التأديب القاسية في هذا المناخ الحار، إضافة إلى الإهمال الطبي وعدم العناية الطبية به أو مراعاة ظروفه الصحية. ولمن لا يعلم فإن غرفة التأديب هي غرفة انفرادية أقرب ما تكون إلى القبر حيث ضيق المساحة وعدم وجود أي وسيلة للتهوية، يدخلها السجين مجردًا من كل شيء عدا طقم السجن الذي يرتديه، وينام على الأرض على بطانية واحدة مليئة بالقذارة والأمراض المستوطنة كالجرب، واستخدمها من قبله مئات وربما ألوف المساجين، ولا يُسمح له بالخروج إلا لدقائق قليلة كل يوم لكي يُفرغ فضلاته من الجردل الذي يلازمه في الغرفة، كما أن التغذية التي تمنح له لا تكفي لقطة".
وتابعا: "أُدخل عمر عادل إلى تلك الغرفة دون مراعاة لحالته الصحية حيث يعاني من ضيق في التنفس ودون مراعاة لوزنه الزائد أو لحالته النفسية، وعلى مدار يومين ظل يستغيث أنه مُتعب ولا يستطيع التحمل، فقوبلت شكواه بالتجاهل في البداية ثم فحصه أحد الأطباء وأخبره أن صحته جيدة ولا داعي لتلك (الدوشة) التي يصنعها، تعامل معه الطبيب بتهاون وإهمال واعتبره يدَّعي المرض ويزيفه. وفي اليوم الذي توفي فيه عمر شعر بقرب وفاته حين أخبر أحد الزملاء بذلك، أخبره أنه لا يستطيع التحمل ويشعر بأنه سيموت الليلة وقد صدق إحساس عمر وتوفي ويظل وضع التأديب كما هو".
ومات عادل، في 22 يوليو/ تموز الجاري، في سجن طره تحقيق بعدما وضعوه في زنزانة التأديب لمدة أربعة أيام، ولم يكن يعاني من أية مشاكل صحية.
وكان عادل، قد اعتقل عام 2014 وكان عمره 25 عامًا، ورحل وعمره 29 عامًا، وكان محكومًا عليه بالسجن 15 عامًا قضى منها 5 أعوام.
وسرد المعتقلان بعض نماذج ظروف الحبس: "لا يُسمح لنا بالخروج إلى العيادة في أي وقت، كما يتم التعامل معنا بنوع من التهاون، ولا يتوفر العديد من الأدوية بالعيادة، ولا يُسمح بدخولها في الزيارات"، و"العيادة غير مجهزة للحالات الحرجة أو تلك التي بحاجة إلي رعاية طبية مستمرة ويتم التعامل مع تلك الحالات بنوع من التسويف أو إعطاء المسكنات غير الجدية".
وأضافا أيضًا أن "أطباء العيادة يتعاملون معنا بتعالٍ وعجرفة غير مبررة وغير مفهومة ولا يستمعون إلى شكوانا بصدق واهتمام"، و"لا يتم الكشف الطبي الدقيق على السجين قبل التأشير على تسكينه بالتأديب مما يعرضه للخطر، كما لا تتم مراعاة حالته النفسية".
كما أكدا أن "المياه تنقطع أغلب ساعات اليوم، وقد تصل في بعض الأيام إلى 18 ساعة انقطاع في هذا الحر الشديد وعن غرف ضيقة يسكن كل غرفة متوسط 15 مسجونًا"، و"غير مسموح بدخول المراوح الكهربائية في هذا المناخ، وغير مسموح بدخول بعض الوسائل الترفيهية البسيطة كالكتب أو الراديو".
وأضافا أن "ملعب التريض غارق في مياه من المجاري أغلب الوقت، وهو المكان الوحيد المسموح لنا فيه بالمشي والحركة أو ممارسة الرياضة لساعتين يوميًا وأن ترى أجسادنا الشمس قليلًا، حتى هذا الحق في الحفاظ على أجسادنا من آثار الخمول وقلة الحركة أصبح غير متاح".
وقالا: "عندما يمرض أحدنا ليلًا نظل ننادي ونصرخ إلى أن يستجيب لنا الشاويش أو المخبر الموجود الذي بدوره يُبلغ عن مرض أحد المحبوسين ثم نظل في انتظار أن يأتي مفتاح الغرفة من الإدارة بالخارج ما لا يقل عن نصف ساعة، وهذه الاستجابة البطيئة قد تعرض المريض للخطر أو تفاقم حالته. فضلًا عن أن الشاويش أو المخبر المسؤول عن العنبر لا يتعاطى مع سوء الأوضاع بجدية فإذا انقطعت المياه لفترة طويلة وسألناه بحل المشكلة يكون الجواب (هعملك ايه يعني؟) الأسوأ من ذلك عندما تكون هذه اللامبالاة في التعامل مع المرضى".
وأكدا أن "الأهالي يشكون دومًا من سوء المعاملة في الزيارات من قِبل المخبرين، حتى أن أكثر من سجين اشتكى من تعرض أهله للسب أثناء الزيارة وللمهانة أثناء التفتيش والانتظار لدخول قاعة الزيارة، كما أن وقت الزيارة غير عادل وغير منظم، فبعض الزيارات قد تطول لساعة أو أكثر، بينما الزيارة التالية لها لا تتجاوز الـ 15 دقيقة".
وطالبا بـ"تجميد عقوبة التأديب أو مرونة العمل بها في ظروف المناخ السيئ أو الحالات الطبية الحرجة التي قد يتسبب التأديب بظروفه القاسية بأضرار جسمية ودائمة له، جسدية كانت أو نفسية، وضرورة إجراء كشف طبي دقيق على أي سجين قبل التأشير على تسكينه بالتأديب، وكذلك ضرورة العناية الطبية له أثناء فترة العقوبة حتى لا تتكرر مأساة عمر عادل، وتعديل شروط التأديب حيث يسمح للسجين بدخوله الغرفة ببطانية خاصة به، وإخراجه أكثر من مرة يوميًا للتهوية وقضاء الحاجة، وأن ترسل إلى غرفته وجبة طعام واحدة يوميًا لحين انتهاء عقوبته مع ضرورة وجود كمية مناسبة من المياه بالغرفة".
كما طالبا بـ"زيادة الاهتمام بالرعاية الطبية بشكل عام للمساجين كافة، بما في ذلك توفير الأدوية اللازمة بالعيادة، والسماح بدخول الأدوية غير المتوفرة بالعيادة أثناء الزيارات الأسبوعية، وجدية التعامل مع الحالات المرضية، وعدم التعامل معها بمبدأ التسويف أو المسكنات حتى لا تتضاعف الآثار المرضية، وضرورة وجود طبيب مشرف لكل عنبر يتابع حالات المساجين ومتطلباتهم الطبية، وألا يتعامل معنا أطباء العيادة بنوع من التعالي والعجرفة وأن يستمعوا لشكوانا بجدية دون تهاون منهم أو إهمال".
وطالبا كذلك بـ"تفعيل دور الضابط قائد العنبر، وضرورة وجوده بشكل دائم لمتابعة أحوال المحبوسين وشكواهم وظروفهم المعيشية مثل المياه التي تنقطع أغلب فترات اليوم ولا يتم التعامل مع الأمر بجدية أو مشاكل ملعب التريض أو المشاكل المرتبطة بمرض أحد السجناء ليلًا أو غيرها. وحل مشكلة انقطاع المياه بشكل نهائي".