الأعياد... موسم "ولاية سيناء" لضرب الأمن

13 اغسطس 2019
لا يردّ الجيش سوى على المدنيين(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي قد اعتمد أيام الأعياد كموسم لتنفيذ اعتداءات ضد قوات الأمن المصرية في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد. في السياق، حاول التنظيم فجر يوم عيد الأَضحى (أول من أمس الأحد) اغتيال مسؤول أمني بارز داخل مدينة العريش، فضلاً عن تنفيذ هجوم آخر ضد قوات الجيش غرب المدينة، كما شن اعتداءات متفرقة في مناطق عدة من المحافظة، في سيناريو مشابه للاعتداء الدموي الذي شنه في عيد الفطر الماضي، في يونيو/حزيران الماضي ضد أحد كمائن الأمن جنوب مدينة العريش، ما أدى إلى مقتل 15 ضابطاً ومجنداً.

وذكرت مصادر قبلية وطبية لـ"العربي الجديد" أن أول أيام العيد شهد محاولة اغتيال لحكمدار مديرية أمن شمال سيناء اللواء حسام توفيق، بعد أن تعرض لكمين أثناء تفقده الأوضاع الأمنية في العريش، عبر حصول إطلاق نار مباشر من اتجاهات عدة، ما أدى لإصابة اللواء بجروح متوسطة، بالإضافة إلى إصابة أمين شرطة بجروح، جرى نقلهما إلى مستشفى العريش العسكري لتلقي العلاج.
يذكر أن منصب الحكمدار في الأمن المصري يشير إلى الشخص الذي ينوب عن مدير الأمن عند غيابه، كما أنه له اختصاصات في جهاز الشرطة، أولها إدارة قوات الأمن، إذ أُسنِدَت هذه المهمة مباشرة للحكمدار، لما لها من أهمية في إدارة وتدريب قوات الأمن ونظام الإعاشة. كما يشرف الحكمدار على إدارة المرور وإدارة الدفاع المدني، والحماية المدنية، وتلك الإدارات الثلاث تخضع للحكمدار بطريقة مباشرة، ويتولى أيضاً متابعة العمل الشرطي اليومي والانتقال للحوادث الهامة، بالإضافة إلى قيادة الحملات الرئيسية التي يقوم بها الأمن لملاحقة المطلوبين وانهاء حالات الفوضى والتعدي على الممتلكات.

وردّ الأمن المصري على محاولة الاغتيال بشنّ غارات مكثفة على مناطق متفرقة جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، بالتزامن مع إطلاق قذائف مدفعية، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات، ليتحول أول أيام العيد في محافظة شمال سيناء إلى ساحة حرب حقيقية، نتيجة الأجواء التي عاشها سكان المحافظة إثر محاولة الاغتيال، التي أحدثت حالة من الإرباك في شوارع مدينة العريش، وما تبعها من غارات جوية وتحليق مكثف للطيران الحربي والاستطلاع.

وبحسب المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد" فإن تنظيم "ولاية سيناء" هاجم قوة عسكرية تابعة للجيش المصري على الطريق الدولي الرابط بين مدينتي العريش وبئر العبد، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف القوة، بعد أن تعرضت لهجوم مركب بتفجير عبوة ناسفة من ثم إطلاق نار، وهرعت قوات الجيش والإسعافات لمكان الهجوم، لنقل جثث القتلى والمصابين، ما زاد حالة القلق في صفوف قوات الأمن في كافة الكمائن والارتكازات الأمنية في المحافظة، التي شهدت في الأيام القليلة الماضية، إطلاق نار عشوائياً، وقصفاً مدفعياً تحسباً لوقوع هجمات على غرار عيد الفطر الماضي، راح ضحيتها إصابة الطفل موسى محمد من سكان مدينة الشيخ زويد، الذي أصيب بجروح بالغة بعد تعرضه لطلق نار من كمين للأمن استقر في صدره.




في السياق، ذكر باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" أن التنظيم اعتاد في الفترة الأخيرة البحث عن مواعيد محددة لتنفيذ هجماته في محافظة شمال سيناء، للفت الانتباه محلياً ودولياً لاستمرار وجوده في العمل بالمحافظة، تحقيقاً لأهداف معينة يرغب بها. وهذا ما أكدته الوقائع خلال الأشهر التي تبعت بدء العملية العسكرية الشاملة في المحافظة في فبراير/شباط 2018، إذ تركزت الهجمات الدموية للتنظيم في أوقات حساسة بالنسبة للنظام المصري، أو في المناسبات الوطنية والدينية، وآخرها في هجمات عيد الأضحى الحالي، بمحاولته اغتيال مسؤول أمني. واعتبر أنه لو نجحت العملية لاكتسحت واجهات الأخبار في غالبية وسائل الإعلام المحلية والإقليمية، كما حصل في هجوم كمين الأمن المصري في عيد الفطر الماضي، والتأثير السلبي الذي كان للهجوم على أجواء العيد في كل مصر، وليس في سيناء وحدها.

وأضاف الباحث أن الوجه الآخر لهجمات العيد يتمثل بقدرة التنظيم على تنفيذ الهجمات، رغم كل التشديدات الأمنية التي شهدتها المحافظة خلال الأسابيع القليلة الماضية، بل وقدرة التنظيم على تنفيذ هجمات توقع خسائر بشرية ومادية داخل مدينة العريش ومحيطها، رغم حالة الاستنفار الأمني والعسكري. وفي ذلك محاولة للإيهام بأن التنظيم المسلح بإمكانه تنفيذ الهجمات في كل مناطق سيناء، وفي التوقيت الذي يحدده، بالإضافة إلى أن محاولة الاغتيال تشير إلى وجود اختراق في صفوف الأمن المصري، من خلال معرفة التنظيم بزيارة المسؤول الأمني للكمين، وإطلاق النار على سيارته بشكل مباشر، واستغلال زاوية محددة لإطلاق النار، ما أدى لإصابة المسؤول من دون بقية الضباط الموجودين في المكان لحظة وقوع الهجوم، عدا عن قدرة المنفذين على الانسحاب في اتجاه لم تتمكن فيه قوات الأمن من اطلاق النار أو ملاحقتهم، ما أدى لانتهاء الهجوم من دون إصابة أي من المنفذين عوضاً عن الإمساك بهم.

في المقابل، يدفع المدنيون ثمن هجمات التنظيم مرة أخرى، بتعكير صفو أجواء العيد بحالة الاستنفار الأمني والتشديد على الكمائن، بالتزامن مع الغارات الجوية التي أحدثت الخوف والقلق في نفوس المواطنين ومنعت أعدادا كبيرة منهم من التحرك خلال أول يوم العيد، بالإضافة إلى إطلاق النار العشوائي والقصف المدفعي الذي طاول مناطق متفرقة من مدينتي رفح والشيخ زويد. وتعكس الإجراءات التي تتخذ حقيقة أن رد فعل الأمن يطاول المواطنين في ظل عدم القدرة على الوصول إلى المجموعات العسكرية في التنظيم، التي دائماً ما تنهي اعتداءاتها ثم تعود إلى مخابئها.