حذرت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، من "كارثة" في محافظة درعا، جنوبي سورية، حيث تشنّ قوات النظام عملية عسكرية للسيطرة على المنطقة، بينما ندّدت تركيا بالهجوم، وحمّلت كلاً من روسيا وإيران والولايات المتحدة جانباً من المسؤولية.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، اليوم الجمعة، إنّ المدنيين في محافظة درعا، "ربما يتعرّضون للحصار والقصف على غرار ما حدث في معركة الغوطة الشرقية" بريف العاصمة دمشق، محذراً من "كارثة".
وذكر الأمير زيد، في بيان، وفق ما أوردت وكالة "رويترز"، أنّ مكتبه لديه تقارير عن أنّ "مقاتلي تنظيم داعش يحاولون السيطرة على منطقة حوض اليرموك في محافظة درعا، ولا يسمحون للمدنيين بمغادرة المناطق الخاضعة لسيطرتهم".
وأضاف أنّ "بعض نقاط التفتيش التابعة للقوات الحكومية، تتقاضى مئات الدولارات من المدنيين لتسمح لهم بالمرور"، وناشد كافة الأطراف "توفير ممر آمن لمن يرغبون في النزوح".
وقال إنّ "هناك احتمالا كبيرا لأن يؤدي القتال المتصاعد في درعا إلى حصار الكثير من المدنيين بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة، وداعش".
وأكد الأمير زيد أنّ "لديه مخاوف حقيقية من ألا يتمكن سكان درعا من الفرار من القصف والضربات الجوية، وسط حصار يشبه ما حدث في الغوطة الشرقية".
— UN Human Rights (@UNHumanRights) June 29, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— UN Human Rights (@UNHumanRights) June 29, 2018
|
وتشنّ قوات النظام السوري، منذ نحو عشرة أيام، عملية عسكرية واسعة في محافظة درعا، انضمّت إليها حليفتها روسيا، قبل أيام، وحققت بفضلها تقدماً سريعاً على حساب الفصائل المعارضة. وكان يوم الخميس الأكثر دموية، مع شنّ عشرات الغارات الجوية التي أوقعت 25 قتيلاً مدنياً، بينهم أطفال، بحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان".
وأجبرت العملية العسكرية للنظام السوري وحليفته روسيا، في محافظة درعا، عشرات الآلاف من المدنيين على الفرار من بلداتهم وقراهم، خصوصاً في الريف الشرقي، وتوجّه معظمهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن الذي أكّد أنّه سيبقي حدوده مغلقة.
وقال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، الخميس، إنّ أكثر من 120 ألفاً فروا من ديارهم في جنوب غرب سورية، منذ بدأت قوات النظام هجومها للسيطرة على المنطقة الواقعة قرب الحدود مع الأردن، وهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
وذكر المرصد أنّ عشرات الآلاف تجمّعوا عند الحدود مع الأردن، فيما فرّ آلاف آخرون صوب الحدود مع هضبة الجولان. وقال المرصد، بحسب ما أوردت "رويترز"، إنّ "المدنيين فرّوا الآن من معظم الجزء الشرقي من محافظة درعا، حيث تتقدم القوات الحكومية".
تركيا تندّد
إلى ذلك، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، إنّ روسيا وإيران والولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية هجمات النظام جنوبي سورية.
وأضاف، خلال مشاركته في برنامج على قناة "إن تي في" التلفزيونية التركية، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول"، أنّ "المنطقة الجنوبية أدرجت ضمن مناطق خفض التصعيد في سورية بموجب اتفاق أستانة بين الدول الضامنة الثلاث: تركيا وروسيا وإيران".
واستدرك أنّ الولايات المتحدة وروسيا توصّلتا إلى تفاهم منفصل حول المنطقة، في وقت لاحق، مشيراً إلى أنّ النظام يهاجم المعارضة حالياَ جنوبي سورية، "وعلى روسيا وواشنطن إيقاف ذلك، باعتبارهما طرفا التفاهم الأخير"، بحسب قوله.
وأشار في هذا الإطار، إلى الرسالة التي قالت فصائل معارضة إنّها تلقتها من الإدارة الأميركية بشأن عدم توقّع تدخل أميركي عسكري جنوبي سورية إذا هاجم النظام المعارضة.
وحول اتفاق تركيا مع الولايات المتحدة بشأن انسحاب مليشيات "وحدات حماة الشعب" الكردية، من مدينة منبج بريف حلب، شمالي سورية، أكد جاووش أوغلو أنّ "خارطة الطريق يتم تطبيقها بشكل ناجح حالياً"، مضيفاً أنّ "الولايات المتحدة ستسترد الأسلحة التي قدمتها إلى المليشيات الكردية في منبج وشرقي نهر الفرات".
وفي وقت سابق، اليوم الجمعة، ندّدت تركيا بشدة بعمليات القصف الدامية التي يشنّها النظام السوري في الجنوب، ودعت حلفاء النظام إلى وقف الهجمات التي "تقوض" جهود التسوية.
وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي آكسوي، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس"، بأنّ "هذه الهجمات تقوّض الجهود التي تبذل في إطار عمليتي أستانة وجنيف، من أجل الحد من أعمال العنف على الأرض، والتوصّل إلى حل سياسي للأزمة".
وترعى روسيا وإيران الداعمتان للنظام السوري، وتركيا الداعمة لفصائل معارضة سورية، محادثات أستانة التي أتاحت خصوصاً إقامة أربع مناطق لـ"خفض التصعيد" في سورية.
وكان الجنوب السوري الذي يضم محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، يشهد وقفاً لإطلاق النار أعلنته موسكو مع واشنطن وعمان، منذ يوليو/تموز الماضي، بعدما أُدرجت المنطقة في محادثات أستانة برعاية روسية وإيرانية وتركية، كإحدى مناطق "خفض التصعيد" الأربع في سورية.
اجتماع في سوتشي
واليوم الجمعة، أعلنت الخارجية الروسية أنّ اجتماعاً جديداً وفق صيغة أستانة حول سورية، سيعقد في مدينة سوتشي، يومي 30 و31 من يوليو/تموز المقبل.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، للصحافيين، بحسب ما أوردت وكالة "سبوتنيك" الروسية، إنّه "عندما كنا في آخر لقاء لأستانة، قررنا أنّ اللقاء القادم سيجري في سوتشي في آخر يومين من يوليو/تموز، هذا متفق عليه بالفعل".
وأضاف فيرشينين: "سيعقد اللقاء بتلك الصيغة التي عملنا بها منذ البداية. ستكون الدول الضامنة الثلاث (روسيا وتركيا وإيران)، وسيكون هناك مراقبون، بحضور الأطراف السورية"، من دون مزيد من التفاصيل.
(العربي الجديد)