من تعز إلى عدن وحضرموت، تتصاعد وتيرة حوادث الاغتيالات والعمليات الإرهابية بالمناطق التي تُوصف بـ"المحافظات المحررة"، في اليمن، بشكل لافتٍ أخيراً، بعد نحو عامين على بدء عمليات الانتشار الأمني والعسكري لما يُعرف بـ"قوات الحزام الأمني" و"النخبة الحضرمية"، المدعومة من الإمارات، والموالية لها إلى حد كبير، فيما ترتفع وتيرة هجمات "داعش" على نحو خاص، في أكثر من محافظة يمنية.
وكانت تعز اليمنية، أمس الجمعة، أحد محطات الاغتيالات، مع تأكيد مصادر محلية في المدينة لـ"العربي الجديد"، نجاة خطيب أحد مساجد المدينة (جامع العيسائي)، عمر دوكم، وسقوط قتيل كان إلى جواره، وهو رفيق الأكحلي، بإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين، أثناء خروجهما من صلاة الجمعة، في حي المسبح. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية.
وأثارت الحادثة موجة من السخط وردود الفعل في أوساط سكان تعز، الذين اعتبروا العملية مؤشراً خطيراً على انتقال مخطط الاغتيالات ضد الخطباء وأئمة المساجد والدعاة من مدينة إلى أخرى وصولاً إلى تعز، في ظل التحديات الأمنية الكبيرة التي شهدتها الأخيرة، في الحرب المستمرة على أكثر من جبهة بين قوات الجيش الموالية للشرعية ومسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائهم، أو على صعيد انتشار المجموعات المسلحة المتعددة في مناطق سيطرة الشرعية، والتي وصل التنافس بينها من وقتٍ لآخر إلى اشتباكات محدودة. بالإضافة إلى ورود أنباء عن وجود لمسلحين يُشتبه بعلاقتهم بتنظيمي "داعش" أو "القاعدة"، في بعض مناطق المحافظة.
ومن أبرز ما أعطى حادثة الاغتيال في تعز أهمية استثنائية، أنها جاءت بالطريقة ذاتها، التي باتت في الأصل من أبرز صور الانفلات الأمني، والمتعلقة بتصفيات منظمة يتعرض لها خطباء المساجد والدعاة، وأغلبها في عدن، التي قالت الحكومة اليمنية في يناير/ كانون الثاني الماضي، إن القرار الأول فيها يعود للإمارات.
ويوم الأربعاء الماضي، أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال خطيب وإمام مسجد الرويشان في عدن، الشيخ ياسر العزي، بعد ساعات من خطف مسلحين، ساد اعتقاد أنهم تابعون لإدارة أمن عدن، لخطيب جامع آخر في مديرية كريتر. وهو أيضاً قيادي محلي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، نضال باحويرث. وقالت مصادر تابعة للحزب إن "الخاطفين يتبعون لإدارة أمن المدينة، قدموا على متن سيارة سنتافي سوداء وقاموا بإشهار الرشاشات عليه واقتياده إلى أحد السجون غير الرسمية".
وتُعدّ الاغتيالات التي تستهدف الدعاة من أبرز الملفات التي تُوضع حولها علامات الاستفهام في اليمن، وعلى وجه خاص في "المحافظات المحررة"، الخاضعة بدرجة أولى للإمارات التي تتولى بدورها واجهة نفوذ التحالف. وتشير المعلومات إلى تعرّض ما يزيد عن 20 إماماً وخطيباً وداعية للاغتيال خلال السنوات الأخيرة. وكانت الاغتيالات امتدت من عدن إلى حضرموت، مطلع مارس/ آذار الحالي، باستهداف أحد شيوخ الصوفية البارزين، بمدينة تريم، وهو الحبيب عيدروس بن سميط.
إلى ذلك، تزامنت الحوادث الأخيرة مع انفلات أمني متزايد، إذ شهدت عدن أخيراً العديد من الحوادث تبناها "داعش"، آخرها استهدف حراسة كلية الآداب الأسبوع الماضي. أما حضرموت، فقد كانت، الأربعاء الماضي، على موعد مع أحد أبرز الحوادث الدامية التي توجّهت فيها الاتهامات إلى كل من تنظيمي "القاعدة" و"داعش". وقُتل في المحافظة عشرة جنود من أفراد "النخبة الحضرمية" بكمين نصبه مسلحون في منطقة وادي حجر، في قضية تواترت حولها أكثر من رواية. وشهدت شبوة هي الأخرى، انفجاراً أودى بحياة عدد من جنود "النخبة الشبوانية".