وكشف مصدر قبلي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ أحد مسؤولي المجموعة 103 العاملة لصالح الجيش المصري واستخباراته في مدينة الشيخ زويد ويدعى "ج. أ"، وهو شقيق أحد السياسيين البارزين في المنطقة، تمكّن من التستّر على اثنين من أقربائه الناشطين في تنظيم "ولاية سيناء" طيلة الأشهر الماضية، إلى أن جرى اعتقال أحدهما ويدعى "ع" خلال حملة عسكرية للجيش جنوب الشيخ زويد، في حين لا يزال البحث مستمرا عن الشخص الآخر. ويستفيد "ج. أ" من حصانة شقيقه، وعلاقاته بالأمن لإبعاد تهمة التستر عنه.
وبحسب المصدر نفسه، فإنّ شخصاً ثانياً في المجموعة 103 ويدعى "خ. أ"، وهو نجل شيخ قبلي، على علاقة مكشوفة مع بعض عناصر "ولاية سيناء"، وهو ما أصبح واضحاً للضباط الميدانيين في الجيش المصري، إلا أنّ علاقة والده بالقيادات العسكرية والأمنية تحول دون اعتقاله أو توجيه التهمة بشكل واضح له.
وأشار المصدر القبلي إلى أنّه بسبب ذلك، ألغت قوات الجيش بشكل شبه كامل عمل هذه المجموعات المدنية، وخصوصاً في ظلّ استتباب الأمن في مدينتي الشيخ زويد والعريش بشكل نسبي، مقارنة مع عام 2015 الذي جرى فيه تشكيل هذه المجموعات. لكنه لفت إلى أنّ أثر هذه الفئة ما زال قائماً في المدن، خصوصاً في ملف متابعة المطلوبين للأمن.
وأوضح المصدر أنّ العاملين في هذه المجموعات لديهم القدرة على معرفة مواعيد الحملات العسكرية للجيش على القرى في مدينتي رفح والشيخ زويد، ما يمكنهم من إبلاغ المعنيين من أقربائهم بالهرب من مكان تواجدهم، قبيل وصول المداهمات العسكرية، وهو ما سمح بإفلات الكثيرين من قبضة الأمن أكثر من مرة.
وكان "المناديب"، بحسب التوصيف الذي يطلقه عليهم أهالي سيناء، يشاركون في الحملات العسكرية لمعرفتهم بجغرافية الأرض، وأماكن انتشار التنظيم. وأكد المصدر القبلي الذي تحدث مع "العربي الجديد"، أنّ الفائدة التي تعود على "المناديب" من خدمة أفراد التنظيم، تتمثّل في إبعادهم عن قوائم الاستهداف التي يضعها "ولاية سيناء" لأفراد هذه المجموعات، إذ اعتاد التنظيم استهدافهم بشكل مباشر على مدار السنوات الماضية، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات منهم.
وكان "العربي الجديد" كشف في تحقيق صحافي نشر في إبريل/نيسان 2018 عن أنّ الجيش عمِل على تشكيل "المجموعة 103" أو "مجموعة الموت" في بداية عام 2015، بعد تصاعد الهجمات ضد قوات الجيش والشرطة. وهي عبارة عن مجموعة مكونة من عشرات الشبان، خصوصاً من مدينة الشيخ زويد، مهمتهم مساعدة الجيش في عملياته العسكرية في مدينتي الشيخ زويد ورفح، وكان لها الدور الأبرز في جرائم قتل عدد من المعتقلين رمياً بالرصاص، بحسب ما ظهر في فيديو مسرّب قبل أشهر.
وفي التعقيب على ذلك، قال أحد مشايخ سيناء في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الجيش المصري واستخباراته حاولوا من خلال هذه المجموعات تحقيق أهداف عدة، أهمها المساعدة في السيطرة الأمنية على مدن محافظة شمال سيناء، في ظلّ جهل قوات الجيش بطبيعة المناطق، بالإضافة إلى ضرب النسيج الاجتماعي، من خلال فتح باب المشاكل العائلية والقبلية بين أبناء المحافظة، عبر الاستهداف المتبادل بين المدنيين تحت غطاء الجيش. ومن ضمن الأهداف أيضاً، وفق الشيخ القبلي، فتح المجال أمام تمرير المصالح لبعض الشخصيات المتنفذة بسيناء، إلا أنه في نهاية المطاف، انقلب السحر على الساحر، بعمل بعض أفراد هذه المجموعات بشكل مزدوج، ما أضرّ بالمنظومة الأمنية بعد أن استطاع أفراد المجموعات من الاطلاع على نشاط الجيش، وتفاصيل عمله في سيناء.
وأضاف الشيخ القبلي أنّ من المتوقّع أن يكون ما جرى الكشف عنه أخيراً جزءاً يسيراً من الضرّر الناجم عن تشكيل هذه المجموعات، ويتطلب إعادة النظر في مساهمة هذه التشكيلات في اختراق الجيش، وإيصال المعلومات للتنظيم خلال السنوات الماضية، ما أدى لإيقاع خسائر بشرية ومادية فادحة في صفوفه، بعد حصول "ولاية سيناء" على معلومات دقيقة حول تحركات الجيش وضباطه، وبشأن التمركزات العسكرية الضعيفة في مدن رفح والشيخ زويد والعريش. وفي المقابل، تقلّصت إنجازات الجيش المصري في الوصول لأفراد التنظيم أو أماكن تواجدهم، على الرغم من أنّ المهمة الأولى للمجموعات المدنية تتمثّل في المساعدة بالوصول لعناصر "ولاية سيناء"، وفق الشيخ القبلي.
يشار إلى أنّ مجموعات "المناديب" تتشكّل من مجموعة من أفراد معروفين للمواطنين، ويتجوّلون بوجوههم في الشوارع، ويفرضون قراراتهم على التجار وأصحاب المحلات، ويرافقون قوات الأمن في مهماتها بشكل علني. ومن كثرة أخطائهم، وتهجمهم على التجار، واستغلالهم لطبيعة عملهم، نشر الجيش في أكثر من مرة أوراقاً ينفي فيها مسؤوليته عن أفعال العشرات منهم، ورفع الغطاء عنهم. ويسجّل على هذه المجموعات عمليات إعدام ميداني لمواطنين من سيناء بينهم أطفال دون سن الثامنة عشرة.