قبل نحو عامين فقط لم يكن ليُصدّق أحد أن أهالي محافظة الأنبار سيوافقون على دخول القوات الأميركية محافظتهم، التي تبلغ مساحتها ثلث مساحة العراق، بعدما شاركوا جميعاً في طردها والتصدّي لها. اليوم تغيّر الوضع، وبات كثر يرحّبون بها كقوة وسط بين الحرس الثوري الإيراني ومليشيات "الحشد الشعبي" وبين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). كما دفع تخلّي حكومة حيدر العبادي عن وعودها للأنبار، الأهالي إلى اعتبار الجيش الأميركي، صاحب التاريخ السيئ ضد أهل المحافظة، بمثابة "الدواء المرّ".
وكشفت مصادر محلية عراقية مطّلعة في المنطقة الخضراء لـ"العربي الجديد"، عن تسهيلات وصفتها بـ"الكبيرة جداً" تُقدّم من الحكومة المحلية في الأنبار للقوات الأميركية المتواجدة في قاعدة الحبانية العراقية، شرق المحافظة، من أجل إكمال بناء قاعدتهم الخاصة، والتي ستُقتطع من الجزء الجنوبي للقاعدة الأم، وصولاً إلى مطار الهضبة الجوي وبحيرة الحبانية السياحية.
وكشف وزير عراقي رفيع متحدّر من الأنبار، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "قاعدة أميركية في الأنبار ستكون أمرا واقعا خلال بضعة أسابيع". وأوضح أن "وجود قاعدة أميركية في الأنبار يعني حصانة وضمانة من النفوذ الإيراني في المحافظة، كما يُشكّل ضمانة لطرد داعش من الأنبار". وأضاف أن "هناك دعما من دول مجاورة للأنبار"، في إشارة منه إلى السعودية والأردن. واعتبر أن "الأمور باتت على مسارها الصحيح بالنسبة لنا".
اقرأ أيضاً: انتقادات لعجز الحكومة العراقية عن تحرير الأنبار
وأضاف العيثاوي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أهالي المحافظة يسعون إلى تحرير محافظتهم، وعدم تركها بيد التنظيم، الذي يحاول السيطرة عليها بشكل كامل". وأكد أنّ "جهود الحكومة في هذا المجال ضعيفة، ولا يمكن الاعتماد عليها لتحرير وتأمين باقي مناطق الأنبار التي لم يسيطر عليها داعش حتى الآن".
وأشار إلى أنّ "هذا الخلل الأمني أوجد أرضية مناسبة لترحيب حكومة الأنبار بإنشاء قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في الأنبار، تتولى مهمة تحرير المحافظة وإخراج تنظيم داعش منها وإعادة النازحين". وأضاف أنّ "إنشاء القاعدة سيدفع الولايات المتحدّة إلى إرسال أعداد أكبر من جنودها إلى المحافظة، الأمر الذي سيكون له تداعيات إيجابية على أمن المحافظة، وعلى خطط تحريرها".
من جهته، رأى عضو مجلس محافظة الأنبار، محمد فرحان، أنّ "سير المعارك في محافظة الأنبار يؤشر إلى عدم قدرة الجانب العراقي على تحرير المحافظة المترامية الأطراف، والتي استطاع تنظيم داعش تدعيم وجوده فيها خلال هذه الفترة".
وأضاف فرحان، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "الواقع الميداني يؤكد أنّ المحافظة ليست بحاجة إلى قاعدة أميركية فقط، بل إلى قوات برية أميركية تتدخّل بشكل فعلي لحسم المعارك الدائرة في المحافظة". وأشار إلى أنّ "مجلس المحافظة سيرفع طلبات إلى حكومة بغداد بضرورة تدخل بري أميركي".
وأشار إلى أنّ "الوضع الأمني في محافظة الأنبار خطير للغاية، ويجب التنسيق بين القوات الأمنية وطيران التحالف، للحدّ من إمكانية تقدم التنظيم وتمدّده في الأنبار". ولفت إلى أنّ "المعارك التي تجري على أرض المحافظة لا قيمة لها، من دون التنسيق مع طيران التحالف الدولي".
وذكر أن "الحكومة سعت بكل قوتها، منذ بدء الحرب على داعش، إلى تفعيل الوجود الإيراني بشكل كبير، وإضعاف دور عشائر الأنبار، لتجعل من المحافظة ممراً لدعم نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد بالسلاح والمقاتلين العراقيين والإيرانيين". وشدّد على أنّ "أهالي الأنبار يدركون الخطر الإيراني المحدق بمحافظتهم، ويدعمون ويرحبون بإنشاء القاعدة الأميركية لتحرير الأنبار وإفشال المخططات الإيرانية".
يشار إلى أنّ فكرة إنشاء قاعدة أميركيّة في الأنبار، لاقت رفضاً كبيراً من قبل الحكومة والأحزاب الحاكمة في البلاد، والتي عدته "انتهاكاً للسيادة العراقية"، مؤكّدين قدرة القوات العراقيّة ومليشيات "الحشد الشعبي" على تحرير البلاد من سيطرة "داعش". وكانت الولايات المتحدة قد أكّدت أنّها تسعى إلى إنشاء قاعدة عسكرية في محافظة الأنبار، بغية توفير الدعم اللوجستي للمقاتلات التابعة للتحالف الدولي، والتي تشن غارات على مواقع التنظيم.
اقرأ أيضاً: تحذيرات من سياسة الأرض المحروقة في الأنبار