رأت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الاثنين، أن قرار اللجنة الوزارية للتشريع المصادقة على تقديم قانون "تسوية البؤر الاستيطانية" وتشريع هذه البؤر، بالإجماع، وبتصويت كافة وزراء "الليكود" في اللجنة، خلافًا لموقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، هو بمثابة "فوز ونصر" لوزير التربية والتعليم زعيم البيت اليهودي نفتالي بينت على نتنياهو. وهذا خصوصاً أن الأخير حاول إرجاء التصويت على مشروع الاقتراح، وطلب من وزير العدل أيليت شاكيد التي ترأس لجنة التشريع الوزاري إلغاء الجلسة ووقف عملية التصويت.
وكتبت الصحف الإسرائيلية أن القرار يُشكّل انتصارًا لبينت، والذي تمكن من تجنيد أصوات ممثلي الليكود الخمسة في اللجنة للتصويت إلى صالح المشروع. بينما كان نتنياهو يحاول تأجيل عملية التصويت بانتظار قرار المحكمة الإسرائيلية تمديد المهلة الممنوحة للحكومة لتنفيذ قرار هدم البيوت في البؤرة الاستيطانية غير القانونية (في العرف الإسرائيلي الذي يميز بين مستوطنات يدّعي أنها قانونية وأخرى يقرّ بأنها غير قانونية).
ووفقًا ليوسي فيرتير في صحيفة "هآرتس"، فإنّ نتائج للتصويت، ووقوف وزراء الليكود إلى جانب اقتراح القانون خلافًا لتعليمات نتنياهو، تُبيّن مدى الخوف الذي يتملّك وزراء الليكود من أصوات المستوطنين الأعضاء في الحزب، ومن فقدانهم لتأييد المستوطنين في الانتخابات الداخلية له.
واعتبر فيرتير أنّ تمرير الاقتراح أمس في اللجنة الوزارية يحول نتنياهو، في واقع الحال، من رئيس حكومة إسرائيلي إلى رئيس حكومة بينيت.
وحاولت صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو التخفيف من حجم الضربة التي تلقاها، عبر إبرازها لعنوان: "نتنياهو يمتنع عن استخدام حق الفيتو ضد القانون"، للإشارة إلى أنه لو كان جادًا في موقفه ضد القانون لكان أسقط الاقتراح وحال دون طرحه للتصويت.
في المقابل، اختارت "يديعوت أحرونوت" التي تتعرض بشكل دائم لهجوم من نتنياهو، أن تنشر على صفحتها الأولى صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي وبينت "رأساً برأس" وإلى جانبها اتهام نتنياهو لبينت أمس بأنه "صبياني وعديم المسؤولية ويضيع وقته على النشر في المدونات على الشبكة"، ومقابل رد بينت "من هنا المتعلق بالمدونات".
وأشارت الصحيفة في تعليق لمحللها ناحوم برنيع إلى أنّ كل الأزمة أصلاً بدأت حول عمونا لأن نتنياهو كان يسعى من وراء التأجيل للتصويت على القانون، وطلب مهلة من المحكمة لتنفيذ الهدم، وكسب الوقت، إلى حين انتهاء ولاية (الرئيس الأميركي) باراك أوباما في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
أما في تعليقها على نتائج التصويت وحقيقة تصويت وزراء "الليكود" ضد موقف نتنياهو، فاختارت "يديعوت" عنوان "إحراج لنتنياهو بالإجماع" لتقرير منفرد، في إشارة إلى أن الاعتبارات الشخصية للوزراء وخوفهم من موقف المستوطنين في الانتخابات التمهيدية لقائمة "الليكود" في الانتخابات المقبلة جعلهم يتحدون نتنياهو، ويصوتون مع الاقتراح خلافاً لموقفه المعلن.
وكتب بن كاسبيت في "معاريف" تعليقًا على ما حدث في اللجنة، قائلاً إنّ "نفتالي بينت أثبت أنه الوحيد من بين "الأبطال" في الائتلاف الحكومي، القادر فعلاً على مواجهة نتنياهو وأن "يحدق في بياض عينيه" من دون أن يخشى شيئاً، وأن ينتصر، مع أنه من المحتمل أن ينقلب انتصاره أمس إلى هزيمة لاحقاً، وأن يؤيد القرار إلى كارثة قومية وربما أيضًا أن يتحول إلى كارثة تحلّ بالمشروع الاستيطاني كلّه. لكن هذا كله لم يكن مهمًا أمس لا لنفتالي بينيت ولا لوزيرة العدل أييليت شاكيد. لقد وصلا مصممّين على تحقيق هدف، وحققاه".
وبحسب بن كاسبيت، فإنّ قرار نتنياهو التصويت أمس في اللجنة على قانون منع رفع الأذان عبر مكبرات الصوت من المساجد، كان نكاية بقرار شاكيد التصويت على قانون تسوية البؤر الاستيطانية. لأنّ شاكيد، بحسب ما بيّنه بن كاسبيت، وكذلك أيضًا وزير الداخلية، أريه درعي، يعتقدان أنّ هذا القانون "فائض عن الحاجة"، إذ أنّ بنوده المقترحة موجودة أصلاً في القانون الإسرائيلي وكل ما يتوجب فعله هو تطبيق القانون.
وفيما يرى مراقبون أنّ القانون المقترح الذي سيقدم للكنيست للتصويت عليه الأربعاء، لن يمر في نهاية المطاف، أو قد يتم إلغاؤه من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا، خصوصاً أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، أعلن عدم دستورية القانونية، إلا أنّ ما رافق التصويت عليه من مشاحنات بين نتنياهو وبينيت، من شأنه أن ينعكس سلباً، مستقبلاً، على تماسك الائتلاف الحكومي الحالي.