المزاج الشعبي الساخط، والذي غذاه التقرير المتخم بـ"الفتوحات" على مختلف الصعد، ليس جديداً، فهو استقر "سنّة أردنية" ترافق الحكومات المتعاقبة منذ لحظة صدور الإرادة الملكية بتكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة، وترتفع وتيرته بشكل مضطرد حتى رحيلها.
قوبلت حكومة الملقي، التي لا تختلف عن سابقاتها من حيث نهج تشكيلها وإدارتها، بسخط غير مسبوق، ليتصدر رئيسها في استطلاعات الرأي قائمة رؤساء الوزراء الأقل شعبية في عهد الملك عبد الله الثاني. وتبين المؤشرات أن شعبية الملقي وحكومته تواصل الانحدار بشكل غير مسبوق، وتتلاقى أمنيات المواطنين البسطاء والمسيسين وحتى السياسيين على رحيلها من دون التفكير بما بعدها.
أمام هذا الواقع، دفعت الحكومة بتقريرها، لكنها خالفت بتقييمها لنفسها الاتجاهات السائدة، ليصبح التقرير المفترض أنه ينظر إليه كسلوك إيجابي في مملكة شبه ديمقراطية، أو يثير على أقل تقدير نقاشاً موضوعياً حول محتواه، وبالاً على الحكومة وشعبيتها، ويكون على غير ما توقعت منطلقاً لهجوم أكثر حدة عليها.
قراءة التقرير الحكومي بمعزل عن وجود خطة عمل حكومية معلنة ومحددة الأهداف وقابلة للتحقيق ضمن جدول زمني محدد، ليس أكثر من ترف لا يغري الغالبية العظمى من الأردنيين، الذين يقيسون الإنجاز بمقدار انعكاسه على واقع حياتهم المعيشية.
فجأة ظهرت التعهدات التي أوردتها الحكومة في الرد على كتاب التكليف، والوعود التي قطعتها في البيان الذي أخذت عليه ثقة مجلس النواب، منجزات متحققة في تقريرها، وهي منجزات لم تنعكس على الاقتصاد الوطني المتعثر، والواقع المعيشي المتردي للمواطنين، ومستوى الحريات المتراجع، ونسب الفقر والبطالة المرتفعة.
لإدارة نقاش صحي، على الحكومة التقدم بخطة عمل قابلة للقياس، وتترك للمواطنين والمتابعين مهمة "جرد الحساب".