ويشغل موضوع غرف المقاصة حيزا جوهريا في الاقتراحات، وتعمل شركات المقاصة كوسيط بين البائع والشاري لضمان سلامة الصفقات، وتتقاضى أموالا عن هذه الخدمة، وهي بذلك تساهم في استقرار النظام المالي والحد من مخاطره، وتتركز الغالبية الكبرى لهذه الأعمال التي تتم باليورو في لندن.
وكان دومبروفسكيس عرض بداية أيار/مايو خيارين محتملين قبل تقديم مشروعه: إما تحسين إشراف السلطات الأوروبية في ما يخص كيانات دول أخرى (أي البريطانية منها عندما تخرج من الاتحاد الأوروبي)، وإما نقل مقر هذه الغرف إلى داخل أراضي الاتحاد.
وفي مقابلة نشرتها مؤخرا صحيفة "صنداي تلغراف"، حذر مدير عام بورصة لندن الفرنسي كزافييه روليه من أن ذلك "سيشكل فوضى تامة. لم يجر البحث في كافة التداعيات"، معتبرا أن المباحثات مع السلطات الأوروبية كان يجب أن تمتد لأكثر من شهر واحد.
والشهر الماضي عبر مايلز سيليك، الرئيس التنفيذي لمجموعة "ذاسيتي-المملكة المتحدة" عن غضبه بالقول "إن فرض نقل أعمال (المقاصة) باليورو سيقود إلى اضطراب وتفكك واهتزاز الثقة بالسوق".
وتابع سيليك "سيكون ذلك مدمرا للأشخاص والأعمال في بريطانيا وأوروبا. الأمر ليس في مصلحة أحد ويمكن تجنبه".
وتقدم البنوك ومديرو الأصول وشركات المقاصة في بريطانيا حالياً خدماتها للعملاء في الاتحاد الأوروبي، بموجب نظام جوازات سفر يتيح دخول السوق الموحدة.
وستضطر بريطانيا للتفاوض على شروط جديدة للتجارة مع الاتحاد الأوروبي، لكن لم يتضح ما إن كانت ستحتفظ بأي من حقوق جواز السفر، وبدون تلك الحقوق قد تنعزل البنوك في بريطانيا عن قطاع كبير من السوق الأوروبية.
وقال البنك المركزي الأوروبي في بروكسل، يونيو/حزيران الماضي، إنه من غير العدل أن يوفر الدعم المالي لشركات المقاصة التي تعمل خارج نطاق حدود التشريعات المالية للاتحاد الأوروبي، وذلك في إشارة واضحة إلى شركات الوساطة وبنوك الاستثمار التي تتخذ من مدينة لندن مقراً لها، وكانت تحظى بجواز المرور في التعاملات المالية داخل منطقة اليورو ودول الاتحاد الأوروبي.
وقال مارك بوليات، الرئيس السابق لسياسات مؤسسة "سيتي أوف لندن"، التي تدير الحي المالي المعروف باسم "سكوير مايل"، إن لندن يجب أن تبقى المقر المستقبلي لعمليات مقاصة اليورو، أي معالجة المعاملات المتعلقة باليورو.
وقال بوليات في أبريل/نيسان الماضي إن "المقاصة تجري في لندن لتوافر الخبرات (في هذا المجال)، ولأن السوق موجودة هنا. وبريكست لن يغير ذلك".
وأضاف أن "مقاصة اليورو هي أصلا لعبة كرة قدم سياسية، إلا أننا نأمل بأن تحدد النتيجة الحقائق الاقتصادية، لا الرغبة في نقل وظيفة بغاية الأهمية إلى مكان آخر".
إلا أن رئيس حي المال في لندن، جيفري مونتيفانز، دعا بلاده في شهر يوليو/تموز الماضي إلى التحرك سريعًا للحفاظ على تدفق الاستثمارات وهيمنة العاصمة على الخدمات المالية، بعد التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف مونتيفانز أنه يجب على بريطانيا أن تضمن حرية الدخول إلى سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة، بالحفاظ على ما يسمى بحقوق جواز السفر بعد خروجها من الاتحاد.
(العربي الجديد)