كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، صباح اليوم، أن وزيرة العدل الإسرائيلية، أيليت شاكيد قامت مؤخراً ببلورة حزمة من التنظيمات القانونية هدفها وضع عراقيل وقيود تردع العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، من رفع شكاوى ضد المشغلين الإسرائيليين، للمطالبة بحقوقهم العمالية والقانونية عبر المحاكم الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة إن شاكيد وقعت على تنظيمات قانونية تنص على أنه على كل من ليس مواطناً إسرائيلياً، أو يملك عقارات وأملاكاً في إسرائيل، أن يودع عند توجهه لمحاكم العمل الإسرائيلية، كفالة مالية تتم مصادرتها في حال رفضت المحكمة الدعوى التي يرفعها.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه التنظيمات القانونية (وهي تملك بحسب القانون الإسرائيلي مكانة قوانين، يسمح للوزير سنّها في مجال وزارته التي يتولى المسؤولية عنها) ستصبح سارية المفعول مع نشرها في الجريدة الرسمية. وحظيت هذه التنظيمات مع إقرارها بترحيب من قِبل المزارعين اليهود، الذين يعتبرون المشغل الأكبر للعمال الفلسطينيين من الضفة الغربية، وهم المسؤولون بحسب القانون عن تجديد تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين.
وتأتي هذه التنظيمات والمراسيم الوزارية عملياً لترسيخ حالة الاستغلال التي يقوم بها المزارعون الإسرائيليون، وخاصة في مستوطنات غور الأردن، للعمال الفلسطينيين.
وقد سبق أن نُشرت تقارير صحافية وشهادات مختلفة عن طريقة استغلال المزارعين اليهود، خاصة من المستوطنات الزراعية في غور الأردن، لحاجة العمال الفلسطينيين في غور الأردن، إلى العمل، بفعل بعدهم الجغرافي عن المدن الرئيسية في تل أبيب، وعن البلدات والمدن الفلسطينية في الداخل الفلسطيني، ويقومون بتشغيل هؤلاء العمال بأجور زهيدة دون الحد الأدنى من الأجور الذي ينص عليه القانون الإسرائيلي، والذي يفترض أن يكون سارياً أيضاً على العمال الفلسطينيين من الأراضي المحتلة.
ويستغل مزارعو المستوطنات الزراعية في غور الأردن، حاجة الفلسطينيين للعمل، من خلال خصم عمولات وبدل التصاريح للعمل من رواتبهم، ناهيك عن تشغيلهم لساعات طويلة، وحرمانهم من الحقوق الأساسية مثل التأمين الصحي والتأمين الوطني، والإجازات، ودفع بدل عن ساعات العمل الإضافية.
إلى ذلك فإن التهديد بالفصل، وسحب تصاريح العمل، من خلال الادعاء بأن العامل يشكل خطراً أمنياً، يشكل أحد أهم وسائل الضغط على هؤلاء العمال وضمان موافقتهم على البقاء في العمل وفق الشروط المجحفة بحقهم وغير الإنسانية.
ووفقاً للتجربة المتراكمة لدى سكان بلدات وقرى غور الأردن العاملين في هذه المزارع الاستيطانية، فإن محاكم العمل الإسرائيلية لا تميل إلى قبول دعاواهم وشكاواهم بحجة عدم قدرتهم على إثبات عملهم في المزارع المذكورة، إذ تبين أن المشغلين لا يسجلون العمال في سجلات العمل بشكل رسمي، وغالباً ما يتم تشغيلهم كمن عملوا بشكل متفرق وبدون مثابرة مما يفقدهم الحق بالحصول على تعويضات، عند صرفهم من العمل.
وبالرغم من هذه الظروف والتمييز ضدهم، فإن التنظيمات الجديدة، ستزيد من سهولة استغلالهم ومنع توجههم إلى المحاكم، كما أنها تمنح المشغلين الإسرائيليين ضوءاً أخضر لمواصلة الاستغلال البشع للعمال الفلسطينيين، خاصة وأن هؤلاء لا يملكون عادة بعد صرفهم وإقالتهم من أماكن العمل الإسرائيلية المبالغ المالية اللازمة لتأمين الدعاوى القضائية، وفقاً للتنظيمات الجديدة، لا سيما في حال لم يدفع المشغل الإسرائيلي لهم التعويضات عن سنوات عملهم أو لم يزودهم بقسائم ووثائق تثبت أنهم عملوا في إسرائيل.
ووفقاً للمعطيات الإسرائيلية الرسمية، فإن نحو 80 ألف فلسطيني من الضفة الغربية يعملون في إسرائيل والمستوطنات القائمة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى نحو 40 ألفاً يعملون في إسرائيل دون تصاريح عمل رسمية.