كشف تقرير لصحيفة "هآرتس"، اليوم الأحد، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي كثفت، في الفترة الأخيرة، من العراقيل التي تضعها أمام منح زوجات وأزواج الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، من أصول أوروبية وأجنبية، تأشيرات إقامة وبقاء في الضفة، دون تفسير للخطوات أو المعايير الجديدة التي يعتمدها الاحتلال، بما يهدد نحو خمسين ألف عائلة فلسطينية في الضفة الغربية، أحد الوالدين فيها من خارج الضفة الغربية، بطرد أحد الزوجين، وعدم تجديد تأشيرة الإقامة له في الضفة الغربية، بحجج مختلفة، منها أن الزوج أو الزوجة دخل الضفة الغربية عبر مطار بن غوريون، أو أنه يعمل في الضفة الغربية مع أنه ليس مواطناً، أو أن الزوج أو الزوجة يغادر الضفة لفترات مختلفة بدوافع العمل.
وقال التقرير إن العشرات من الزوجات الفلسطينيات من أصول أوروبية وغربية ممن تزوجن من فلسطينيين في الضفة الغربية، فوجئن مؤخراً بأن الإدارة المدنية للاحتلال قامت بقصر المدة الزمنية الممنوحة لهن في تأشيرة الإقامة إلى نحو ستة أشهر، علماً أن هذه التأشيرة كانت تعطى سابقا لمدة عامين، ويتم تجديدها بشكل روتيني دون شروط أو إجراءات خاصة.
ووفقا للتقرير الذي نشرته "هآرتس"، فقد بدأت المسؤولة عن هذه التأشيرات في الإدارة المدنية للاحتلال بقصر مدة التأشير، ومطالبة الزوجة "الأجنبية" بالاتصال بها ولقائها، حيث تعرض على النساء وثائق ومستندات بالعبرية يطلب منهن التوقيع عليها، مع تحذير بعدم تمديد فترة تأشيرة البقاء في الضفة الغربية لمن ترفض، أو وضع عراقيل جديدة، مثل إلزامهن بمغادرة أراضي الضفة الغربية عبر جسر النبي، والمكوث في دولة أخرى لعدة أسابيع ثم العودة، ليتضح أن كثيرات ممن وافقن على هذا الإجراء لم يسمح لهن بالعودة، ومنعن من دخول الضفة الغربية المحتلة.
وبين التقرير أن هذه الإجراءات والشروط الجديدة تأتي انطلاقا من كون دولة الاحتلال تتحكم بسجل السكان والأنفس في الضفة الغربية، وهي المسؤولة عن الدخول والخروج إلى أراضي الضفة الغربية. وتقوم سلطات الاحتلال بوضع لوائح بأسماء الزوجات والأزواج من أصول أجنبية، ومنعهم من العودة أو عدم تجديد تأشيرة مكوثهم.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه السياسة بدأت منذ الانتفاضة الثانية، حيث كانت الزوجات والأزواج من أصول عربية، وخاصة من الأردن ومصر، أول من حرموا من هذه التأشيرات، وأول من منعوا من العودة إلى الأراضي الفلسطينية وحرموا من حق لم الشمل.
وفي عام 2009 والعام الذي يليه، بدأت سلطات الاحتلال بمنع عودة هؤلاء الأزواج إلى القدس، وتحديد الأماكن التي يسمح فيها للأزواج بدخولها في الضفة الغربية، وهو ما سهل على بلدية الاحتلال في القدس المحتلة سحب الإقامة من مئات الفلسطينيين في القدس، وخاصة من زوجاتهم وأزواجهم (الأجانب)، بحجة عدم عيشهم في المدينة.
إلى ذلك، ومنذ عام 2009، يمنع الاحتلال الأزواج والزوجات من المكوث لوقت طويل في الضفة الغربية، ويمنح تأشيرات لفترات محدودة لا غير، متعللا بوجوب تقديم طلب للم الشمل، وهو ما تقرر به سلطات الاحتلال وحدها دون أي تأثير للسلطة الفلسطينية على هذه الإجراءات.
وتهدد السياسة الجديدة للاحتلال نحو 50 ألف أسرة فلسطينية في الضفة الغربية، أحد الزوجين فيها من خارج الأراضي المحتلة.
وتطورت هذه السياسة إلى إلغاء شبه كامل لإجراءات لم الشمل، مقابل وضع شروط صارمة وعراقيل كبيرة أمام فرصة منح الزوج من خارج الأراضي الفلسطينية تصريحا مؤقتا لدخول الضفة الغربية وزيارة عائلته، وسط الادعاء بوجود "معايير واعتبارات سياسية وأمنية"، وتعني بشكل خاص الأزواج والزوجات الذين يحملون جنسيات أوروبية وينشطون في فعاليات ضد الاحتلال وضد جدار الفصل العنصري.
وادعت الإدارة المدنية لحكومة الاحتلال، المسؤولة عن الضفة الغربية، في رد لها على صحيفة "هآرتس"، أن الحصول على تأشيرة لزيارة الضفة الغربية يوجب تقديم طلب وفق المعايير المحددة في "بروتوكول دخول الأجانب"، وأن هذه التأشيرات لا تتيح لمن يحصلها عليها المكوث بشكل دائم في الضفة الغربية، ومن يرد ذلك فعليه تقديم طلب لم شمل، ويتم ذلك من خلال السلطة الفلسطينية، فيما يقوم الطرف الإسرائيلي بدراسة هذه الطلبات وفقا لشروط كل طلب منها، ووفقا لسياسة الإدارة المدنية للاحتلال التي تحددها معايير سياسية وأمنية.