ليلة قاسية أخرى عاشها قطاع غزّة، استهدف خلالها الطيران الحربي الإسرائيلي منازل مدنيين فلسطينيين على امتداد القطاع بخمس وثلاثين غارة، إلى جانب أراضٍ زراعية وموقعين للمقاومة، ليبدأ اليوم الثامن والأربعين للعدوان الإسرائيلي بمجزرة وسط القطاع.
وتشير التطورات الميدانية، بخلاف التحليلات السياسية والتقديرات الأمنية، إلى أن العدوان على غزة سيأخذ شكلاً تصاعدياً، فيما تسعى المقاومة لتكون حرب استنزاف طويلة مع الاحتلال، لا تحتملها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، التي بدأت تحركات ضدّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وقال مسؤولون طبيون، إن طائرة حربية إسرائيلية أطلقت صاروخاً على الأقل تجاه منزل لعائلة أبو دجروح بمنطقة الزوايدة وسط القطاع، ما أدى لاستشهاد خمسة من أصحاب المنزل. فيما لا تزال عمليات الإنقاذ والبحث جارية للوصول لناجين تحت الأنقاض. وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، عن استشهاد الشاب عبد الرحمن حدايد من مدينة خانيونس جنوب القطاع، متأثراً بجراح أصيب بها في اليومين الماضيين بقصف إسرائيلي.
وارتفعت حصيلة شهداء العدوان على غزة إلى 2097، إلى جانب 10500 جريح لا يزال كثير منهم يتلقون العلاج في المشافي.
ونفذ الطيران الحربي سلسلة غارات على مناطق مختلفة من القطاع، وقصف أراضٍ زراعية في المغازي وسط القطاع، وبيت لاهيا شمالاً، فيما قصفت المدفعية المناطق الشرقية من المحافظة الوسطى، ولم يبلغ عن إصابات جراء القصف المدفعي. ودمر الطيران منزلاً لعائلة عقل في الزيتون جنوبي مدينة غزة، وأصيب خمسة في قصف منزل لعائلة النبيه في الحيّ نفسه.
كما أطلقت طائرات حربية أربعة صواريخ بفوارق زمنية على موقع "حطين" العسكري، التابع لـ"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، شرقي بيت لاهيا شمال القطاع.
واستهدف الطيران الحربي الإسرائيلي مبنى لبلدية القرارة جنوب القطاع، ومركزا ثقافيا تابعا لها، وأدى القصف لتدمير المبنى والمركز جزئياً. ولم تسلم المساجد من القصف الصباحي، إذ دُمّر مسجد العائدون بحيّ الشجاعية شرقي مدينة غزة، ومسجد خليل الرحمن في عبسان الكبيرة بخان يونس.
على المستوى السياسي، قال نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" موسى أبو مرزوق، في تصريحات نشرتها وسائل إعلام حركته في غزّة، إن الفصائل الفلسطينية أجمعت على أنه لا عودة لاتفاق تهدئة مع إسرائيل، مشيراً إلى جهود دولية أوروبية لوقف إطلاق النار.
وأكد أبو مرزوق أن المقاومة جربت خيارات التهدئة مع إسرائيل أكثر من مرة دون جدوى، لافتاً إلى أن الاحتلال استغلها لإعادة ما سماه بنك الأهداف. وشدّد على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم الا لغة القوة؛ وبالتالي فالمقاومة ماضية في مواجهته وفي حربها حتى تحقيق مطالبها.
وبينّ القيادي البارز بـ"حماس" أنّ المقاومة التي تقصف المستوطنات الإسرائيلية بالصواريخ، تصنع في الوقت نفسه مزيداً من الصواريخ، في إشارة لنفيّ مزاعم إسرائيل بشأن تناقص منسوب الصواريخ والذخيرة لدى المقاومة في غزّة.