خاضت قوة أميركيّة صغيرة، قوامها نحو 30 جندياً وضابطاً أول، معركتها الفعليّة الأولى ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، خلال هجوم مضاد نفّذته قوات عشائريّة وأخرى نظاميّة تابعة للجيش العراقي ضدّ تجمّعات التنظيم، التي باتت على مقربة من قاعدة عين الأسد، غربي الأنبار، في محاولة لإبعادها عن محيط القاعدة التي يوجد داخلها نحو 100 مستشار أميركي، يتولون تدريب الشرطة وأبناء العشائر وإعداد الخطط للقوات العراقية.
ويقول قائد ميداني في الجيش العراقي في محافظة الأنبار لـ "العربي الجديد"، إن "القوّة الأميركيّة المجهّزة بأسلحة خفيفة ومتوسّطة، وبمساندة مقاتلات من طراز "إف 18"، تمكّنت من إلحاق خسائر بمقاتلي التنظيم، وأجبرتهم على التراجع من منطقة الدولاب، التي تبعد 10 كيلومترات عن قاعدة عين الأسد.
ودخلت القوات الأميركيّة مع شريكتها العراقية، وفق ما يوضحه العقيد سلام ناظم لـ "العربي الجديد"، خطّ التماس مع عناصر "داعش"، واشتبكت معهم لأكثر من ساعتين، لتنجح في إبعادهم عن منطقة الدولاب، وإلحاق الخسائر في صفوفهم، في وقت وجّهت فيه مقاتلات أميركيّة ضربات عدّة مركزة على تجمّعات "داعش"، أسكتت مصادر النيران الثقيلة". ويشير إلى أنّ الاشتباكات حصلت بين الساعة الواحدة والثالثة من ليل الأحد ــ الإثنين.
وتقع قاعدة عين الأسد على بعد 90 كيلومتراً عن مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، وقد شُيّدت في نقطة التقاء قريبة بين الحدود العراقيّة السوريّة والعراقيّة الأردنيّة، وتبلغ مساحتها 26 كيلومتراً مربعاً، علماً أن نهر الفرات وبحيرات صناعية يحيطان بها من اتجاهات عدّة.
ويقول الشيخ محمود النمراوي، وهو زعيم عشائري بارز في المنطقة، لـ "العربي الجديد"، إنّ "القوات الأميركيّة تدخّلت بسبب اقتراب "داعش" من القاعدة التي يتمركزون فيها، ومن منطلق الدفاع عن النفس"، مرحّباً في الوقت ذاته بهذا التدخل، والذي آمل "ألا يكون الأخير". ويضيف: "حقّقنا تقدّماً في منطقة الدولاب، التي انسحب تنظيم "داعش" منها إلى قرى خارجها، بعد المعارك التي شاركت فيها قوة أميركيّة خاصة، وفّرت زخماً نارياً كبيراً، وفتحت محاور حول المنطقة مكّنتها من اقتحامها ومباغتة مقاتلي التنظيم".
وانسحبت القوة الأميركيّة من المنطقة، باتّجاه قاعدة عين الأسد، بعد انتهاء مهمّتها، وفق ما يوضحه النمراوي، كاشفاً عن "وعد أميركي بتزويد مقاتلي العشائر المتواجدين في تلك المنطقة حصراً بالسلاح".
ويسعى تنظيم "الدولة الإسلامية"، منذ نحو ستة أشهر للوصول إلى قاعدة عين الأسد، كبرى القواعد العسكريّة العراقيّة، غربي البلاد، بسبب أهميّتها الجغرافيّة والعسكريّة. وتنقسم القاعدة إلى جزأين، الأوّل مطار عسكري بثلاثة مدرّجات مهيّأة لهبوط مختلف أنواع الطائرات القتاليّة، والثاني عبارة عن مصانع عسكريّة ومستودعات تخزين للأسلحة.
وتعود تسمية القاعدة بـ "عين الأسد"، إلى الولايات المتحدة، إذ كانت تُعرف في زمن النظام السابق بقاعدة القادسيّة، ومنها أطلق الرئيس السابق صدام حسين 39 صاروخاً على تلّ أبيب في العام 1991، تنفيذاً لتهديد سابق توعّد به، في حال مهاجمة العراق عقب غزوه للكويت. كما استُخدمت القاعدة كمطار عسكري في حرب العراق مع إيران، بسبب موقعها المحصّن. وفي العام 2007، استضافت الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، مهنّئاً بنصر العشائر على تنظيم "القاعدة" آنذاك، ومن ثمّ الرئيس الحالي باراك أوباما، في ولايته الأولى، وكان في استقباله زعماء قبائل وشخصيّات عراقيّة بارزة.
ويسعى تنظيم "داعش" إلى السيطرة على القاعدة العسكريّة، من خلال الزحف البطيء وقضم البلدات القريبة منها بشكل تدريجي. وتعني سيطرة تنظيم "داعش"، على تلك القاعدة، فقدان العراق آخر معاقله الحكوميّة، غربي البلاد، وتهديده المباشر لأمن الأردن وقطع آخر حبال الوصل البري معها.